أكد أول أمس، أحمد أويحي، الوزير الأول استمرار فتح مسار المصالحة الوطنية في وجه التائهين وسط دوامة الإرهاب، ليتوبوا ويستفيدوا من رحمة الجمهورية حتى تجفف منابع العنف التي تطال الجزائر وشعبها، حيث دعاهم إلى تبني هذا الخيار الذي حسم فيه الشعب بأغلبية ساحقة، ملتزما الوقوف بحزم للخطب الدينية الغريبة والدخيلة عنا أو أي ممارسات أخرى، مع تسليط عقوبة ردعية لأي محاولة تسعى لتحويل المسجد عن مهمته التوحيدية . وجه أحمد أويحي الوزير الأول خلال عرضه بيان السياسة العامة على نواب المجلس الشعبي الوطني، عرضا مستفيضا حول أداء الحكومة طيلة الثمانية عشر شهرا الفارطة ومضمون برنامج الاستثمارات العمومية للخماسي الراهن الذي يمتد على غاية آفاق عام 2014، دعوة للشعب الجزائري للتحلي باليقظة أمام أي محاولة إرهابية جبانة تهدد سلامة الأرواح والممتلكات، مبرزا إرادة الدولة القوية في مواصلة رفع تحدي القضاء على آثار الإرهاب الغادر بعد أن تم هزمه ومكافحته، والذي قال أنه تعزز بتبني الشعب لخيار المصالحة والتزم بحماية المواطنين من خطر الإرهاب . ووقف أويحي عند الحرص الكبير على تنفيذ جميع الإجراءات القانونية التي نص عليها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كاشفا عن آخر حصيلة متعلقة بمعالجة ملفات الأزمة الأمنية، مشيرا إلى أنه لم يتبقى سوى 35 ملف خاص بفئة المفقودين من بين 6478 ملفا. وذكر في سياق متصل، انه يجري في الوقت الحالي تسوية الملفات العالقة مع عائلات هذه الفئة. أما بخصوص العائلات التي قال أنها ابتليت بضلوع أحد أقاربها في الإرهاب والتي ناهزت 13332 لم يبقى عالقا منها سوى 57 ملفا، وفيما يتعلق بعملية معالجة ملفات المسرحين عن العمل في إطار المأساة الوطنية التي قدر عدد ملفاتها بنحو 10400 ملف أسفرت عدم الفصل في الوقت الراهن في 23 ملفا فقط . وخلص الوزير الأول إلى القول في هذا المقام، إلى سهر الحكومة وعزمها في تعزيز وحدة الشعب الجزائري، لتكريس أمن واستقرار حقيقين للجزائر وتثبيط أي مؤامرة تدبر ضدها . وحذر أويحي بلغة شديدة اللهجة من المحاولات التي تسعى لإدخال خطب دينية غريبة أو ممارسات مخالفة لتقاليدنا أو تحويل المسجد عن مهمته التوحيدية، متوعدا المتورطين بتسليط عقوبة ردعية، مع الاستمرار في تكريس حرية العقائد. ويرى أويحي أن التمعن المستمر في ثورة نوفمبر المجيدة والعرفان لأبطالها الأفذاذ عامل جوهري في تعزيز وحدة وتماسك الشعب الجزائري، وتطرق كذلك إلى إسهامات الجزائريين في الثقافة العربية والإسلامية والإفريقية، مستشهدا باحتضان مدينة تلمسان عاصمة الحضارة الإسلامية في غضون مطلع السنة المقبلة، حيث ستتحول عاصمة تكرس ثقافة السلم والعلم والتآخي. وتوقع الوزير الأول، أن يساهم تاريخنا المجيد في تعزيز مسار المصالحة الوطنية ومصالحة الجزائريين مع الذات والوطن وحث الأجيال الجديدة على التشبع بالروح الوطنية . وأعلن أويحي في الشق المتعلق بتعزيز دولة الحق والقانون عن طريق الأشواط المعتبرة التي تم قطعها في إطار إصلاح مسار العدالة ومضاعفة عدد قوات الأمن والدرك الوطنيين عن التقليص في معدل انتشار الجريمة بنسبة 30 بالمائة . ولم يخف أويحي أن مكافحة الرشوة والمساس بالممتلكات العامة التي أودعت بشأنها ملفات على مستوى العدالة واستقطبت اهتمام الرأي العام تعرضت إلى محاولات استغلال سياسي . وأثنى على النصوص القانونية الجديدة والتي يعول عليها في تعزيز الترسانة القانونية الجزائرية في مجال مكافحة الجريمة الاقتصادية، وكل ما تعلق بالاتجار بالمخدرات وتبييض الأموال يتصدرها قانون مكافحة الفساد وقانون حركة رؤوس الأموال عبر الحدود، مع تعزيز دور مجلس المحاسبة وقانون النقد والقرض، وكلها تصب في إطار تعزيز محاربة محاولات المساس بحقوق الخزينة العمومية وحقوق العمال . وبلغة تحمل الكثير من التفاؤل يرى أويحي أنه من شأن التشريع الجديد الخاص بالمعاملات التجارية، الذي ينص على إجبارية الفوترة واحترام هوامش الربح في التخفيف من حدة المضاربة على مستوى الأسواق والانعكاس بشكل إيجابي على القدرة الشرائية للمستهلك . ومن بين الخطوات الإصلاحية التي قال المسئول الأول عن الجهاز التنفيذي أن الحكومة ستستمر في السهر على تجسيدها، عصرنة الإدارة عن طريق تعميم التكنولوجيات الحديثة وتعزيز دور الجماعات المحلية عن طريق مراجعة قانوني البلدية والولاية . وأكد الوزير الأول من خلال تقييمه لم تم إنجازه ميدانيا، أن أهداف البرنامج الخماسي المنقضي تجسدت في الواقع وخير دليل على ذلك على حد تقديره تزكية الشعب الجزائري للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة في آخر استحقاقات رئاسية بالأغلبية الساحقة . وحول البرنامج الخماسي الجديد الذي سطرت فيه استثمارات عمومية ضخمة، قال انه من شأنه مواصلة تعميق مسار الإصلاحات وتعزيز التنمية البشرية يتسنى فيها للجزائر من تحقيق قفزة حقيقية لبناء اقتصاد متنوع وقوي عن طريق التجند السياسي وعلى صعيد المجتمع المدني بعيدا عن اللامبالاة والشعبوية.