جيرارد: التعاون بين البلدين سيحولهما إلى قطبين للتطور والاستقرار في منطقة المتوسط شكل اللقاء الذي جمع مابين الولاة الجزائريين والمحافظين الفرنسيين، تحت إشراف وزيري داخلية البلدين حلقة جديدة لوضع أسس شراكة ترقى ومستوى طموحات البلدين، بدوي اغتنم الفرصة للتأكيد على ضرورة تفعيل اللامركزية لخلق الثروة في التنمية وتوفير وسائل العمل لتبادل الخبرات والعمل على المستوى الأمني بالنظر إلى حجم التهديدات الحالية، في حين أشاد جيرار كولومب، بدور الجزائر في تعزيز الأمن بالمنطقة من خلال موقعها من قضية مالي ودعمها لمسار الأممالمتحدة فيما تعلق بالأزمة الليبة، مبرزا قدرة البلدين على تأسيس قطب إستقرار وسلم في البحر الأبيض المتوسط، إنطلاقا من التحديات الأمنية التي تستدعي التنسيق الثنائي. لقاء ولاة الجمهورية بنظرائهم الفرنسيين الذي ترأسه مناصفة وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نور الدين بدوي ونظيره الفرنسي وزير الدولة وزير الداخلية، جيرار كولومب،الذي جرت فعالياته بالمركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر العاصمة، عبد اللطيف رحال، كان فرصة لإثراء وتعزيز المبادلات ذات الاهتمام المشترك بين وزارتي الداخلية على مستوى البلدين فيما تعلق بالحكامة المحلية لا سيما في مجال التنمية الاقتصادية للإقليم و تسيير المراكز الحضرية الكبرى وكذا تسيير حالات الأزمات والمخاطر. بداية اللقاء كانت بكلمة افتتاحية لوزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، أكد خلالها أهمية هذا الاجتماع الذي من شأنه أن يبعث بمشاريع تعاون جديدة بين البلدين، فاللقاء يقول بدوي: «يشكل إطارا أنسب لتعميق التعاون الثنائي بين البلدين، والذي رسم معالمه رئيسا بلدينا، عبد العزيز بوتفليقة وإيمانويل ماكرون... هدفه وضع أسس شراكة إستراتيجية دائمة تكون في مستوى الطموح»، داعيا لتعزيز ميكانيزمات التشاور الدائم على مختلف المستويات للتسريع في وتيرة الشراكة. ضرورة التأهب والتعاون لمجابهة التهديدات الأمنية وعرج بدوي على التذكير في مداخلته، بدرجة التعاون التي بلغتها المديرية العامة للأمن الوطني ونظيرتها والتي أكد أنها دليل يقول بدوي: «على التنسيق في كل المجالات سواء من حيث تثمين وتأهيل المورد البشري أو من حيث توفير وسائل العمل الأكثر نجاعة أو على المستوى من خلال تبادل الخبرات والتنسيق على المستوى الأمني..». هنا يرى بدوي أنه وبالنظر للبعد الإنساني والاجتماعي الذي يربط البلدين: «ممثلا في جالية جزائرية بحضور قوي في فرنسا وتواجد هام لمواطنين وشركات فرنسية في الجزائر، فنحن مطالبون بتعميق أكبر لتعاوننا الأمني فأمن كل من بلدينا يبدأ في البلد الآخر وحوض البحر الأبيض المتوسط بقدر ما يشكله كأكبر منطقة للتعاون الدولي فهو أيضا أكبر المناطق المتميزة برهانات أمنية واسعة ومتنوعة، من هجرة غير شرعية، وشبكات التهريب والاتجار في المخدرات والإرهاب والجريمة العابرة للأوطان...»، كلها يضيف بدوي رهانات أصبحنا نعي جيدا حجم التهديدات التي تمثلها وهو ما يسر لنا توثيق تعاوننا وتنسيقها الأمني الذي هو على ما أعتقد في أحسن أحواله». وبعد أن نوه بالمجهودات التي يقوم بها مسؤولو وإطارات الدائرة الوزارية لجيراد كولومب أبرز بدوي أن نفس التوجه فيما تعلق بنوعية التبادلات التي تتم بين المديرية العامة للحماية المدنية ونظيراتها من المصالح الفرنسية، وهي تؤكد حسب بدوي الذي أوضح قائلا: «مجال واسع ومتعدد بالنظر لخصوصيات كل من الإقليمين وتنوع المخاطر الكبرى التي تتعاطى معها مصالحنا المشتركة... وهو ما استدعى منا بذل المزيد من الجهد من أجل عصرنة وسائل مصالحنا وتثمين قدرات قواتنا وبرامج تعاوننا مع المصالح الفرنسية والتي تشكل أحد أهم أوجه الأعمال التي نقوم بها». وأبرز الوزير الجزائري، أن البرنامج المتكامل الذي أعدته الوزارة في مجال تكوين وتنمية الموارد البشرية يعتمد في شق منه على تبادل الخبرات والتعرف على تجارب الغير في مجالات متعددة مبديا استعدادا أكبر في ترقية هذا الجانب أكثر بالنظر إلى الآفاق التي تتيحها المبادلات في مجال التكوين والبحث. بدوي اعتبر التعاون اللامركزي يتجلى في عديد مشاريع التوأمة التي تربط جماعات إقليمية جزائرية بنظيرتها الفرنسية وهو ينم عن إرادة قوية وصادقة لتعزيز روابط الصداقة بين هاته الجماعات الإقليمية من خلال تثمين مضامينها وتوسيع آفاقها. وفي الأخير أبدى بدوي، تفاؤلا فيما يخص النتائج التي سيتمخض عنها هذا اللقاء، قائلا: «أنا متأكد أن المبادلات التي ستتم بين السادة الولاة والمحافظين ستثمر مشاريع تعاون جديدة وستحدث الديناميكية المرجوة لنفس ثان في صرح تعاوننا الثنائي»، مؤكدا أنه وبالنظر إلى أوجه التشابه التي لازالت تميز العديد من المجالات في تسير الشأن المحلي تقارب طبيعي من شأنه أن يساعد على وضع برامجنا التعاونية في سياقاتها الإستراتيجية والتاريخية المرجوة.. إشادة بدور الجزائر في تعزيز الأمن من خلال موقعها تجاه مالي وأزمة ليبيا ليفسح بعدها المجال للوزير الفرنسي جيرارد كولومب الذي ركز في مداخلته على الشق المتعلق ببسط الأمن بحوض الأبيض المتوسط، بدعوته للتأهب والتعاون بين البلدين لمجابهة التهديدات الأمنية المحدقة بالمنطقة، مشيرا أن الجزائروفرنسا طرفين فاعلين من أجل إعادة خلق منطقة سلم ورقي وتنمية، حيث أكد في هذا الإطار قائلا: «البلدان يمكنهما أن يصبحا فاعلين يساعدان على إعادة خلق منطقة سلم ورقي وتنمية حول حوض المتوسط»، مضيفا «أعتقد أن تحالفا عميقا بين البلدين قد يغير وجه العالم بهذه المنطقة». كما أثنى جرارد على جهود الجزائر لإقرار السلم في المالي و ليبيا قائلا: «أود أن أشيد بالتزام الجزائر حول هذه المسائل، لا سيما دورها المحوري في استعادة السلم في مالي ودعمها للمسار الذي تقوده الأممالمتحدة من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا». واغتنم جرارد الفرصة لبعث دعوة لتعزيز التنسيق بين الجزائروفرنسا لإحباط مخططات الشبكات الإرهابية والإجرامية في المنطقة، موضحا: «جهود الجزائر أساسية للمساهمة في قهر الإرهاب بالمنطقة للحيلولة دون بروز أقاليم ينعدم فيها القانون على حساب الدول والشعوب والسلم»، مشيرا إلى أن هذه المناطق التي ينعدم فيها القانون تشجع على الاتجار غير الشرعي بالأسلحة والتهريب وكذا شبكات الهجرة والإجرام قائلا إنه على الجزائروفرنسا تعزيز تنسيقهما من أجل إفشال شبكات تمرير المهاجرين غير الشرعيين المزدهرة على حساب بؤس الإنسانية. وفي هذا المقام أشار جرارد كولومب إلى أن البلدين يسعيان في ظرف دولي مضطرب إلى استحداث قطب للاستقرار والرقي والتنمية على ضفتي المتوسط وبخصوص لقاء الولاة، المحافظين الفرنسيين الذي وصفه ب»المفيد للغاية معربا عن أمله في أن يكون مستقبلا متبوعا بلقاءات أخرى. الأمر يتطلب حسب تصريحات جيرارد، ترك الماضي والعمل على ترقية مجالات التعاون وتطوير العلاقات إلى ما هو أفضل من شأنها أن تسمح بكتابة صفحات جديدة بعيدا عن صفحات التاريخ التي كتبت مواضيع مأساوية، حيث أكد قائلا في هذا السياق: «علينا أن نواصل معا كتابة الصفحات الجديدة لكتاب يسمح للبلدين بمواصلة المضي قدما وحمل رسالة سلم وأخوة وتضامن وتنمية لجميع بلدان ضفتي المتوسط وهذا هو هدف زيارتي إلى الجزائر وصداقتنا». وفي نفس الاتجاه، دعا الوزير الفرنسي لأن يأخذ التعاون بين إدارات البلدين طابعا يوميا ملتزما بعمل كل ما في وسعه لتكون العلاقات أكثر ليونة وفعالية بين مسؤولي إدارات الجزائروفرنسا، حيث باشرت مصالح مفتشيات البلدين والولاة دورة تعاون مكثف لا سيما حول تدقيق الحسابات ومخاطر العمل الإداري، مضيفا أن العديد من إطارات البلدين استفادوا من تكوين وتبادل خبرات. ولدى تذكيره أن الشراكة بين الجزائروفرنسا تمس العديد من القطاعات أوضح جرار أن التعاون يجب أن يكون على الصعيد المؤسساتي موضحا في هذا الشق أنه وإن كانت الظروف مختلفة إلا أن تحدياتنا هي نفسها و»لدينا الكثير لنتعلمه من بعضنا البعض» وهو «محور هذا اللقاء» يقول الوزير الفرنسي. اللقاء فرصة لإرساء سياسة اتصال فعالة وناجعة وكان في أجندة لقاء ولاة الجمهورية مع نظرائهم الفرنسيين 3 محاور شملت، الجاذبية والتنمية الاقتصادية والإقليم، تسير موارد الحضارية الكبرى، ومختلف الأزمات والمخاطر الكبرى وقد تجسدت هذه الشراكة اللامركزية بالتعاون بين عدة مدن جزائرية وفرنسية كعنابة و دانكيرك وسطيف وليون وأدرار ولاجيروند والجزائر العاصمة وباريس ووهران وبوردو، وركز المشاركون في مختلف الورشات التي نظمت خلال اللقاء على مواضيع ذات صلة مباشرة بالتنمية المحلية وكيفية العمل على الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد، فضلا عن تنظيم المراكز الحضرية وعرض بعض التجارب والأمثلة الناجحة في التسيير المحلي في كلا البلدين. وأكد الأمين العام لوزارة الداخلية والجماعات المحلية صلاح الدين دحمون في كلمة اختتامية أن هذا اللقاء كان فرصة تطرق فيها المشاركون إلى كيفية إدارة المخاطر الكبرى وكيفية إرساء سياسة اتصال فعالة وناجعة، حيث كان جسرا بامتياز لترقية التعاون وتبادل الشراكة بين الجزائروفرنسا وتبادل الخبرات وفقا لتعليمات رئيسي البلدين وكذا استمرارا للديناميكية الإيجابية التي تميز التعاون الثنائي بين الإدارات المسؤولة عن الداخلية في البلدين.