لا يمكن أن يقدر المرء نعمة ما لديه من صحة وعافية إلا إذا رأى مصيبة غيره، وهو حال كل من يعرف السيدة (ص) أم لأربعة أطفال معاقين حركيا وذهنيا والتي تقطن بدائرة الأخضرية ولاية البويرة. فاطمة 27 سنة، أمينة 24 سنة، عائشة 23 سنة وأصغرهم مختار 16 سنة أربعة شباب معاقين حركيا وذهنيا بنسبة 100 بالمائة، يتامى الأب منذ 10 سنوات، والذي توفي على إثر إصابته بسرطان الكبد ألزمه الفراش لمدة طويلة وتوفي بعد معاناة مريرة تاركا وراءه زوجة كبلتها الويلات بعده فهي اليوم تمارس عدة أدوار في حياتها على غرار دور الأم، فهي ربة البيت والممرضة للمعاقين الأربعة وسندهم الوحيد في هذه الدنيا. الأبناء الأربعة معاقون منذ الولادة فقد أجمع الأطباء على أن مرضهم وراثي فالشفاء أمر ميؤوس منه، فالأم المسكينة تضطر لأخذهم كل مرة إلى طبيبة خاصة من أجل إعطائهم أدوية لتهدئة الأعصاب، بالإضافة إلى هذا فإن السيدة (ص) تدفع 800دج تكلفة الفحص لكل طفل من أبنائها فهي لا تستطيع أخذهم إلى المستشفى لأنها بعيدة عنها وهي تحتاج بذلك إلى سيارة تنقلها ذهابا وإيابا وهو أمر يتعذر عليها. أما عن دخل هذه السيدة فهو لا يتعدى 13ألف دينار شهريا منحة زوجها المتوفي، كما أن البنات الثلاث يتقاضين منحة المعاقين التي تقدر ب 4000دج شهريا، أما الابن الأصغر فليس له الحق فيها لأنه لم يبلغ سن الرشد بعد، فهذه المنحة لا تكفيهم لشراء الحفاظات التي يبلغ سعرها ما بين 500دج إلى 1600دج للكيس الواحد حسب الحجم، ويوميا تغير أربع حفاظات للطفل الواحد أي أنها تحتاج لتغيير16 حفاظة في 24 ساعة. أصيبت السيدة (ص)بورم على مستوى اليدين وذلك من جراء استعمالها الكثير لماء جافيل من أجل تنظيف ملابس أبنائها المرضى، فلم تعد تستطيع تحريكهما إلا أن الله عزوجل يسخر لعباده دوما المعين والسند من عنده، فقد ساعدها ذوي البر والإحسان في إجراء عملية ليديها المريضتين والتي تكللت بالنجاح في الأخير، كما اقتنوا لها غسالة حتى تتمكن من غسل ملابس أبنائها دون أن تتضرر يداها المعلولتان، ومع كل المعاناة التي تعرفها هذه المرأة فالزمن لم يرحمها والبشر أيضا فهي تعرضت لعدة مرات للطرد من المنزل الذي تقطن فيه بحجة أنه منزل وظيفي استفاد منه زوجها. حين كان عاملا، وبما أنه توفي فقرر المدير طردها منه، وقد تعرضت للطرد التعسفي لأكثر من ثلاث مرات لولا وقوف أهل الخير بجانبها فلولاهم لكانت الآن متشردة في الشارع رفقة أبنائها المعاقين. ومع كل ما تعيشه هذه المرأة من محن و ضيق إلا أنها تحمد الله دوما على الحال الذي تعيشه وتطمح دوما أن يجزيها الله عزوجل في صبرها على أطفالها بإدخالها الجنة احتسابا لمعاناتها، فكل ما تريده من ذوي البر والإحسان مساعدتها في اقتناء الحفاظات لأبنائها لأنها غالية الثمن وأصبحت تثقل كاهلها، ومن يريد مساعدة الأم وأبنائها المعاقين ما عليه إلا الاتصال بالجريدة والله لا يضيع أجر المحسنين.