الظروف الإستثنائية التي تمر بها تونس حاليا، نتيجة إفرازات ثورة ''الياسمين'' والجهود التي تبذلها السلطات التونسية لترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي ونشر مظلة الأمن والأمان تجعل التردد يكون حاليا سيد الموقف ويفرض نفسه بقوة الى أن يأتي ما يثبت العكس، وذلك ليس ببعيد حسب المؤشرات والمعطيات التي يلاحظها الزائر لهذا البلد الشقيق. واقع السياحة في الوقت الراهن لا يبعث على التفاؤل ولكنه لا يستدعي التشاؤم، حيث أن ثقة القائمين عليه والأطراف الفاعلة في هذا القطاع الحيوي الحساس كبيرة في تجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها حتى لا نقول الأزمة التي يعيشها. خلال زيارة نظمها الديوان الوطني التونسي للسياحة لمجموعة من الصحافيين الجزائريين الى كل من ''الحمامات''، ''المنستير'' والعاصمة، سجلنا حركة بطيئة وهي مؤشر على انتعاشة محتملة للقطاع وذلك من خلال تواجد مجموعات من السياح الأوروبيين من جنسيات بريطانية وألمانية بالخصوص صادفناهم في المركبات السياحية بالمدينتين الساحلتين المذكورتين، فضلا عن ''جوهرة الساحل'' سوسة، فيما لم يلاحظ لهم تقريبا أي أثر بالعاصمة التونسية خلافا للعادة، حيث كانوا يزورون أسواقها الشعبية ويزيدونها إزدحاما بتواجدهم المكثف الذي يبعث حركة تجارية واسعة. ويراهن الى - حد التعويل - أصحاب الفنادق والمنتجعات السياحية الكبرى في تونس وعمال القطاع على السياح الجزائريين الذين يشكلون 14 بالمائة من عدد السياح العرب والأجانب الوافدين الى هذا البلد الشقيق سنويا وبحسب إحصائيات الديوان الوطني التونسي للسياحة، فإن الجزائريين يحتلون المرتبة الثالثة في عدد السياح الذين تستقطبهم الوجهة التونسية، لكن إقبالهم في هذه الفترة من العام ضعيف جدا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. مدير عام فندق ''روايال'' الحمامات ( أو مدينة محمد)، كما كان يطلق عليها التجار الأوروبيين في السابق وهو من فئة خمسة نجوم صرّح قائلا: ''السياح الجزائريين هم من بين أهم زبائن الفندق، خصوصا في فصل الاصطياف بما فيهم الجزائريين المقيمين بفرنسا، لكن كما تلاحظون الحركة في الفندق حاليا بطيئة جدا، فحتى المؤتمرات والندوات التي كانت من ضمن النشاطات الرئيسية له خارج فصل الصيف - حيث الذروة-، فهي شبه غائبة حاليا، مما أثّر سلبا على نشاط ومردود الفندق بصفة خاصة والسياحة في المنطقة بصفة عامة''. أما السيد سليم زغل، الرئيس المدير العام لمجموعة فنادق ''تالاسا''، ومنها فندق ''روايال'' بالمنستير، فقد وصف الوضعية الحالية ب ''غير المريحة''، حتى -كما قال- ''وإن سجلت عودة قوية للسياح الإنجليز مقابل ضعف في عدد السياح الفرنسيين وبدرجة أقل الألمان وغياب كلي تقريبا للسياح الإيطاليين ولا أثر أيضا للسياح الجزائريين الذي كان ملحوظا في مثل هذه الفترة العام الماضي''. واستغرب ذات المتحدث غياب السياح الجزائريين في هذه الفترة وهم الذين يصنعون الحركية في الفندق دائما، خصوصا في فصل الصيف وقال بهذا الخصوص ''إننا نعوّل كثيرا على أشقائنا الجزائريين من أجل إعادة الانتعاش لقطاع السياحة في تونس وتنشيطه، وقد اعتمدنا لذلك سياسة أسعار محفزة الى حد الإغراء خلال فترة الاصطياف. وكشف عن نية القائمين على الفندق في ضبط برنامج خاص بشهر رمضان المعظم موجه للسياح الجزائريين يشجعهم على الإقبال عليه، يتضمن على سبيل المثال لا للحصر تسخير وسائل نقل تقلهم الى المسجد في أوقات الصلوات الخمس وصلاة التراويح. وأضاف بشيء من الأسف، «كما سجلنا أيضا غياب كلي لليبيين بسبب الأحداث التي تمر بها بلادهم، فانعكس ذلك كله بصفة مباشرة على القطاع السياحي ومردوده، ولايتعدى عدد زبائن الفندق حاليا ال 90 على أقصى تقدير وهو رقم دون ما كان يسجل في نفس الفترة من السنوات الماضية، حيث كان يتراوح ما بين 400 و500 سائح، وهذا الأمر اضطرنا الى إحالة عدد من المستخدمين الى العطلة الإجبارية» .