وجدت عائلة الشهيد (مداح بلقاسم)، نفسها محاصرة بالألم المزمن والتهميش القاتل، والذي جعلها عرضة لكل الآفات، فبين أمراض مزمنة وضيق السكن وغياب الكفيل والمعيل، تعيش هذه العائلة على حافة الهاوية، فبعد تضحيات كبيرة قدمها الشهيد (مداح بلقاسم)، لينعم أبناء الوطن بالحرية والرفاهية، كان مصير عائلته التهميش والإقصاء، فأرملته تواجه حياة بائسة وابنه الأكبر على فراش المرض في حالة صحية خطيرة زادت حدتها مع ضيق السكن الذي هو عبارة عن غرفة واحدة فقط لكل أفراد أسرة الشهيد! روزة لزامي تعيش عائلة السيد (مداح عثمان ) ابن الشهيد السيد (مداح بلقاسم)، والبالغ من العمر 62 سنة بحي لاكونكورد التابع إداريا لبلدية بئر مراد رايس ولاية الجزائر، في بيت يحتوي على غرفة واحدة ومطبخ صغير، والعائلة مكونة من ابن الشهيد وهو رب العائلة، والجدة أرملة الشهيد، والأم وثلاثة إخوة تتراوح أعمارهم بين 30 و26 و17سنة والابنة (م. د) 29 سنة، وكلهم مصابون بأمراض مزمنة وإعاقات. العائلة لم تستفد ولا مرة من إعانة الدولة ولا سكن ولا إعانة من وزارة المجاهدين رغم الطلبات المقدمة للبلدية والولاية، لكن كل الأبواب مغلقة في وجوههم، وما زاد من معاناتهم أن رب العائلة وهو ابن شهيد السيد (م.ع )، والذي يعاني حاليا من حالة صحية جد خطيرة، وهو متواجد بالمستشفى بشوفالي بمصلحة أمراض القلب وقد أجريت له عملية على مستوى القلب وهو معاق ذهنيا ومصاب بالضغط الدموي و الكلى والصرع. وحسب شهادة بنت السيد (م.ع )، روت لنا حكايتها المريرة مع رئيس البلدية السابق، الذي قدمت له طلب الحصول على السكن وهو بدوره طلب رؤية الأب (ابن الشهيد) الذي لا يفارق السرير إلا للضرورة القصوى، والعائلة فقيرة لا تملك سيارة اضطرت لنقل الأب مشيا من حي لاكونكورد إلى بلدية بئر مراد رايس، ورغم كل هذا الإجهاد النفسي والجسدي، إلا أن عزيمة ابن الشهيد في الحصول على السكن كانت كبيرة، ولكن رئيس البلدية السابق وحسبما صرح: (أن الأب يملك منزلا، مكونا من غرفة واحدة وهولا يستحق السكن ليقوم بشطب طلب الحصول على السكن بالقلم الأحمر)! ليعود ابن الشهيد المريض إلى المنزل وهو في قمة الحزن والأسى لتصرخ البنت (د.م) وتقول: (أبي تربي يتيما وحين كبر ومرض، زاد يتمه وفقره في جزائر العزة والكرامة). التدهور المتواصل للحالة الصحية لابن الشهيد دفعت بابنته للخروج عن صمتها، حيث حاولت مقابلة رئيس بلدية بئر مراد رايس لأن الطبيب المعالج قد أعلم العائلة بضرورة وضع ابن الشهيد في غرفة واحدة وحده، وهو محاط بأجهزة طبية، والغرفة هي كل ما تتوفر عليه العائلة، وكيف وأين تعيش العائلة إذا قدمت الغرفة الوحيدة للأب المريض! لاحياة لمن تنادي يا ابن الشهيد! وخلال احتجاج الآنسة (د.م) على وضعيتهم المزرية، رفض رئيس البلدية لبئرمرادرايس استقبالها بحجة انشغاله ليتركها ويخرج، لكن عزيمتها كانت كبيرة للتقرب مرة ثانية وثالثة ورابعة ولعدة أيام، ولكن رئيس البلدية تحجج بانشغاله بالانتخابات آنذاك، فقامت بتحرير شكوى باسم العائلة موجهة لرئيس البلدية ولكن الشكوى لم تلق ردا شافيا للأسرة. ومن خلال احتجاجها مرة أخرى وهذا في يوم الاستقبال قام رئيس البلدية مرة أخرى بالخروج من المكتب متحججا بالانشغال بالانتخابات الرئاسية التي شهدتها الجزائر خلال الأسبوعين الماضيين، وصرح قائلا لها: (لقد قرأت الشكوى والرد سيكون عند موظف في الأمانة العامة توجهي إليه (ليتركها وينصرف إلى انشغالاته، وكأن ابن الشهيد ليس من أولوياته. وحسب تصريحات موظف من الأمانة العامة لمكتب رئيس البلدية جاء فيها ما يلي: (لا توجد (كوطة) أي حصة سكنية لبلدية بئر مرادرايس لهذا العام وإذا وجدت ستكون لابن الشهيد الأولوية في السكن). وكما طالبت ابنة السيد (مداح عثمان) بسكن مؤقت لوضع الأب المريض ولكن الرد كان من طرف موظف بالأمانة العامة لمكتب رئيس البلدية السيد زيقم (أن حالة العائلة تشبه عدة حالات وما عليها إلا انتظار وجود حصص سكنية مخصصة لبلدية بئرمراد رايس). وفي ظل هذه الحالة المعقدة لعائلة ابن الشهيد اضطرت العائلة إلى نقله للمنزل، ووضعه في الغرفة الوحيدة محاطا بخزانة كبيرة، وسرير بطبقات عليا، وحتى الأوكسجين لا يصله والرطوبة زادت من ألمه ومعاناته، فهو يعاني من عدة أمراض مزمنة وهي الكلى والصرع والضغط الدموي وهو معاق ذهنيا، ولم تفلح العائلة في إيجاد سكن للإيجار رغم كل المحاولات، وإذا وجد مسكن فإن الإيجار يتجاوز 5 ملايين وهو مبلغ لا تحوز عليه العائلة. عائلة ابن الشهيد السيد مداح عثمان تناشد فاعلي الخير والسلطات الجزائرية من البلدية إلى الولاية إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وبالأخص وزارة التضامن، فالحالة الحرجة التي تعيشها الأسرة تستدعي تدخلا عاجلا من الوزارة المعنية لإنقاذ ابن الشهيد قبل فوات الأوان، فالوضعية الكارثية التي تعيشها أسرة الشهيد داخل هذه الغرفة هي مسؤولية الجميع وبالأخص المسؤولين، فهل من مجيب لنداء عائلة (مداح بلقاسم)؟