يعاني قطاع الصناعة من اختلالات تتطلب تكفلا لتجاوزها بما يضع هذا القطاع على سكة التنمية بكل ثقله لكن بعد ان يقوم ويعدل من كافة الجوانب الهيكلية والتنظيمية وفقا للمعايير الاحترافية، الأمر الذي يعطي لمؤسسات صناعية معطلة أو ضعيفة الآداء الفرصة للعب دورها في عجلة التنمية. بطبيعة الحال مسألة النهوض بالصناعة أمر مكلف ماليا، فقد التهمت برامج تحريك القطاع الكثير من خلال اعادة الهيكلة، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون مبررا لإغلاق ملف يرتبط بالتنمية في الصميم، مما يطرح مجددا الحديث عن مصير ملف الاستراتيجية الصناعية الذي لا يزال في الادراج يتطلع الى معالجة جدية من شأنها أن تدفع بقطاع الصناعة الوطنية الى مرتبة أعلى ليلعب دوره كاملا كمصدر منتج للقيمة المضافة بكل ما يحمله الموضوع من إنتاج للثروة وفتح مناصب العمل. الواقع أن ما يزعج المقررين هو جانب التمويل وهو انشغال يتفهمه مختلف الأطراف لكن الى متى يبقى القطاع على هامش الحركية الى درجة كأنه في حالة الموت البطيء، بينما الحركية العالمية لا تزال تراهن على الصناعة لجر باقي القطاعات الأخرى. وهنا السؤال ما هو مصير ملف الاستراتيجية الصناعية وماذا عن إعادة ترتيب البيت الصناعي من خلال ما تم تداوله في السابق من وجود برامج لإنشاء أقطاب صناعية وفقا للجدوى والامكانيات التي توفرها السوق الاستثمارية والاستهلاكية وماذا عن جدية وجود منحى لتأسيس شراكة وطنية مختلطة عمومية وخاصة أو حتى مع أجانب يقدرون الدور القاعدي للمنشآت الصناعية حق قدرها. وفي خضم هذا لم يتسرب الى اليوم جديد عن تلك المشاريع التي أمر لها أكثر من طرف مثل ما تم تداوله من وجود عمل يجري الترتيب له مع شركة “رونو” الفرنسية التي يبدو أنها مثل غيرها من الشركات الآسيوية تحبذ التعامل مع بلادنا كسوق وفقط، بينما هناك قدرات لإطلاق وحدات صناعية انتاجية في الميكانيكا وقطع الغيار وفي الصناعات الالكترونية والدوائية والتكنولوجية ويبدو أن الأمر يتوقف على قدرة وحنكة المفاوض الجزائري في جذب الشركاء وإثارة اهتمامهم على أساس وخلفية استراتيجية تكون أيضا واضحة المعالم والأهداف وهنا صلب الإشكال.