أكد، أمس، الخبير الإقتصادي، بشير مصيطفى، أن أي مسعى تقشفي أوروبي ستكون له تداعيات مباشرة على الاقتصاد الوطني، للارتباط الوثيق بين الجزائر والإتحاد الأوروبي وخاصة دول الأزمة في منطقة اليورو، من حيث المبادلات التجارية بين الطرفين. ولأن أكثر من 50٪ من واردات الجزائر تأتي من دول الأزمة في الاتحاد الأوروبي والتي تأتي في مقدمتها فرنسا وايطاليا واسبانيا على التوالي، فإن أي إجراءات تتخذ لإعادة التوازن في العجز الميزاني لهذه الدول على المدى المتوسط ستؤدي لا محالة إلى إحداث إختلال في الميزان التجاري جراء ارتفاع فاتورة الواردات وتراجع حجم الصادرات من وإلى الجزائر، فضلا على أن أي اهتزاز محتمل لدول الأزمة في منطقة اليورو من حيث النمو وهذا ما هو متوقع ومنتظر ستخلق مشكلة استيراد للتضخم. صادرات الجزائر خارج قطاع المحروقات تظل ضئيلة للغاية، وإن عرفت نوعا من الزيادة من حيث قيمتها المالية، التي تجاوزت بقليل مليار دولار، فهذا يعود حسب مصيطفى إلى التفكيك الجمركي الذي فرضه عقد الشراكة المبرم مع الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، مشيرا إلى أن طلب الجزائر إعادة النظر في بعض بنود الاتفاق وتأجيل انشاء منطقة التبادل الحر سيأخذ بعين الاعتبار تبعات أزمة منطقة اليورو وقد لن تكون في صالح الإقتصاد الوطني. ويبرر الخبير الإقتصادي هذه التبعات كون الأوروبيين لن يقبلوا بأعباء جديدة على ميزانياتهم، وهم الذين يبحثون حاليا على إيرادات جديدة في إطار برامج التقشف العام التي فرضت عليهم ضمن خطط تقليص عجز الميزانية على المدى القريب والمتوسط ومواجهة أزمة الديون المتفشية في أغلب الدول الأوروبية ولا سيما تلك التي ترتبط بعلاقات تجارية مباشرة مع الجزائر. يمكن للجزائر في الوقت الحالي مواجهة أي تداعيات محتملة على المستهلكين مباشرة، نظرا لتحملها الأعباء الإضافية في إطار سياسة دعم المواد الواسعة الاستهلاك، نظرا للاحتياطات الهامة بالعملة الصعبة، غير أن هذه الاحتياطات، ومثلما يؤكد عليها مصيطفى لا تكفي سوى خمس سنوات إذا واصلت الدولة في نفس سياسة الدعم المنتهجة حاليا، ويذهب إلى أبعد من ذلك في نظرته التي طغى عليها نوع من التشاؤم عندما أشار إلى أن ارتفاع تكاليف الاستيراد ستطغى على الموارد المالية بالعملة الصعبة وقد نصل إلى حد إغلاق السنة القادمة بدون فائض، مرجحا ومن منظوره الخاص أن تعرف أسعار النفط انخفاضا قد يصل إلى 80 دولارا للبرميل وخاصة في نهاية الثلاثي الأول بسبب تراجع الطلب الصناعي. شدد الخبير الإقتصادي على ضرورة أن تؤخذ بعين الاعتبار كل تداعيات الأزمة مأخذ الجد وأن تعتمد إجراءات عملية مبنية على نظرة استشرافية بما سيؤول إليه الاقتصاد بعيدا عن العشوائية والنظرة الضيقة، وإلا فإن الخطر سيكون مرتفعا والفشل مآله.