هاهنا في هذا البيت المتواضع ، وفي هذه الغرفة التي لا باب لها، يرقد الشاب "بن رزيق" بدون حراك في حالة غيبوبة بسبب إصابته بسرطان الدم، مع أم تراقبه ليل نهار ... تمارس أمامه طقوس الصمت والألم في خشوع. فهي لم تتحرك ولم تنطق ببنت شفة طيلة ساعة كاملة قضيناها في تلك الغرفة تراقب ابنها أو بالكاد تراقبه بعين واحدة بعد أن فقدت البصر بعينها الأخرى .. تنوح أمامه في صمت حتى لا تزعج بصراخها الموجع وبكائها المر وعويلها الأليم سكانَ هذا العالم البائس ... وفي نفس الغرفة يجلس زوجها العجوز صاحب 89 سنة، المصاب بمرض السكري وضغط الدم فضلا عن الزهايكر الذي أفقده كل معرفة بما يدور حوله من أمراض وأوجاع . إنها حالة بائسة لعائلة فقيرة تسكن في حي عشوائي قرب الحي المسمى التطوري أو "الفوليتيف" بمسعد. ارتحلت منذ شهرين من منطقة "أم العظام" الى مدينة مسعد، بعد أن تدهورت حالة الابن المصاب بالسرطان. وعن أسباب تدهور حالته بهذه السرعة، أخبرنا زوج أخته أنه أصيب فجأة بانهيار عصبي بسبب طرده من مستشفى البليدة الذي كان يتابع فيه علاجه الكيميائي، حيث بات ليلتين متتاليتين تحت الأمطار ينتظر كعادته استقباله ولكن دون جدوى، وهو ما حز في نفسه و ولّد بداخله إحساسا شديدا بالظلم سبب له انهيارا عصبيا تفاقمت معاناته مع السرطان فازداد حاله سوءا ... وتطالب العائلة التي تستأجر هذا المنزل، الذي يفتقر للغاز تتمنى، بعلاج ابنها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، ومساعدتها في توفير الحفاظات له. أما معاناتهم مع الفقر فيقول صهر العائلة أنه كان يعمل كمساعد بناء في حالة توفر العمل في ورشات البناء في بعض الأيام ولكن ظروف العائلة حتمت عليه البقاء معهم لمراقبة حالة الابن و العجوز حيث يعاني البطالة بشكل دائم. وعن السكن يقول أنه قدم ملفا للسكن الريفي في بلدية "أم العظام" و لكنه ينتظر منذ سنوات دون جدوى حيث كانت كل العائلة تسكن منزلا متهالكا ملكا لعدد كبير من الورثة. ورغم أننا وجدناه صابرا وراضيا بقضاء الله وقدره متحملا عبئ عائلة زوجته بكل معاناتها رغم فقره هو كذلك، إلا أنه طالب من السلطات ومن أهل الخير بمساعدته لأن البيت مُستأجر، وهو بحاجة لكرسي متحرك لينقل المريض الى المستشفى وبحاجة الى حفاظات وأفرشة وكل ما تتطلبه الحياة الكريمة ... نداء نتمناه أن يصل إلى أهل الخير بالجلفة وخارج الجلفة ...