إستقطبت أعمال وإبداعات الفنانين الجزائريين الاهتمام والإعجاب في حفل تدشين المعرض الدولي للفنانين الأفارقة إحدى أهم فعاليات الطبعة ال 11 من بيينال داكار، مساء أول أمس السبت، بقرية البيينال بداكار. ويجمع هذا المعرض الذي دشنه وزير الثقافة السنغالي عبد العزيز امباي، أعمالا إبداعية جديدة ل 61 فنانا تم انجازها خصيصا للمشاركة في هذا الحدث الفني المخصص للفن التشكيلي الإفريقي المعاصر وتنوعت هذه الأعمال التي تصب في الفكرة الرئيسية للمعرض المبنية على إنتاج "مشترك" بين الرسم التقليدي والتركيبات والأعمال البصرية. وتميزت المشاركة الجزائرية في هذا المعرض بوجود 8 تشكيليين لهم حضور مميز في المحافل الدولية مثل قادر عطية ودريس وضاحي، الذي فاز أول أمس، بجائزة الراحل ليوبولد سيدار سنغول الشاعر ورئيس السنغال الأسبق مناصفة مع رسام ونحات من نيجيريا أولي أمودا (Olu Amoda). ومن الأسماء الفنية الجزائرية المشاركة في طبعة 2014 من البيينال، التي تتواصل إلى غاية 8 جوان المقبل، فيصل بغريش، ماسينيسا سلماني، كمال يحياوي وتمثل الفنانة التشكيلية أمينة منية إبداعات المرأة الجزائرية في هذا الحدث القاري من خلال أعمالها المتألقة والمشاكسة في الوقت نفسه. وقد استوقفت أعمال الفنانين الجزائريين التي كانت مميزة من الناحية التقنية والجمالية وجرأة الطرح الحضور من محترفين والعارفين بأصول هذا الفن، الذين أبدوا انبهارهم أمام اللوحة التي أبدعها دريس وضاحي تحت عنوان "بيننا"، التي أهلت صاحبها للفوز بالجائزة الكبرى للمعرض. فقد جسد هذا الفنان، الذي يعمل كثيرا على الفن المعماري في هذه اللوحة الكبيرة (200 سنتم في 300 سنتم) الإحساس بالحيرة والاختناق لدى قاطني تلك العمارات الضخمة ذات الكثافة السكانية الكبيرة من نوع "اش ال ام" (HLM)، التي انتشرت في الستينيات من القرن الماضي في عديد من المدن. وأظهر وضاحي في هذه اللوحة تأثره وإعجابه بفنانين أوروبيين كلاسيكيين وأيضا بمحمد راسم، ويؤكد بخصوص هذا العمل الذي يظهر طغيان الإسمنت على السكان لحد طمسهم، حيث لا يوجد أي حضور ملموس للأشخاص "حرصت أن يكون الجانب الجمالي من الأولويات في هذا العمل لأن سمو الرسالة لا يتناقض مع جمال العمل". واستوقف عمل الفنان قادر عطية "فندق اندباندانس" (hôtel de l'indépendance) الزوار الذين انبهروا ب "هيبه" العمل الذي فرض نفسه وسط فضاء العرض المفتوح. وقد لجأ عطية، الذي يعمل كثيرا على مفهوم "استعادة الملكية التي تأتي - حسبه - نتيجة الترميم "إلى إعادة تركيب فني ل "فندق الاندباندنس" وهي بناية توجد في الواقع وسط داكار باعتماد بقايا وأجزاء تجهيزات من الحديد. ونجح فعلا الفنان في جعل الزائر يتفاعل مع هذا العمل الذي يعبر في نظره على "فشل تجارب بعض الدول الفتية في انجاز مشاريع تسعد الناس البسطاء وهو أيضا إشارة إلى سلبيات الاستعمار التي ما زالت تأثيراتها بادية في بعض الأمور. والاهتمام والفضول نفسه عرفته أعمال الفنانة المتألقة أمينة منية العاشقة للمعمار والمدن وكمال يحياوي، الذي يتجلى في عمله المعروض تمسكه بالأصالة التي يعتبرها الطريق الأنسب نحو العصرنة. وقد تمكن هذا المعرض الذي كسب تجربة على مر الطبعات من جلب مبدعين أفارقة كبار، الذين شاركوا بأعمال متميزة مثل التونسية مريم بودربالة والمغربي علي الصافي، الذي قام بتركيب شريط فيديو بعنوان "حلقات شمال إفريقيا" في إشارة إلى فن الحلقة أو القوال شمل على تكريم لثلاثة أفلام مغاربية من بينها شريط "كم أحبكم" للمرحوم عزالدين مدور. وعرضت أيضا أعمال حديثة وجريئة لفنانين أفارقة ذوي شهرة عالمية أثبتوا تحكمهم في التقنيات الحديثة للفن التشكيلي والتركيبات والفنون البصرية مع تشبثهم بأصالتهم وواقعهم دون إنكار الآخر مثل النايجيرية ماريا كور (Maria Kure)، التي تروي في عمل تركيبي ثلاثي تاريخ قوة وتأثير المرأة في إفريقيا.