لماذا لم يتحول المثقفون والكتاب عندنا إلى قوة اقتراح وإلى رواد تيارات ثقافية؟! سؤال طالما أرّقني وأنا أتابع هذا التطور الخطير للشللية الثقافية، سواء كانت هذه الشللية مستقوية بالمؤسسات أو بالدوائر السرية من أصحاب المصالح الضيقة... وطبعا كانت هذه الشللية بسطوتها في بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية وتحوّل قادتها إلى طغاة جدد يحاربون أصحاب المواهب بشكل خفي أو معلن وأصبح الخروج عن إرادتهم نوعا من المغامرة... ومن هنا نكتشف لماذا تعرض أصحاب المواهب الحقيقية، خاصة ممن نأوا بأنفسهم عن أوساط الشللية أو ممن رفضوا مبايعة هؤلاء الأباطرة من ذوي النزعة الإقطاعية الجديدة، إلى التهميش والتجاهل.. لقد سيطر الشلليون على الساحة الأدبية والثقافية طيلة عهود وأصحبوا يجددون مواقفهم بفعل انتهازيتهم وميكيافيليتهم بشكل عجيب ومثير.. كما أنهم حرصوا حفاظا على مصالحهم وعلى مواقع سيطرتهم على التحالفات المريبة بينهم من خلال تقديم أسماء بعضهم البعض في المحافل الثقافية ولدى دور النشر المحلية والعربية... كما تمكنوا أن يفرضوا نفاقا وخوفا في نفوس من يفكرون في مواجهتهم، لكن كل ذلك غير دائم عندما تتوفر لدى الجيل الجديد المؤمن بالحرية والإبداع الأصيل الشجاعة لفضح هؤلاء دون التفكير المؤقت في العواقب، إنها المعركة الشريفة التي يجب أن يخوضها كل مبدع أصيل غير لاهث خلف أوهام الشهرة المزيفة والمجد سريع الزوال...