يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد بغداد، إن الشيخ جاب الله من الذين يصرون على الإيمان بأنه أفضل من الناس جميعا وليس أتباعه فقط، وأن مشكلته الأساسية تكمن في ''الأبوية الروحية''· ألا ترى أن الشيخ عبد الله جاب الله تحول إلى ظاهرة قائمة بذاتها، فلئن كان قانون فرويد يقضي بقتل الإبن للأب، فإن ''الأب'' جاب الله حي في كل الحالات مقابل موت ''أبناءه'' من الأحزاب والجماعات؟ مشكلة الشيخ عبد الله جاب الله تنحصر في المثل العربي القائل من ركب فرسين قصم ظهره، والشيخ جاب الله لم يحاول ركوب فرسين، بل حاول ركوب كل فرس يجده في طريقه ولم ينتبه بعد أن كل السروج التي اعتلاها وجدها زلجة وسرعان ما يسقط من عليائها، فقد حاول مناطحة المرحوم الشيخ نحناح ومنافسته على قياءة الإخوان في الجزائر وفشل وحاول اللعب مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وخسر اللعبة وحاول قيادة جماعته وتمردوا عليه، وأعاد الكرّة مع من تبقى وسحبوا به البساط ويحاول اليوم وسيتكرر السيناريو من جديد، لأن مشكلة الرجل تكمن في الأبوية الروحية التي تسعى لجمع من يقتلها في النهاية وهي مشتركة بين الرجل وأتباعه، ويبقى ديدنهم من يَقمع يُقمع· هل ترى من شبيه للشيخ جاب الله في تاريخ الحركة الإسلامية أم هو ظاهرة في حد ذاته؟ النماذج المشابهة للرجل كثيرة ومصيرهم أكثر سوءا منه، إلا أن الغريب في الأمر أن مضمون الخطاب الإسلامي بنصوصه الثابتة تؤكد على التحذير من التكبر والطغيان والديكتاتورية، كما تنص على العاقبة الكارثية لمن يقود جماعة وهم له كارهون، كما تنهي عن التشهير بالآخرين، إلا أن هؤلاء يمارسون الدكتاتورية في أسوأ مشاهدها، ويفرضون أنفسهم على الآخرين بالقوة، ويتلذذون في ممارسة الفضائحية في أقذر صورها، والدليل التهم والفضائح التي ينشرونها يوميا على الملأ ويبشّرون بها الناس، لأن الخاصية الأساسية لهؤلاء هي تطبيق قاعدة وإذا خاصم فجر· في رأيك ما هي العوامل التي صنعت هذه الظاهرة، هل هو الوضع الخاص الذي مرت به البلاد سياسيا، أم هي ناتجة عن منطق صناعة الزعيم في التراث الإسلامي؟ من أهم مميزات الجيل الجديد في الحركة الإسلامية عدم القدرة على قراءة التاريخ والفشل في استيعاب الماضي، ومن هنا فإن مفهوم الزعيم انتقل إلى أدنى مستوياته وبالذات الممارسات المتخلفة، فقد حل محل الأمة والجماعة التي اختصرت فيه، ومن هنا نجد أن الحركات الإسلامية بنيت على عبقرية الزعيم وجهالة الجماعة وتقديس القائد وفقدان المشروع، ولكن سرعان ما كان البناء ينهار ويتهاوى بمجرد رحيل القائد ويتقاتل الورثة على التركة وهو ما يحدث في حركة المرحوم محفوظ نحناح، أما أتباع الشيخ جاب الله فقد سارعوا إلى ممارسة الفجور في الخصومة وهو على قيد الحياة تنفيذا للحديث الشريف والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تبسط لكم كما بسط لهم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم· كما أن ميراث النخب الوطنية ماثل والدليل ما حدث لمصالي الحاج وأتباعه في الحركة الوطنية، التي ما زالت البلاد تعاني من تبعاتها إلى اليوم· هل الفكر الإسلامي في النهاية ينحصر في ثنائية ''الشيخ والمريدين'' كما يجسدها جاب الله في الميدان السياسي؟ كما يقول المرحوم مالك بن نبي عصر ما بعد الموحدين أصبحت الحركة الإسلامية عبئا على الإسلام بمجموع ما تمارسه من التخلف، والمساهمة في تدمير الفكر الإسلامي، وتسعى إلى تشويه صورة الإسلام في نظر الآخرين إلا ما ندر منها، وهي اجتهادات تبقى على الهامش، وتقدم هؤلاء الجهال وضعاف العقول ومن ليسوا قادرين على إدارة بيوتهم والتحكم في غرائزهم ويريدون إدارة البلاد، والغريب في الأمر أن الإسلاميين يشنون حروبا شرسة على الفنانات ويسكتون، بل أصبحوا من رموز الفساد المالي والسياسي·