رئيس الجمهورية يستقبل وزير الدفاع الوطني وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء الموريتاني    بوغالي يستقبل سفير مملكة بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية لدى الجزائر    ما قام به الانقلابيون في مالي ضد الجزائر نكران لجميلها و افضالها على البلاد    إدريس عطية: انتخاب الجزائر لعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي تكريس لثقلها الدبلوماسي وانتصار لمقاربة "أفرقة الحلول"    الجزائر تعتمد مقاربة شاملة ومتعددة الأطراف لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر    سونلغاز تتوصل إلى اتفاق مبدئي لإتمام محطة عين وسارة عبر مجمع صيني    منتدى الدول المصدرة للغاز يتوقع نموا ب2 بالمائة للطلب العالمي سنتي 2025 و 2026    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 51025 شهيدا و116432 مصابا    شايب: الجزائر تأخذ علما بقرار باريس بطرد 12 موظفا قنصليا جزائريا واستدعاء السفير للتشاور    عبد العزيز مجاهد: الفكر الاستعماري لا يزال مهيمناً في فرنسا وتغييرات جيوسياسية ستفرض واقعاً جديداً    تواصل هبوب الرياح القوية على عدة ولايات من البلاد إلى غاية يوم غد الخميس    يوم العلم: استذكار مآثر العلامة عبد الحميد بن باديس وتنظيم أنشطة متنوعة بغرب البلاد    زرّوقي يُدشّن عدة مشاريع بالمسيلة    هكذا خرقت فرنسا كلّ الأعراف الدبلوماسية    وزير الاتصال يستقبل وفدا عن منظمة الصحافيين    الرئيس يقود رؤية استراتيجية شاملة    بلمهدي يبرز دور الفتوى    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    الجزائر تتجه نحو بناء سيادة صناعية وتكنولوجية    جثمان رئيس فيض البطمة يوارى الثرى    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    مختصون يبرزون دور الحركة الإصلاحية    عدوان الاحتلال الصهيوني على طولكرم ومخيميها يدخل يومه ال80 وسط تصعيد ميداني خطير    فصائل فلسطينية: أي تهدئة بغزة دون ضمانات حقيقية لوقف الحرب "فخ سياسي"    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    قسنطينة: تتويج فيلم ''ذات مرة'' في اختتام الطبعة الأولى لأيام ''سيرتا للفيلم القصير''    بالصور ديكورات شتوية مليئة بالدفئ لزوايا المنزل    من "غير المجدي" الابقاء على زيارته المبرمجة الى فرنسا    خروج مستشفى المعمداني عن الخدمة    الرمان وفوائده.. ومحاذير الإفراط في تناوله    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    تنظيم ملتقى بعنوان دور الشباب في تعزيز التكامل الإفريقي    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    كأس الجزائر (نصف النهائي): اتحاد الجزائر يفوز على اتحاد الحراش (1-0 بعد الوقت الإضافي) ويبلغ النهائي    رؤية الرئيس تبون استراتيجية تنموية متعدّدة الأبعاد    استغلال البحث العلمي لتحقيق التنمية وخلق مناصب شغل    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    البوليساريو تدين كل المحاولات الدنيئة والمغالطات المكشوفة    تبسة تكشف عن قائمة ألف مستفيد من السكن الاجتماعي    الاتحادية الجزائرية تقف على آخر الاستعدادات    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    زروقي يلعب آخر موسم له مع نادي فينورد الهولندي    صدور السيرة الذاتية لجوهر أمحيس أوكسال    الفرقة الفنزويلية تضيء ساحة البريد المركزي    ابن باديس الموحِّد والعالِم والمصلح.. رجل حارب الجهل والتخلف وفرنسا    تحديد موعد مبارتي محليي "الخضر" وغامبيا في تصفيات "الشان"    لوحة فنية جمالية تقاوم الاندثار    "الطرّاح القسنطيني" إرث من الصوف يصارع البقاء    صحة: دورة تكوينية متخصصة للالتحاق ببعض الرتب لأسلاك الممارسين الطبيين المفتشين    السفير يطمئن على قندوسي    بطولة للشطرنج بين مصالح الشرطة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما أممت الجزائر محروقاتها
نشر في الشعب يوم 21 - 02 - 2012

قررت الجزائر قبل أربعين سنة ونيف تأميم ثروتها النفطية كلها بعد أن ظلت بين العامين 1962 و1971 رهينة بنود اتفاقية ''ايفيان'' التي تنص على سيادة جزئية للجزائر على حقولها من المحروقات. وسنحتفل جميعا بهذا الحدث التاريخي بعد غد الجمعة ليس كحدث وطني فحسب ولكن كحدث يهم جميع الدول النفطية المستعمرة لأنه ببساطة دفع بعض تلك الدول الى اتخاذ قرار مماثل ولاسيما دولتان كبيرتان في شأن الطاقات الأحفورية هما ليبيا والعراق. وفي نفس سياق الاحتفال تطرح أسئلة التنمية المبنية على النفط، ومصير حكمة التأميم التي يبدو أنها أخطأت طريقها نحو الهدف بعد مرور قرابة نصف القرن عن اتفاقية ''ايفيان''.
فماذا جنت الجزائر من قرار تأميم المحروقات ذات ساعة من يوم 24 فيفري 1971 ؟ وهل انتظر مهندسو القرار أن تتحول الجزائر بفعل ذلك الى قطعة أخرى على رقعة لعبة أممية كبيرة اسمها ''التقسيم الدولي للأسواق'' ؟
فرنسا توقف المفاوضات
شرعت الجزائر في مفاوضات جديدة مع باريس لحظات تاريخية بعد انضمامها الى منظمة ''أوبك'' بدءا من العام 1969 الهدف منها استكمال تحرير قطاع المحروقات ومن ثمة استكمال الاستقلال الوطني على سلم الاقتصاد، ولكن المفاوض الفرنسي لم يلمس فائدة ترجى من استمرار التفاوض فأوقفها من طرف واحد بعد سنتين من انطلاقها ليفسح المجال للدولة الجزائرية حينها كي تتخذ قرارها التاريخي في نفس السنة بل في نفس الشهر.
يبدو أن الفرنسيين كانوا على ثقة مبالغ فيها في عدم قدرة الجزائريين على ادارة ثروتهم النفطية بالشكل اللازم أو على توطين تكنولوجيا الاستكشاف بالصورة التي تجعل الشركات الفرنسية الملاذ الدائم للقرار الجزائري، الى أن تحققت المفاجأة بافتكاك الشركة العمومية الجزائرية «سوناطراك» التقانة اللازمة لادارة السوق في أقل من 10 سنوات من تاريخ تأسيسها، افتكاك كان بإمكانه المساعدة على تصميم سياسة وطنية أكثر ذكاء في تثمين القطاع بدل أن يقتصر الجهد الوطني على ضمان ضخ النفط الخام الى الاقتصاديات الصناعية الكبرى وعلى رأسها فرنسا وأمريكا بأسعار لا تساوي شيئا أمام الأسعار الصناعية للمشتقات الهيدروكربونية. ومن ثمة أصبح قطاع النفط بشكل خاص الورقة الأكثر تأثيرا في قيادة السياسة الخارجية للجزائر عندما تزامن التأميم مع حرب أكتوبر 1973 بين العرب واسرائيل وهي الحرب التي حولت النفط الى سلاح توازن استراتيجي بين يدي من يملكه.
ورقة التوازن الاستراتيجي
عزز تأميم قطاع المحروقات في الجزائر العام 1971 من توجهات الدولة الوطنية وسمح لها بالمناورة بين 3 محاور دولية في مرحلة من تاريخ الدولة الفتية التي كان عليها أن تعزز استقلالها السياسي، محور كل من موسكو وواشنطن ساعد الى حد كبير في الاستقلال عن محور باريس بعيد التأميم مما يبرر لنا بروز الشركات الأمريكية في التكوين الرأسمالي النفطي للبلاد، وبروز المعاهد السوفيتية في تكوين الموارد البشرية الجزائرية. ولو توسعت المناورة الجزائرية الى الصناعة النفطية ومقايضة النفط بتوطين التكنولوجيا في القطاعات الأخرى ذات العلاقة بالأمن الاقتصادي بعيد المدى لكان حال البلاد غير الحال التي هي عليه الآن. فكيف تمكنت القيادة السياسية للجزائر بداية السبعينات من القرن الماضي من كسب ورقة الاستقلال النفطي لصالحها في حين أنها فشلت بداية الثمانينات في حماية ورقة التوازن هذه من هيمنة العامل الخارجي بجناحيه الفرنسي أولا ثم الأمريكي مؤخرا، وفشلت أكثر في تحويل الريع النفطي الى ثروة دائمة للبلاد؟
الجواب ربما نجده لدى من تولى رسم السياسة الجزائرية في ادارة ثروة البلاد من المحروقات منذ مرحلة التأميم ومن تولى تطبيق تلك السياسة خلال المراحل التالية.
أولئك وحدهم القادرون على تفسير حالة الاتكاء المفرط على ريع المحروقات في تمويل استثمارات الدولة وتكوين ميزانها التجاري، اتكاء رفع نصيب صادرات النفط في تكوين اجمالي الصادرات من 70 بالمائة عند التأميم الى 97 بالمائة بعد أربعين سنة. اتكاء أزهد واضعي السياسات الاقتصادية في البلاد في الصناعة المتماسكة فسقط نصيب المنتج الصناعي في تكوين الناتج الداخلي الخام من 20 بالمائة العام 1981 الى 5 بالمائة اليوم.
اتكاء أعدم التراكم الرأسمالي الفلاحي حتى سقط نصيب الانتاج الفلاحي من الناتج الوطني الخام من 30 بالمائة الى 8 بالمائة كي تتحول الجزائر عندها الى أول دولة عربية في استيراد نفس المادة التي ظلت تشكل محور صادرات الجزائر قبل اكتشاف حقل حاسي مسعود أي القمح الصلب بل الى أول دولة في استيراد الغذاء بحزمة تشمل 43 مادة.
المبادئ والأسواق
كيف تحول قطاع المحروقات في الجزائر الى ساحة اختبار لمبادئ الدولة في التأميم عندما تحول من رمز لسيادة الشعب على النفط الى فرصة لتحقيق منافع خاصة يشوبها الفساد ؟
من زاوية نظر الأسواق، أي قطاع اقتصادي يمكنه أن يلعب دورين متوازيين هما: تغذية المحيط بمنتج محدد وتوظيف المحيط باستيراد منتجات محددة. والمبادئ وحدها هي التي تحدد الفيصل بين الدورين حيث يتم في اطارها تعريف القيمة الاستراتيجية للقطاع ليس على سلم فائض التجارة ولكن على سلم التنمية المستديمة.
حقيقة مكن تأميم المحروقات الخزينة الجزائرية من ايرادات حقيقية وجبائية تتراوح بين مستويات عدة هي نفسها مستويات الأسعار في أسواق النفط، ولكن أسئلة كثيرة لا تزال تدور حول الجدوى الاقتصادية لتلك الايرادات مقارنة بالتدفقات التي غطت لحد الساعة مساحة من الزمن تشرف على نصف القرن. وأسئلة أخرى عن الدور الذي لعبته السياسة النفطية الجزائرية بعد التأميم في هيكلة الاقتصاد الوطني من جهة، وفي هيكلة الاقتصاديات الشريكة من جهة ثانية ولا سيما اقتصاد فرنسا التي اضطر ممثلها في مفاوضات مراجعة اتفاقية ''ايفيان'' الى وقف المحادثات لصالح الطرف الجزائري. كان ذلك في مطلع شهر فيفري من العام 1971 أي أياما قليلة قبل اعلان الجزائر عن قرارها التاريخي: تأميم المحروقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.