ارتكز نقاش ندوة أمس المنظمة بمركز «الشعب» للدراسات الاستيراتيجية حول اقدمية مشكلة دول منطقة الساحل واستهدافها من طرف الغرب بحكم امتلاكها لثروات طبيعية كبيرة، وإقحام مكاتب استخباراتية أمريكية وفرنسية في بعض الدول الإفريقية لزرع البلبلة ومحاولة الاستحواذ على ثروات الدول الإفريقية وعلى رأسها النيجر والمالي. هذا ما ذهب إليه الخبير الجزائري سراي عبد المالك في تدخله، مفيدا أن مشكل منطقة الساحل قديم منذ تنظيم مؤتمر الدول الإفريقية أين بثت روسيا معلومات عبر القمر الصناعي، تصور الثروات الطبيعية الهائلة كالبترول والغاز المكتنزة بأراضي دول الساحل بما فيها الجزائر. مما دفع الدول الغربية لاسيما فرنسا وأمريكا أضاف سراي إلى التفكير في الطريقة الأنسب التي تسمح لها باستنزاف تلك الثروات التي ستنقذ الاقتصاد العالمي من الأزمات في الخمسين سنة القادمة، مستعملة في ذلك تقنيين ساميين من كنداوفرنسا وتوظيفهم كأمناء بمكاتبها الاستخباراتية التي انشاتها في نيجيريا وبوركينا فاسو والسينغال للتجسس على تلك الدول في سنوات الثمانينات. وقد أثنى الخبير على مجهودات الديبلوماسي الراحل فرحات زرهوني في التحذير من الاستخبارات الأجنبية في المنطقة. موضحا بان تعريف الساحل يختلف من تنظيم دولي إلى آخر. وفي هذه النقطة أبدى منشط الندوة الدكتور الياس بوكراع المدير العام للمركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، تأييده للطرح الذي قدمه سراي قائلا أن الهدف الرئيسي لبعض الدول العظمى هو عزل الجزائر عن المنطقة وإبعادها عن القيام بدورها الفعال بالمنطقة وعن طريق تحريض بعض الدول الإفريقية والمغاربية وعلى رأسها دولة المغرب الشقيق بالتشويش على كل المبادرات التي تقوم بها بلادنا في سبيل إخراج المنطقة من المشاكل. وقد ارجع مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب ، في رده على سؤال يتعلق بمؤامرات فرنسا لتحطيم استيراتيجية الجزائر في محاربة الإرهاب بدول الساحل إلى عدة أسباب على رأسها الأسباب التاريخية بين البلدين ، وعدم تقبل فرنسا لاستقلال بلادنا وثانيا وصول نيكولا ساركوزي لسدة الحكم بفرنسا وعلاقاته المتوترة مع أوروبا ومستوى الشعبية المتدني الذي وصل إليه وسط الشعب الفرنسي ومعه صعود اليمين المتطرف الذي يخرج في كل مرة ملف للتشويش على العلاقات الجزائرية - الفرنسية. زيادة على الاستثمارات الفرنسية ببلادنا حيث تجد الكثير من المشاكل على غرار الدول الأخرى نتيجة التشريعات التي أقرتها الجزائر لحماية اقتصادنا الوطني. ولم ينف المتحدث المسؤولية الكبيرة للحكومات الإفريقية في المشاكل التي تتخبط فيها منطقة الساحل بسبب غياب الديمقراطية وفتح الحقل السياسي. وبالنسبة لإمكانية تحول السودان إلى مذبحة بإفريقيا مستقبلا أكد الدكتور بوكراع أن هذا البلد هو إعادة عامة لكل ما يحدث، وان الجزائر استغلت في هذه الناحية في سنوات العشرية الدموية ، داعيا إلى وجوب اليقظة والحيطة. وان استيراتيجية مكافحة الإرهاب ضرورية في الوقت الراهن. ويعتقد مدير المركز الإفريقي للبحوث حول الإرهاب أن السبيل الوحيد لمحاربة التدخل الأجنبي بالمنطقة هو إرساء اقتصاد حقيقي يرتكز على الإنتاج الوطني وتحقيق نسبة نمو معتبرة مع التقليل من الاستيراد، وبالتالي ستكون الدول الإفريقية قوية اقتصاديا مما سيقطع الطريق أمام التدخلات الغربية. من جهته، أوضح الأستاذ حريتي عبد العزيز أن العوامل الأساسية لاستفحال الإرهاب بالمنطقة هي داخلية نظرا لغياب الحرية والديمقراطية داخل الأنظمة الإفريقية التي تقوم بأسلوب الوصاية على عقلية المواطن في الساحل. مضيفا أن هذه المنطقة عبارة عن تناقض فمن جهة الدول الإفريقية غنية بالثروات في حين شعوبها تعاني الفقر. ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة تغيير الوضع الداخلي بدول الساحل قبل إخراج القوات الغربية. وهنا عقب المحاضر قائلا أن الديمقراطية ليست معيارا لنجاح الدول بحكم أن الدول العظمى الحالية كالصين واندونيسيا وتايلاندا وكذا اليابان لم تصل إلى ما وصلت إليه من تقدم اقتصادي وتكنولوجي عن طريق استعمال الديمقراطية، مشيرا إلى ضرورة توخي الحيطة في كل ما يقال عن أن الوصول إلى الديمقراطية يؤدي بالضرورة إلى التنمية الاقتصادية. قال الديبلوماسي الصادق بوقطاية في تدخله أن ضعف الدول الإفريقية لمواجهة آفة الإرهاب بالمنطقة هو الذي دفع الجزائر إلى العمل العسكري لتطهير المنطقة من هذه الآفة الخطيرة، وان هناك محاولات عديدة منذ البداية لبعض الدول الغربية للتشويش على بلادنا في مساعيها النبيلة عن طريق تحريض فرنسا للمغرب والتحجج بان هذه الأخيرة مطلة على دول الساحل وقادرة على محاربة الظاهرة ، مؤكدا أن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي رفعت قرار منع دفع الفدية للجماعات الإرهابية المسلحة، لأنها تملك الخبرة والاستيراتيجية الفعالة لمواجهة الظاهرة وجمع القوات من المالي والنيجر وموريطانيا بحكم وجودها في منطقة الساحل. وأضاف بوقطاية أن الدول التي تحاول التشويش على بلادنا لن تنجح في مؤامراتها، لان الطرح الجزائري أقوى وما على الدول الإفريقية الالتزام بما قدمته بلادنا، مشيرا إلى أن المخدرات قادمة من المغرب التي تنتج وتصدر هذه المادة السامة وتحصل على 7 مليار دولار كمداخيل. ويحاول النظام المغربي إغراق الجزائر في المخدرات عبر وضع استيراتيجية دقيقة ومدروسة.