ينتظر أن يلعب جهاز المحاسبة دورا مهما في مكافحة الفساد باعتباره حجر الزاوية، لأنه يتوفر على مختصين وتقنيين قادرين على غربلة ملفات الفساد ومعالجتها بنزاهة ودقة، وحان الوقت ليؤدي جهاز المحاسبة مهمته كاملة على أحسن وجه، باعتباره آلية فعالة في مكافحة الفساد المالي والإداري، وفوق ذلك قادر على فرض الشفافية ومن خلاله يتسنى الإفصاح عن المعلومات المالية وغير المالية وإعدادها وفقا للمعايير المحاسبية المعمول بها. ولأنه يصعب تحقيق الحوكمة المنشودة التي تعكس دولة الحق والقانون أمام ضعف الأجهزة الرقابية والقضائية، لذا العدالة بدورها مطالبة بالتجند، إلى جانب جهاز المحاسبة في استئصال شأفة الفساد واستعادة الشفافية وفرض قوة القانون، التي ينبغي أن تسري على كل كبيرة وصغيرة وتطبق على المواطن كما المسؤول، والفرصة ثمينة في الوقت الحالي للانطلاق انطلاقة صحيحة لمحو مظاهر الفساد ومعاقبة المفسدين. وينتظر من القضاء التخصص بهدف مواكبة التطورات الاقتصادية السارية. وحان الوقت حتى تكرس الشفافية في الصفقات العمومية والأجدر من يستفيد من إنجاز المشاريع بعيدا عن أخطبوط الوساطة والرشوة، من خلال السعي نحو نشر ثقافة الأخلاق في المعاملات، وبالموازاة مع ذلك تحتاج المؤسسة إلى تحرير من طرف الوصاية حتى تؤدي مهمتها على أكمل وجه، وبالتالي تتوجه نحو فعالية الأداء والابتكار والتسيير الراشد وفرض في محيط العمل مبدأ تكافئ الفرص ومنح الأولوية في التعيين في المناصب للكفاءات، لأن كل ذلك من شأنه أن ينعكس على مردود المؤسسة بل ويمنحها منحى تصاعدي من حيث التطور والنمو. إذا لا نمو ولا تطور حقيقي في ظل تفشي الفساد، ومحاربته تستدعي جهودا وتجندا حتى تكون معالجة الملفات صحيحة وعميقة تمس فقط الضالعين فيه، لكن تبقى معاقبة المتورطين في الفساد بالسجن غير كافية، كون فعالية المكافحة لن تتحقق من دون استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة نحو الخارج سواء تلك التي استنزفت تحت ذريعة القروض الاستثمارية أو من فلتت من آلية التحصيل الضريبي، وعلى خلفية.. ما العبرة من سجن المفسدين والمال العام مهدور ويمكن أن يستفيد منه المتورط بعد سنوات خروجه من السجن. إذا بالفعل الفرصة اليوم ثمينة لإيجاد حلول موضوعية وواقعية تمكن من استعادة المال المنهوب.