يوميا توجّه السّلطات العمومية إعذارات شديدة اللّهجة لأصحاب المقاولات المكلّفين بإنجاز شتى المشاريع سواء السّكنات، أو الأشغال العمومية، الطّرقات، الأنفاق، الجسور، القنوات، المرافق الجوارية والخدماتية، والبنايات المختلفة الإستعمال والمنفعة العامة. ووصل الأمر بالمسؤولين المحليّين إلى اتّخاذ إجراءات صارمة وقاسية ضدّ هؤلاء بالسّحب الفوري لما أسند لهم من عمل في آجال محددة لم يلتزموا بها في الوقت المطلوب، ممّا استدعى تدخّلا عاجلا من قبل الجهات المسؤولة قصد إيجاد الحلول المطلوبة، وفي وقتها المناسب بدون أي تضييع للوقت. ففي كل خرجة ميدانية للولاّة أو رؤساء الدوائر أو رؤساء المجالس الشّعبية البلدية، يتلقّى المقاولون جملة من الملاحظات عبارة عن «تحذيرات قوية» تصل إلى حد تهديدهم بتوقيف الأشغال، وإحلال محلهم بدائل أخرى وفي مواقف أقل حدّة يطلبون منهم تسوية الوضعية بناءً على آجال محدّدة. لماذا وصل الأمر إلى هذه الدّرجة من التّأخر والتّعطيل في الإنجاز؟ من خلال ملفّنا هذا لمحليات «الشعب»، نحاول تقديم الإجابة الوافية استنادا إلى تفسيرات مراسلينا رفقة المعنيّين مباشرة بهذا الملف، أي تناول الأسباب الكامنة وراء هذا التّراجع علما أنّ الأوساط العاملة في القطاع أشارت إلى أرقام مخيفة في هذا الشّأن قد ترهن هذا النّشاط الحيوي الممتص لليد العاملة المؤهّلة في هذا الاختصاص بشهادة الوكالات المحلية للتّشغيل، التي تشير في كل مرة إلى أنّ البناء يحتل مكانة جديرة بالملاحظة والتذكير به كونه خزّانا لاستقبال المهارات، إلى جانب الخدمات والفلاحة. ولأول وهلة يبدو الإعلان عن توقّف 1300 مؤسّسة بناء وتعرّض 3000 أخرى لنفس الخطر، وفقدان 125 ألف وظيفة مبالغ فيه حتى وإن كانت هناك تبريرات، منها غياب مخطّطات العمل فإنّ هذا ليس بالحجّة المقنعة لأنّ معاناة المقاولين يكمن في عدم تسديد لهم الديون. والإشكال هذا مازال قائما بذاته، ولم تجد له الجهات المعنية الحل النّهائي في كل مرّة يتعرّض المقاولون لشتى الإهانات من قبل المسؤولين المحليّين، بسبب ترك المشاريع مهملة في الطّبيعة لأشهر ولسنوات، ولا يكشف عنها الإ غداة زيارة مبرمجة، وهنا تقام الدنيا ولا تقعد. ويدرك العاملون في هذا المجال أنّ الخطأ يعود إلى منح الصّفقة التي لا تخضع لالتزامات صارمة، تخص المقاول في جانبي التّنقيط المالي والتقني، والقصد هناك قدرة صاحب المشروع على احترام آجال الانجاز ماليا، ومنظومة عتاده الذي يعمل به وتجاهل هذين العنصرين أدّى إلى وقوع اختلالات في التعهدات الثنائية يصل الأمر إلى التوقف، زيادة على رفض الإدارة الإفراج عن مستحقّات المقاول في الوقت المناسب ليبقى في انتظار ما يصب له في رصيده.