يوجد في القراءة، على الأقل في نقطة انطلاقها، شيء مدوّخ يشبه حركة صفاء عن طريقها نحاول فتح أعين الحياة المغلقة من قبل، حركة مرتبطة بالرغبة التي تشبه الاستلهام، وهي قفزة لامتناهية: أريد أن أقرأ ما لم يُكتب بعد· لكن يوجد ما هو أكثر من ذلك والذي يجعل معجزة القراءة أكثر قراءة، وهو ما يوضح لنا ربما معنى كل معجزة، ومن هنا فإن الصخر والقبر لا يصبحان فقط مالكان للفراغ الجيفي الذي نحن مطالبون بإعادة الحياة إليه رغم أن هذا الصخر وهذا القبر يشكلان الحضور المتخفي لما يجب أن يتجلى· دحرجة الصخرة، تفجيرها هو شيء رائع، ولكن ما نقوم به في كل لحظة من خلال لغة اليومي، في كل لحظة، أننا نتحادث مع هذا اللازار Lazare، الذي مات منذ ثلاثة أيام، أو منذ الأبد··· يجيبنا ويكلمنا من داخل قلوبنا· وعند نداء القراءة الأدبية، ما يجيبنا ليس باباً يسقط أو يصير شفافاً ولا حتى أقل سمكاً، ولكن على النقيض من ذلك تماماً هو الصخرة الأكثر صلابة، الأحسن ربطاً، التي تسحق الفيضان اللامحدود من الصخور التي تزلزل الأرض والسماء· ···· القراءة، والقراءة الأدبية تحديداً ليست حركة خالصة للفهم أو خبرة تحافظ على المعنى لتقذف به بعيدا بعد ذلك· القراءة تتموضع ما فوق أو ما تحت الفهم· القراءة ليست تجديد نداء لاكتشاف العمل الفريد الذي يتبدى من خلال القراءة خلف مظهر الكلام المشترك· هناك نداء، دون شك، ولكنه لا يصدر إلا عن العمل الأدبي ذاته، نداء صامت يفرض الصمت في حضرة الصخب العام والذي لا يسمعه القارئ إلا إذا أجابه، فهو يبعده عن العلاقات الاعتيادية ويوجهه نحو الفضاء الذي سيسكنه وبذلك تغدو القراءة اقتراباً واحتفاء سعيداً بسخاء العمل الأدبي، احتفاءً يرتفع بالكتاب إلى مستوى العمل، وفي الوقت ذاته يرفع العمل إلى مستوى الماهية ويجعل من الاستقبال مكان الافتنان الذي يتم فيه الإعلان عن العمل· بهذا الفهم تصير القراءة تلك الإقامة التي تتمتع ب /نعم/ الأرعن والشفاف الذي هو الإقامة· وحتى إذا فرض على القارئ الدخول في منطقة حيث ينقصه الهواء وتتهرب منه الأرض، ولو حدث ذلك، خارج كل الاقترابات الهوجاء، تغدو القراءة مشاركة في العنف المفتوح الذي هو العمل الأدبي··· لأن ال /نعم/، الأرعن هو مركز كل العواصف· وحرية هذه ال /نعم/ الحاضرة، الفاتنة الشفافة هي جوهر القراءة التي تعارض الفعل إلى جانب العمل الذي يلامس الغياب بواسطة الخبرة والإبداع وعذابات اللانهاية وعمق الفراغ الذي لا يبدأ ولا ينتهي أبداً، حركة تعرض المبدع لخطر العزلة الماهوية والكتاب إلى اللانهاية· L'espace littéraire :Maurice Blanchot Gallimard. Paris