أسقطت طهران طائرة دون طيار "درون" من آخر ما أنتجت الصناعة العسكرية الأمريكية ومن أكثر ال"درونات" فعالية والأغلى تكلفة لما تتوفر عليه من خاصيات تقنية عالية من أهمها استقلالية تحليق تناهز 24 ساعة دون توقف على ارتفاع 7 آلاف متر دون أن تتمكن أنظمة الرادار الأكثر تطورا من كشفها مما جعل تكلفتها تناهز 120 مليون دولار أمريكي، أي من أغلى الطائرات في العالم؟ إلا أن كل ذلك لم يجعل هذا الوحش في مأمن من مرمى الدفاعات الجوية الإيرانية؟ مما يطرح الكثير من التساؤلات حول التطور التكنولوجي الذي بلغه بلد يرزح تحت الحصار منذ سنوات طويلة؟. إنها ليست المرة الأولى التي تتمكن فيها طهران من استهداف طائرة أمريكية دون طيار حيث سبق للحرس الثوري الإيراني سنة 2011 أن سيطر على طائرة أمريكية غير مأهولة وقام بإنزالها وحجزها وهو الخبر الذي كذّبته واشنطن حينها وأقّرت بتحطمها فقط، ليتبيّن لاحقا أن الرواية الإيرانية كانت الأصّح بعدما عرضت طهران الطائرة المحتجزة على وسائل الإعلام لتتمكن بعدها بسنوات من إنتاج نسخة عنها، عرضتها أمام وسائل الإعلام العالمية؟. الأكيد أن بين إيرانوواشنطن حرب إلكترونية مشتعلة منذ سنوات، حرب قد تدفع واشنطن إلى إعادة النظر في استعمال القوة ضد طهران وحادثة إسقاط الطائرة الأمريكية قد تزيد من تردّد الإدارة الأمريكية وقد يكون تراجع ترامب في آخر لحظة عن توجيه ضربات إلى مواقع إيرانية - فجر أمس الأول - ردا على إسقاط الطائرة، مؤشر واضح على ذلك وهذا رغم أن واشنطن ادعت أن طائرتها أسقطت في المياه الدولية وهي رواية كانت كافية لتوظفها واشنطن لتوجيه ضربات إلى إيران غير أنها لم تفعل؟!. يبدو أن مكان تواجد الطائرة عند استهدافها لا يهم بقدر أهمية ورمزية إسقاطها، لأنها تعتبر ضربة موجعة للصناعة الحربية الأمريكية من جهة وفشل ذريع لسياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة اتجاه إيران من جهة أخرى التي لم تحقق لا عبر الحصار ولا عبر العقوبات أي من أهدافها المعلنة؟ مما قد يضطر إدارة ترامب إلى تغيير سلوكها وكأننا مقبلون على "ردع مضاد"، حيث أنه وبينما كان الجميع ينتظر أن يجبر التحرك العسكري الأمريكي طهران على العودة إلى الطاولة والقبول بالشروط الأمريكية، قد تضطر واشنطن إلى قبول التفاوض مع طهران وفق شروطها وقد نشهد قريبا رجوع واشنطن عن تصنيف الحرس الثوري في قائمة الإرهاب والبداية في رفع العقوبات خاصة وأن ترامب يبدو معزولا، أكثر من أي وقت مضى، في ظل تمسك حلفائه الأوربيين بالاتفاق النووي مع إيران؟!