عنابة.. جوهرة الشرق بونة، مدينة بتعدّد أماكنها السياحية، جعلها مقصدا لعديد الزوار من داخل وخارج الوطن.. من يبحث عن الاستجمام وزرقة المياه فهي من أكثر المدن الجزائرية التي تشتهر بشواطئها الذهبية والمحيطة بها من كل جانب.. ومن تستهويه الطبيعة والمناظر الخلابة فالمرتفعات الجبلية بسيرايدي من أورع المناطق السياحية التي تتميز بها بونة، أما من يرغب في جلسة سمر لارتشاف فنجان قهوة أو المثلجات فساحة الثورة وجهته الأولى.. تعتبر عنابة الولاية الأولى التي تحمل صفة «المدينة التي لا تنام» بدون منازع، فسهرات سكانها وزوارها تدوم إلى غاية الساعات الأولى لبزوغ الفجر، فمن غير المعقول أن يحط أي كان رحاله بعنابة، ويزور شواطئها وغاباتها ليلتحق بمنزله عند الساعة العاشرة أو الحادية عشر ليلا، لا سيما في ظل الأجواء الأمنية التي تطبع ليالي بونة، وهو ما يبعث الطمأنينة في نفوس العائلات التي تتجوّل في كل مكان دون أي خوف من سرقة أو اعتداء. شواطئ تعجّ بالمصطافين فقد تعهدت السلطات الولائية لأن يكون موسم الاصطياف ببونة هذه السنة مميزا، باتخاذ إجراءات تنظيمية محكمة، تجهيز الشواطئ، وتوفير النظافة، النقل والإنارة العمومية، ولا سيما الأمن وكل ما يساهم في خدمة سكان عنابة وزوارها من داخل وخارج الوطن، فضلا عن توفير الراحة والاستجمام، حيث عرفت عنابة هذه السنة تجنيد 280 عونا لحراسة الشواطئ و76 عونا حماية مدنية محترف يسهرون على تأمين حياة المصطافين. بالرغم من أن شهر أوت شارف على الانتهاء، إلا أن شواطئ «شابي»، «سانكلو»، «عين عشير»، «الخروب»، «طوش» وغيرها من الشواطئ التي تتميز بها عنابة ما تزال تستقبل عشرات المصطافين يوميا، حيث يتوافدون ومنذ الساعات الأولى عليها، ناصبين شمسياتهم وكراسيهم في رمالها الذهبية، وما إن تدق ساعة منتصف النهار حتى تجد هذه الشواطئ امتلأت عن آخرها، وزرقة المياه تختفي نظرا لكثرة المصطافين من نساء ورجال وأطفال من مختلف الأعمار، كما أن تجوالنا بين هؤلاء المبحرين كشف لنا عن إقبال سكان الولايات المجاورة على بونة، لا سيما من سوق اهراس، قالمة، الطارف وحتى سكيكدة وقسنطينة. ليست الشواطئ فقط ما تستهوي المصطافين، وإنما أيضا كورنيش عنابة، والذي يعتبر من أكثر الأماكن جلبا للسياح نظرا لروعته وجمال منظره، فهو مكان للمتعة والفرجة، لا يحتوي فقط على محلات لبيع الأكل والمثلجات، وإنما أيضا مكان يصطف فيه بعض الباعة لعرض منتجات تقليدية، لعب للأطفال، وفي بعض الأحيان شباب يختارون أماكن لهم فوق الصخور لإمتاع المارة بموسيقاهم باستخدام القيتارة والدربوكة.. الأطفال أيضا لهم مكانتهم في هذا الكورنيش من خلال الألعاب المتنوعة، والتي يتمّ نصبها مع موسم الاصطياف وهي ألعاب لمختلف الأعمار، حيث تجد هذه الفئة ضالتها للترفيه عن نفسها والاستمتاع بها لساعة متأخرة من الليل، أما لمحبي الفن فإن مصالح البلدية بالتنسيق مع مديريات الثقافة والسياحة والرياضة وضعوا برنامجا ثريا يشمل تنظيم سهرات فنية وجلسات ثقافية وأدبية ونشاطات ترفيهية. جلسة سمر بنكهة المثلجات ساحة الثورة أو ما يعرف ب»الكور» من يأتي إلى عنابة ولا يقوم بجولة مسائية أو ليلية على وجه الخصوص لهذا المكان، فلا يحق له القول بأنه قام بزيارة بونة وتجوّل بها.. مكان ساحر بنسيمه وأشجاره المحيطة به، حركة دؤوبة تصنعها هذه السنة العائلات العنابية وتلك القادمة من مختلف جهات الوطن، فمن يريد أكل المثلجات فعليه التوجّه نحو ساحة الثورة دون تردّد، فهناك ما لذّ وطاب منها بمختلف الأشكال والأذواق وبمختلف الأحجام، دون نسيان «الكربوني» الذي يعتبر الأكثر طلبا ولا غنى عنه في سهرات العائلات. فأصحاب المحلات المتواجدة ب»الكور» يتنافسون فيما بينهم لتقديم الأفضل لزبائنهم، حيث يتفننون في تزيينها وتقديمها بمختلف النكهات المشكلة بعديد الفواكه، ويسهرون على تلبية طلبات محبي المثلجات إلى ساعات متأخرة من الليل، مع العلم أن ساحة الثورة باتت تعرف مؤخرا تنظيم لقاءات شعرية وسهرات فنية متنوعة على الهواء الطلق، وهو ما يجلب أكثر العائلات المحبة لها. وللأطفال أيضا نصيب في هذه السهرات، فحين يقصدون «الكور» سيجدون بانتظارهم العديد من الألعاب الترفيهية، وعلى رأسها السيارات المتحرّكة والدراجات الصغيرة التي تجوب بهم أنحاء الساحة، فهي بالنسبة لهم بمثابة النزهة، وفي هذا الصدد عبّر لنا الطفل «أمين» صاحب ال6 سنوات عن فرحته الكبيرة حين يلبي والده طلبه لركوب إحدى السيارات والتجول بها، قائلا ببراءته بأنه يحب «الكور» لأجل الألعاب المتوفرة فيها. سيرايدي ورحلة البحث عن جمالية الطبيعة إن كان هناك من يفضل في بونة زرقة مياهها ورمالها الذهبية، فهناك من يفضل فيها مناطقها الخضراء الساحرة، ف»سيرايدي» واحدة من أروع وأجمل المناطق التي تشتهر بها عنابة، كونها منطقة تمتزج فيها زرقة البحر بشموخ الجبال وروعة غاباتها، منطقة تستقطب سنويا آلاف السياح، وملاذا آخر مفضلا للعائلات العنابية التي تبحث عن نقاوة الهواء والمساحات الخضراء هروبا من لهيب الحر، حيث لا يوجد ما يلبي هوسها بالغابات سوى أعالي جبال سيرايدي. سيارات تحمل ترقيم مختلف ولايات الوطن، تشكل يوميا طوابير لا متناهية نحو هذه المنطقة السياحية، نساء ورجال وشيوخ وأطفال وشباب يعتبرون سيرايدي وجهتهم المفضلة شتاء لارتدائها الحلة البيضاء نظرا لكثافة تساقط الثلوج في هذا الفصل، وصيفا للطافة جوها في ظلّ الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة التي تشهدها عنابة هذه الصائفة، حيث يفترشون غابتها ويقضون فيها يوما ممتعا بعيدا عن الضوضاء وصخب المدينة كما تؤكده العائلات العنابية.