يشكل مواصلة إصلاح قطاع العدالة الذي شرع في تنفيذه سنة 2000، أحد التحديات والرهانات التي رفعها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في برنامجه الخماسي للفترة الممتدة من 2010 إلى 2014، من أجل إرساء دعائم دولة الحق والقانون وترسيخ الحكم الراشد وتدعيم الاقتصاد الوطني وحمايته. وقد أوعز الرئيس بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس، للحكومة مواصلة برنامج إصلاح العدالة، من خلال التعجيل بفتح المحاكم الإدارية بعد أن تحقق شوط كبير من الإصلاحات حيث تم مراجعة التشريع المتعلق بعقوبات مخالفة القانون وتنظيم الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتم إدخال تعديلات جوهرية على القانون التجاري والقانون المدني كما أعيد النظر في قانون الإجراءات الجزائية الذي سمح بتنصيب الأقطاب القضائية المتخصصة ذات الاختصاص الواسع من أجل محاربة بأكثر فعالية الجرائم الاقتصادية، إضافة إلى إصدار نصوص تشريعية ترمي إلى محاربة الرشوة وتبييض الأموال، وأخرى أرست دعائم استقلالية القضاء. وبهدف مواصلة تلك الإصلاحات، أمر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الحكومة بتعبئة الوسائل اللازمة لفتح كافة المحاكم الإدارية التي تشكل مكسبا جديدا في مسار تكريس الفصل الكامل بين القضاء الإداري والقضاء العادي وترسخ الازدواجية التي كرسها الدستور. وكان وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز قد كشف في تصريحات إعلامية سابقة عن تنصيب 10 محاكم إدارية في نهاية العام 2010، على أن يتم استكمال تنصيب البقية على مستوى ولايات الجمهورية حينما تتوفر الظروف والشروط المناسبة لذلك. ويأتي قرار رئيس الجمهورية القاضي بتسريع وتيرة فتح المحاكم الإدارية على المستوى الوطني، لتيسير مشاركة المواطنين في التصدي لأي قرار إداري يكون محل اعتراض من قبلهم، كما سيسمح الإجراء بتخفيض الضغط على المحاكم العادية التي وجدت نفسها في مجابهة القضايا المدنية وتلك المتعلقة بالمؤسسات والإدارات، مما عطل في كثير من الأحيان حل القضايا المطروحة على مستواها نتيجة تداخل القضايا وعجز المحكمة عن الفصل فيها. وبالموازاة مع ذلك كلف القاضي الأول للبلاد السلطات القضائية بالقيام بمساعدة هيئات الإعلام بتعميم معرفة مكانة الجهات القضائية الإدارية ودورها من حيث هي الملاذ الذي يلجأ إليه للتصدي لأي قرار إداري يعتبر مجانبا للعدل، مؤكدا أن ذلك ''سيكون له مفعوله في بناء علاقات أكثر سلاسة بين الإدارة والمواطنين''. تجدر الإشارة إلى أن المحاكم الإدارية استحدثت وفق التشريع الإداري الجديد الذي يلغي الغرف الإدارية التابعة للمحاكم ويعوضها بمحاكم إدارية وفق مادته 1064 التي تلغي أحكام قانون الإجراءات المدنية الصادر في 1966 وتحدد المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الصادر في 2008 والذي دخل حيز التنفيذ في فيفري 2009 اختصاصات المحاكم الإدارية بوصفها أنها ''جهات الولاية العامة في المنازعات الإدارية''. وتختص هذه المحاكم وفق نفس القانون بالفصل كدرجة أولى بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا التي تكون فيها الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها وتختص المحاكم الإدارية أيضا في الفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية والتفسيرية ودعاوى فحص المشروعية للقرارات الصادرة عن الولاية أو البلدية والمؤسسات العمومية الإدارية.