«الأحياء والأموات" فيلم طويل من إخراج "باربارا ألبرت"، يروي قصة شابة تحاول التقصي عن حقيقة عائلتها، في رحلة لاكتشاف الذات تخوضها البطلة "سيتا" لتجد الأمل وتكتشف روح المسؤولية وحب الحياة.. تبقى مسألة العائلة موضوعا شيقا للنقاش، كما برهن فيلم "الأحياء والأموات" للمخرجة التي تنحدر من مدينة فيينا "باربارا ألبرت"، والذي تدور أحداثه ببرلين وتروي قصة الشابة "سيتا" التي تبدأ في التحري عن الماضي المظلم لجدها المحبوب، لتكتشف خلال ذلك البحث مدى قوتها وحبها للعيش رغم ضعف قلبها المريض. في رحلة خاصة تخوضها سيتا صاحبة ال 25 عاما، تتعمق خلالها داخل تاريخ عائلتها لاكتشاف الأسرار المخفية حول حقيقة ما حدث في الحرب العالمية الثانية، وماهية الأعمال التي تورطت فيها عائلتها. تبقى مجرد رحلة لاكتشاف التاريخ القديم لأوربا ومقارنته بعوالم المجتمع الأوربي المعاصر، حيث تنقلنا بطلة الفيلم من برلين إلى رومانيا، فيينا وغيرها من المدن الصاخبة التي ارتدت حلة جديدة محاولة نفض غبار الماضي عنها...بطريقة سوسيولوجية منمقة وسلسة يقوم الفيلم بتشريح شخصيات المجتمع وإبراز تعدد وجوهها، فعندما يموت الرجل العجوز تكتشف البطلة بعض الفيديوهات لجدها التي يروي فيها الماضي الأسود الذي تخفيه العائلة، مقتطفات من اعترافات قدمها الجندي النازي بجرائمه وزملائه في المخيمات تكشف لنا وجها آخر لشخصيته، شخصية الجندي المغتر الذي لا يأبه بالمشاعر الإنسانية بقدر ما يهمه تنفيذ أوامر قادته، ليتناسى كل هذه الأحداث ويحاول التعايش "ذلك الرجل لم يكن أنا، بل مجرد شبح يشبهني، كأنني كنت نائما طوال هذا الزمن أشاهده يقوم بالأعمال الشنيعة في حق المساجين".. الفيلم يطرح العديد من الإشكاليات المعقدة، مثل إشكالية فقد الشخص لوطنه الأم، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات على هويته، كما يحدث مع البطلة التي أبدعت في تقمص دورها الممثلة "آنا فيشر"، حيث تعرف عن نفسها بأنها (ألمانية، رومانية، أسترالية) وهذا بسبب التفكك الذي عرفته أسرتها من كثرة انتقالها من منطقة إلى أخرى... أما الإشكالية الثانية التي بني عليها الفيلم هي الشعور بالذنب والحرج من الانتماء، فالبطلة تواجه صراعا داخليا حادا، من جهة هي تحب جدها وتفتخر بعائلتها وانجازاتها، ومن جهة أخرى (وبعد اكتشافها للجرائم التي قام بها جدها) تشعر بالذنب أمام ضحايا النازية، لدرجة الإحراج من الاعتراف باسم أسرتها.