تحوّلت ظاهرة ارتفاع أسعار الخضر والفواكه بولاية بومرداس وكغيرها من ولايات الوطن إلى هاجس فعلي للمواطنين، خاصة وأنّها تتزامن مع بعض المناسبات الوطنية والدينية التي تزيد من أعباء وتكاليف أرباب الأسر، الذين يجدون أنفسهم في كل مرة ضحية لهذه الابتزازات المفضوحة من قبل التجار والمضاربين، الذين يتحكّمون في عملية البيع والشراء داخل أسواق الجملة ومناهضة كل محاولات تشجيع طريقة البيع المباشر سواء بين الفلاح وبائع التجزئة أو مع المستهلك مباشرة. ربط عدد من تجار بيع التجزئة للخضر والفواكه الذين تحدّثت إليهم «الشعب» عن قضية ارتفاع الأسعار رغم الوفرة التي حققتها الولاية هذه السنة في مختلف المنتجات هذه الأزمة «إلى استمرار تحكّم المضاربين والتجار، الذين يملكون مربعات داخل أسواق الجملة سواء بسوق خميس الخشنة أو السوق الجديد لتيزي وزو، الذي يموّل جزءا كبيرا من بلديات بومرداس الشرقية، الذين يحتكرون النشاط وفرض ضغوطات على الفلاحين الذين يقصدون هذه الأسواق من أجل التخلص من السلعة سريعا تجنبا لعملية التلف، وبالتالي تراجع أسعارها مقارنة مع السلع الطازجة الجديدة، ثم إعادة بيعها أحيانا بأثمان مضاعفة، خاصة إذا كان العرض قليلا أمام كثرة الطلب، حسب قول بعض التجار والموزعين الذين يقومون بتموين محلات التجزئة. كما دفعت هذه الظاهرة التي شوّهت قطاع التجارة وفشل كل الإجراءات المتخذة لمراقبة سير الأسعار ومحاربة المضاربين الذين يحترفون عملية الاحتكار وتخزين بعض السلع كثيرة الطلب خلال المناسبات عدد من الهيئات والمنظمات المتهمة بحماية المستهلك، وحتى اتحاد التجار، إلى»المطالبة بتوسيع المعاملات المباشرة بين المنتجين والمستهلكين عن طريق توسيع مبادرة الأسواق الجوارية والفضاءات المفتوحة كالتي قامت بها مديرية التجارة بالتنسيق مع الاتحاد المحلي للعمال الجزائريين بفتح سوق جواري بعاصمة الولاية، ساهم بشكل كبير في استقرار الأسعار وأبعد شبح السماسرة والمضاربين». هذا وكان رئيس اتحاد التجار والحرفيين قد دعا «إلى أهمية فتح مزيد من الأسواق الجوارية بسبب العجز في مثل هذه الفضاءات التجارية التي تعاني منه البلديات»، مشيرا إلى «أن قطاع التجارة بالجزائر بحاجة إلى أزيد من 600 سوق جواري بإمكانها المساهمة تقريب المنتوج من المستهلك والقضاء على الحلقة السوداء للسماسرة الذين يسيطرون حاليا على أغلب التعاملات مستغلين نقص الرقابة وفوضى النشاط..». يذكر أنّ ولاية بومرداس استفادت من عدة مشاريع لإنجاز أسواق جوارية ومغطّاة كلّفت بها مؤسسة «باتيميطال»، لكن أغلبها لم يجسّد لأسباب مختلفة وهو ما أثّر بشكل كبير على واقع قطاع التجارة، الذي لم يستطع التحرر من قبضة المضاربين، وبالتالي يبقى المستهلك في ظل هذه الظروف تحت رحمة هؤلاء إلى حين تقديم مقترحات بديلة لتنظيم القطاع وترقيته باعتباره على علاقة يومية ومباشرة مع المواطن.