سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأكاديمي والناقد الجزائري د.أحمد خياط ل "الجلفة انفو" :علينا دراسة و إعادة الاعتبار لنصوص ماكس أوب فنحن موجودون فيها على هامش ملتقى راهن الأدب الجزائري بالجلفة
د.أحمد خياط "... وبما أني هنا بالجلفة ليس بالضرورة أن أبحث عن الرواية كي أدرس المنتوج الإنساني لأنها اليوم جنس أدبي يتسيد العالم بل ابحث عن الشعر الشعبي وأدرسه كتراث إنساني لهاته المنطقة نظرا لما تزخر به من شعراء في الشعر الشعبي وما يملكونه من روح و حس ..." هكذا يرى الناقد الجزائري "د.أحمد خياط " الجلفة خلال لقاءنا معه على هامش ملتقى راهن الأدب الجزائري الذي شارك فيه بمداخلة حول "علم السرد من منظور جيرار جينيت "، وهو خريج جامعة السوربون وتتلمذ على يدي جيرار جينيت وغريماس و يُدرس حاليا بجامعة تيزي وزو و هو أيضا مترجم باللغة الفرنسية والاسبانية و له العديد من الدراسات في النقد و الأدب الجزائري، وعن الأدب و الجزائروالجلفة ... كان لنا هذا الحوار معه: نبدأ بسؤال معمم ... كناقد كيف ترى واقع الأدب الجزائري ؟ الأدب الجزائري كلمة شاملة، فيها الكثير من الأجناس كالقصة و الرواية والشعر وهناك أجناس أخرى لم تكتمل بعد كما هو الحال بالقصة القصيرة جدا وبالتالي هاته الكلمة الشاملة لهذا النشاط الثقافي الواسع من الصعب جدا أن نلم به، لكن يبقى أن نقول أن فيه حركية فالتاريخ الثقافي في الجزائر حافل بالنشاط و الإبداع حتى أن هناك قادة و سياسيين كانوا يعبرون عن مواقفهم بلغة أدبية راقية جدا وجانب روحي جميل حيث اطلعت على بعض الرسائل للأمير عبد القادر والشيخ بوعمامة وهناك أيضا من بعض الرحالة الأوربيين وغيرهم من الدارسين للتراث الإنساني جاءوا هنا ليرو ما يحدث في شمال إفريقيا لهذا الحراك وهذا التراث الإنساني الذي للأسف لم ندرسه بعد. يعني أنك ترى أن دراسة التراث الإنساني حتمية مهمة لتاريخ الأدب ؟ أكيد، يجب أن ندرسها و ندونها فالمخطوطات والمراسلات لازالت موجودة، وأنا ذكرت خلال مداخلتي "علم السرد ... من منظور جيرار جينيت " عن ماكس أوب الذي كان أسير معتقل "عين اسرار" وان كنت لا أملك الكثير من المعلومات عن وجوده بالجلفة إلا أنه كتب أشياء رائعة بها وواصل الكتابة بعد هروبه من الجلفة إلى الدار البيضاء ثم إلى المكسيك و بالتالي هو ترك تراثا كبيرا نحن لم ندرسه بعد ،رغم أن هناك دراسة من قبل الأستاذة "صليحة زروقي" من الجلفة التي دُرست بجامعة وهران أطروحة بعنوان حول "ماكس أوب "شاعر الجلفة " لكن يبقى أننا لم نهتم به كما يجب، وأنا لي قصيدتين كان "ماكس أوب" كتبهما عن الجلفة و الاستعمار والألم هي قصيدة "آكلين العظام " التي كان يقصد بها المحتل الفرنسي وأخرى هي "إلهي ما كل هذه الكلاب"، ونحن فعلا نحتاج أن نعيد له الاعتبار لأننا موجودين داخل هذه النصوص. دائما ما نسمع عن مصطلحات مرتبطة كثيرا بالحداثة، كمصطلح "الأدب الحديث والمعاصر" فما رأيك ؟ الأدب نشاط إنساني وعملية متواصلة، فنحن نرى أن الوجوديين في هذه الجزئية كانت لهم مواقف جيدة رغم أنهم أضرونا كثيرا في مواقف أخرى حين قالوا أن الأدب و الفلسفة ملازمان للإنسان وهذا فعلا موقف رائع، فالإنسان يُعرف بمنتوجه والباحثون الروس قديما عندما اهتموا واشتغلوا ب "الانثروبولوجيا" و"الاثنوغرافيا" اقتنعوا في الأخير بأن التاريخ ليس بيولوجيا فنحن بشر و ما ينتجه الإنسان هو ما يستحق أن نلفت الانتباه إليه و ندرسه، و لهذا لجؤوا للنصوص الحكائية الموروثة عن التاريخ الإنساني، وبما أني هنا بالجلفة ليس بالضرورة أن أبحث عن الرواية كي ادرس المنتوج الإنساني لأنها اليوم جنس أدبي يتسيد العالم بل ابحث عن الشعر الشعبي وأدرسه كتراث إنساني لهاته المنطقة نظرا لما تزخر به من شعراء في الشعر الشعبي وما يملكونه من روح و حس بالإضافة طبعا إلى الشعر الفصيح، وإذا انتقلت إلى منطقة أخرى قد أجد جنسا أدبيا آخر يتسيد تلك المنطقة يعني هناك خصوصية ثقافية و بناء ذهني مميز يجعل الإنسان هنا بالجلفة يبدع في فن المقول أكثر وحاضرة الجلفة من الناحية الثقافية والتاريخية معروفة و يكفي أن أول رواية شفوية في شمال إفريقيا كتبت هنا في منطقة الجلفة. هناك كتاب و أدباء و شعراء اليوم بتغير العصر يستندون إلى ما يسمى بالتدوين والكتابة الإلكترونية عبر صفحات التواصل الاجتماعي مثلا لنشر إبداعاتهم... هل يمكن أن تؤثر التكنولوجيا الرقمية على الكتابة التقليدية إن صح التعبير ؟ لا أظن ذلك، في نفس الوقت قد تكون هناك إفرازات جديدة لأننا في بداية التجربة لكنها لن تغير من طبيعة الأدب والإبداع والأدباء الذين تحولوا إلى هذه الممارسة اليومية والسريعة والبسيطة لن تغيرهم هذه التكنولوجيا وربما قد تكون فرصة للحوار عن الإبداع و الأدب في حد ذاته، والشيء الذي تغير في مجال النشر الالكتروني فهو القراءة حيث كنا من قبل نمسك بالكتاب بين أيدينا لتتطور بفعل التكنولوجيا واستخدام أساليب وآليات أخرى بالاستعانة باللون و الضوء التي أصبحت من عناصر القراءة . ذكرت في بداية حديثك القصة القصيرة جدا كجنس بدأ يظهر...كيف تستشرف تجربتها ؟ لا اعتقد أنها جنس الآن، بل هي تحاول أن تكون جنسا مستقلا و هي حاليا تحسب على القصة و السرديات القصصية و هذا النوع بالتجربة قد تكون له متون جديرة بالدراسة، و ربما نحن لدينا موروث يتناول ذكاء الإنسان كقصص جحا الذي ينتصر بذكائه دائما وهو بذلك يمثل ذلك التراث العقلي للمجتمع الذكي لأنه لم يتعامل في كل مواقفه بعنف مع الناس التي تستخدم هذا السلوك كي تتغلب عليه لكن هو بكل بساطة و هدوء يكون دائما المنتصر عليهم لأنه يقبل بالتحدي والقدرات العقلية و الحكمة التي غالبا ما تكون هي المنتصرة، وهناك أيضا قصص ألف ليلة وليلة التي تنتصر فيها شهرزاد فهي لا تملك الجيوش والسيوف لكن تملك فن القول الذي تتغلب به على سفاك دماء، وبالتالي هذا النوع من القصص القصيرة جدا لاحظت أنها تتناول هذا الأسلوب وتطرح مواضيع مهمة جدا وخطيرة في واقع المجتمع تتعامل معها بحكمة وببساطة ورتابة وهدوء وهو ما يحتاج أن يوظفه الإنسان كي يواجه و دون ذلك سيؤدي إلى التهور، وعليه فان القصة القصيرة جدا ستكون مستقبلا جديرة بالدراسة.