يختزل لنا العلاّمة أبو حامد الغزالي في عبارات مختزلة ما يمكننا قوله في سيرة سعد الله، يقول :«العلم إن أعطيته كلك، أعطاك بعضه، وإن أعطيته بعضك لم يعطك شيئا". وسعد الله من الذين أخلصوا للبحث وأنجزوا ما حققت القيم المضافة بالتضاعف للمكتبة التاريخية الوطنية. انجز الجهد الجبار في كتابة التاريخ الوطني وفي كتابة ما يشكل مرجعا للبحث في تاريخنا الثقافي فموسوعته الموسومة ب« تاريخ الجزائر الثقافي" مرجعا لا غنى عنه وجهدا جبارا لا ينجز عادة إلا من طرف فرق بحث. في مسار سعد الله التعدد والريادة ، تعدد في العطاء وريادة في كل مجال أبدع فيه. فسعد الله شعريا يذكر مع محمد صالح باويه ضمن رواد التحول في الكتابة الشعرية الجزائرية. وسعد الله دارس الأدب كان من رواد التعريف بالأدب الجزائري في الخمسينيات بمجلة الآداب وغيرها، كتب عن الشاعر محمد العيد أل خليفة وكتب متابعات عن أعمال وتجارب. ومن الخلفية الأدبية تحول إلى الدراسة التاريخية في فترة كان الالتفات فيها إلى التاريخ في صلب المعركة الوطنية وكان سعد الله من الرواد المؤسسين للمدرسة التاريخية الوطنية بعد ارهاصات حملتها كتابات مبارك الميلي وتوفيق المدني وعبد الرحمن جيلالي وغيرهم . درس التاريخ في الجامعات الأمريكية وتشبع بالمنهجية الأنكلوساكسونية الصارمة فألزم نفسه بانضباط علمي صارم وفتح الورشة لينجز طيلة حوالي نصف قرن الكثير من الأعمال، من أهمها "الحركة الوطنية الجزائرية" في أجزاء ثلاثة و«تاريخ الجزائر الثقافي" بأجزاء عشرة. وجهته كانت ثقافية فنقب وبحث وووثق بصبر وهدوء وتواضع، وواجه معاناة في مواصلة مشروعه نظرا للضغوط والمثبطات الكثيرة ... فقد مرة مخطوطاته ووثائقه وبطاقاته في مطار لندن، لكنه بعد حين تحرر من أثر الصدمة وواصل الجهد. سعد الله لم يلتفت للجحود المكرّس في بلد لم يمنحه ما يليق به من تكريم، بل أعطاه الضد، لكنه لم يلتفت ولم يستغرق في بكائيات بعض من أخذوا الجمل بما حمل لكنهم لا يحسنون سوى افتعال البكائيات والمنّ على وطن لم يقدموا له شيئا. في مسار سعد الله كباحث الدرس والنموذج لكل باحث ينشد الحقيقة، نموذج الصبر في التقصي وفي أخلاقيات البحث وصرامة الانضباط المنهجي. في مسار سعد الله تتبلور شخصية العالم بهدوئه الجليل وتواضعه الشامخ بزهد عن أعراض يتناحر في سبيله غيره وابتعاده عن ضجيج يخفي الفراغ فالصناديق الفارغة هي التي تحدث الضجيج كما يقول مثل فرنسي. سعد الله كتب الشعر والقصة والمتابعات الأدبية، كتب في التراجم وترجم وحقق وكتب المقالة والدراسة في الأدب والتاريخ وفي القضايا الفكرية والثقافية. عندما نستحضر سعد الله فإننا نستحضر مسار التأسيس للجهد الأكاديمي والجدل الثقافي، نستحضر رائدا من رواد التأسيس في ستينيات القرن الماضي .. نستحضر كتابات في المنابر الصحفية والمجلات الوطنية، ونقاشات في قاعات المحاضرات .. نستحضر سعد الله مع أصدقائه كدودو والركيبي ومصايف ومولود قاسم وإسماعيل العربي ويحي بوعزيز والمهدي البوعبدلي وسليمان داود بن يوسف ومحمد ناصر ... في جملة يمثل سعد الله الباحث الذي وهب عمره للبحث فوهبه البحث جلال العلماء.