يقول أحد الظرفاء: «في الفكاهة راحة للنفوس إذا تعبت وكلّت، ونشاط للخواطر إذا سئمت وملّت»، لأنّ النفوس لا تستطيع ملازمة الأعمال بل ترتاح في تنقل الأحوال، فإذا عهدناها ببعض الطرائف الفكاهية والنوادر الضاحكة، عادت إلى العمل بجدّ ونشاط. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الطرائف الفكاهية، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 كان لأحد الظرفاء أربعة أصدقاء، فقدم عليه رسولهم في يوم بارد وليست له كسوة تقيه لسعة البرد، فقال له الرسول: إخوانك يقرأون عليك السلام ويقولون لك: ذبحنا شاة سمينة فاشته ما نطبخه لك ونحن في انتظار تشريفنا بحضورك. فكتب إليهم يقول: قالوا اقترح شيئا نطبخه قلت أطبخوا لي جبة وقميصا فذهب الرسول إليهم ودفع لهم الرسالة، ثم عاد ومعه أربعة أثواب وأربع جوائز مالية في كل واحدة 10 دنانير، لبس أحد الأثواب وذهب إليهم. 2 كان أبو دلامة عيشي وهو في حالة سكر، أمر المهدي أن يحبس مع الدجاج. في الليل طارت السكرة وجاءت الفكرة، ورأى نفسه بين الدجاج فصاح: يا صاحب البيت؟ فقال له السجان: ما لك يا عدو اللهّ؟ فقال: لماذا أنا مع الدجاج؟ فقال له السجان: أعمالك الخبيثة، أتى بك أمير المؤمنين وأنت سكران، فكتب أبو دلامة إلى المهدي: أقاد إلى السجن بغير ذنب كأني بعض عمال الخراج ولو معهم حبست لهان الأمر ولكن حبست مع الدجاج لما قرأ المهدي هذه الأبيات، أمر بإطلاق سراحه وأمر بالمثول بين يديه، ثم قال له: ماذا كنت تصنع في بيت الدجاج؟ قال أبو دلامة: كنت أقوقي معهن! ثم أمر له بجائزة مالية وكسوة فاخرة. 3 جاءت امرأة إلى أحد القضاة وقالت له: مات زوجي وترك ولدا وامرأة وأهلا، فقال القاضي: لولده اليتم ولامرأته الخلف، ولأهله القلة والمهانة، والمال يحمل إلينا حتى لا تقع عليه خصومه!! 4 أقام أحد الولاة الحد على سكران وكان طويلا، فلم يتمكن الجلاّد من ضربه، فقال له: تقاصر حتى ينالك الضرب، فقال الرجل: ويلك إلى طعام تدعوني، واللّه وددت لو كنت أطول من الزرافة وكنت أقصر من يأجوج ومأجوج؟!