أصبحا كورنيش عنابة وساحة الثورة تقليدا راسخا لدى سكان بونة، الذين لا يفوتون يوما من الشهر الفضيل دون أن يقضوا سهراتهم اليومية بأحد شواطئ المدينة أو»الكور» اللذان يعرفان إقبالا كبيرا بعد الإفطار، ويتضاعف بعد صلاة التراويح حيث تكون وجهة المصلين إلى أحد هذه الأماكن والتي لا تخلو من الحركية إلى غاية أذان السحور، إذ يفضل الكثيرون التسحر على زرقة مياه البحر.. بمجرد أن تطأ قدماك كورنيش عنابة، تصادفك طوابير لا متناهية من السيارات، والحافلات الممتلئة بالعائلات، تعلن عن بداية السهرات الرمضانية بكل من شاطئ «السانكلو» و»شابي» الذين يعدان من أكثر الشواطئ إقبالا من طرف سكان بونة، حيث لا يمر الشهر الفضيل مرور الكرام عند العائلات العنابية دون الاستمتاع بلياليه وقضاء سهرات متنوعة.. الكورنيش.. ومتعة الإفطار والسحور على شواطئه رجال ونساء وأطفال وشيوخ ملاذهم كورنيش عنابة للراحة والاستجمام بعد يوم متعب، مكان لا يقصده فقط العنابيين، وإنما هووجهة سكان الولايات المجاورة على غرار قالمة، الطارف، سوق أهراس.. حيث لا يتوانون بدورهم في التوجه نحوشواطئ بونة والاستمتاع بالسهرات الرمضانية، وجعل من بونة «المدينة التي لا تنام» وما زادها متعة المحلات التي لا تتأخر في فتح أبوابها أمام زوار الكورنيش مقدمة كل ما يلبي رغبات الزبائن، على غرار المحلات التي تختص في بيع «البوراك» والتي تشهد إقبالا من قبل الكثير من مرتادي الكورنيش، خاصة من يفضلون السحور على الشاطئ، حيث يعتبر أكلتهم المفضلة. في هذا الصدد، كشف محمد والذي كان رفقة أصدقائه، بأنه يجد متعة خاصة للتسحر في أحد شواطئ عنابة وعلى نكهة البوراك، قائلا بالرغم من أنه يُفطر على البوراك الذي تعده والدته بالمنزل، إلا أنه يجد متعة أخرى في اقتناء هذه الأكلة التي تباع في المحلات كوجبة سحور، وبالمقابل ترى عائلة «كحلان» أن الاستمتاع بوجبة السحور على الشاطئ له نكهته الخاصة، وهوبالنسبة لها تغيير للجو، بعد يوم شاق سواء للأم التي تقضيه في المطبخ، أوالأب في العمل أوالأولاد في المدرسة، وقالت ربة البيت «أمينة» أنها تعد وجبة خاصة للسحور. إن كانت بعض العائلات تفضل التسحر على شواطئ بونة، إلا أن آخرون يجدون المتعة في الإفطار على رماله الذهبية، لا سيما منهم الشباب الذين يعدون العدة، ويحضرون ما طاب لهم بعد تنصيب الكراسي والموائد وتزيينها بمختلف المأكولات والمشروبات، حيث يشارك كل واحد منهم في إحضار وجبة وتقاسمها على مائدة الإفطار أمام غروب الشمس وزرقة البحر وصوت أمواجه، وهي الظاهرة التي أضحت عادة رمضانية لدى سكان المدينة للهروب من الروتين اليومي. الأمن يجعل من بونة المدينة التي لا تنام المتجول بمدينة عنابة سواء على شواطئها أوبأسواقها أوفي الساحات العمومية، سيقف على التعزيزات الأمنية المكثفة للشرطة، سواء بالزي الرسمي أوالمدني، حيث سعت السلطات المحلية لتكثيف التواجد الأمني بمختلف شوارع المدينة لإحباط أي محاولة اعتداء، لا سيما السرقة التي تكثر في هذا الشهر الفضيل. التعزيزات الأمنية بعثت الطمأنينة في نفوس سكان المدينة، الذين يتجولون عبر شوارعها إلى ساعات متأخرة من الليل، دون أي خوف من أي اعتداء أوسرقة، وهوما صنع حركة دؤوبة في المدينة للنساء والشيوخ، وحتى الأطفال الذين يقضون لياليهم الرمضانية في أحيائهم في جومن الأمن والطمأنينة لدى عائلاتهم.. الأمن جعل وجهات سكان عنابة تختلف، بين من يختار شواطئها أوساحاتها العمومية، على غرار ساحة الثورة أو»الكور» الذي يعد القلب النابض لجوهرة الشرق «بونة»، بحيث لا تخلومنه الحركة، على اعتبار انه أحد الوجهات المفضلة للصائمين سواء قبل الإفطار أوبعده، حيث يستقطب مئات العائلات من داخل عنابة وخارجها أيضا لموقعه الاستراتيجي الذي يتميز به، لا سيما وأن هذه الساحة السياحية بالدرجة الأولى أصبحت مكانا لتنظيم الجلسات الأدبية والشعرية وهوما زادها تألقا وإقبالا. ألعاب للأطفال ولا غنى عن المثلجات بال «كور» من يجلس إلى مقعد من مقاعد ساحة الثورة، لا يمكنه أن يفوت فرصة الاستمتاع بالمثلجات التي تشتهر بها، حيث تقدم المحلات المنتشرة بال»كور» مختلف الأذواق والأنواع والأشكال، على غرار «الكريبوني» الذي يعد الأكثر طلبا من قبل الزوار والمصنوع من الليمون الخالص، ليجد الصائمون في المثلجات ملاذهم للارتواء، والتي لا غنى عنها لدى الكثير من العائلات في هذا الشهر الكريم. وهوما جعل العديد من المحلات تتنافس لتقديم الأفضل لزبائنهم، والتفنن في إعدادها بمختلف الأشكال والأذواق وتزيينها بالفواكه الموسمية في مقدمتها الفراولة والموز، إلى جانب المكسرات، ولا يغادرون محلاتهم إلى غاية الساعات الأولى من الفجر، على اعتبار أن مرتادي ساحة «الكور» لا يغادرونها إلا مع اقتراب أذان السحور، حيث يحلوالسهر والتسامر بين الأصدقاء والأسر العنابية، لا سيما وأن هذه الساحة تخصص للأطفال أماكن للترفيه والتسلية، وهوما يبرز الإقبال الكبير عليها أيضا من قبل هذه الفئة مرفقين بأوليائهم حيث يجدون في انتظارهم ألعاب متنوعة على غرار الدراجات والسيارات الصغيرة.