في زيارة قادتها إلى مقر جريدة »الشعب« دعت نجمة الجيدو سليمة سواكري إلى إعادة النظر في السياسة المنتهجة في رياضة الجيدو وضرورة تظافر جهود الجميع من أجل تقديم الحلول وإيجاد الصيغة المثلى لإعادة مصارعينا إلى منصات التتويج، كما تطرقت الى مجموعة من النقاط نجدها في هذا الحوار. ❊ الشعب: بما انك غنية عن التعريف، ما هو تقييمك لمشوارك في رياضة الجيدو؟ ❊❊ سليمة سواكري: ما استطيع قوله في هذه النقطة هو الحمد لله أولا وقبل شيء على المكانة التي وصلت إليها في رياضة الجيدو، ولكن لا يمكن للمرء أن يقيم نفسه دون العودة الى الظروف التي افشلت مسيرته او صنعت منه بطلا، فانا مثالا لكل طفلة جزائرية نشأت في عائلة متوسطة الدخل وحي شعبي أين كانت الدهنيات صعبة نوعا ما فكان ينظر للرياضات القتالية حكرا على الرجل إضافة إلى انعدام الإمكانيات فلا توجد سيارة تقلك وكنت اقطع 10 كلم يوميا سيرا على الاقدام كي اصل الى القاعة. لكن ذلك لم يمنعني ابدا من تحقيق ما كنت اصبوا اليه، فكما يقال الأزمة تولد الهمة ولم تولد لي الفشل لاني احب رياضتي كثيرا وتحديت كل العراقيل من اجل تطوير قدراتي والوصول الى المنتخب الوطني في سن ال16 سنة دليل على اني كنت في الطريق الصحيح. وللأسف تزامن وصولي الى الفريق الوطني سنة 1990 مع بداية العشرية السوداء التي سببت لي اضرارا نفسية كبيرة على غرار عموم الجزائريين، وكان من الصعب عليّ ان احمل حقيبتي واتجه الى التدرب واي تدريب حيث كان علي القيام بتمارين شاقة من اجل البقاء في المستوى العالي وتطوير قدراتي، كما كنا وقتها بمثابة سفراء للجزائر. زد على ذلك كثرة الاصابات الناجمة عن الحالة النفسية السيئة فقد أجريت 6 عمليات جراحية لكنني ثابرت واجتهدت وحققت نتائج اعتبرها مرضية بالنسبة لي ودائما اقول اني كنت قادرة على تحقيق نتائج احسن لولا الظروف التي اعترف لها ببعض الفضل علي لان التجارب التي مررت بها ساعدتني في حياتي الرياضية، ف15 لقبا وطنيا و12 افريقيا ومرتبة ثالثة عالميا والوحيدة في افريقيا التي فازت ببطولة باريس الكبرى للجيدو المعدلة لبطولة العالم ناهيك عن اختياري لاكثر من مرة كافضل رياضية ومصارعة وطنيا وقاريا يجعلني اشعر بكثير من الفخر والاعتزار لي وللجزائر. ❊ ما هو افضل ما كنت تطمحين الى تحقيقه كلقب ولا زلت تأسفين على تضييعه؟ ❊❊ أكيد أن عدم تتويجي بالميدالية الاولمبية هو الشيء الوحيد الذي آسف عليه، بعدما كنت اكتفي دائما بالمركز الخامس خلال 3 دورات (برشلونة، اطلنطا، اثينا) وأسعى حاليا إلى تحقيقها مع احدى مصارعاتي. ❊ وكيف تصفين تجربتك كمدربة للمنتخب الوطني؟ ❊❊ اقول عنها انها كانت ناحجة جدا بعدما حققت معه احسن النتائج لكل الأوقات في البطولة الافريقية بعدما حصدنا 5 ميداليات ذهبية من اصل 7 زائد كاس افريقيا لذلك انا فخورة جدا بعملي على راس المنتخب الوطني، واحاول مواصلة النجاح مع نادي المجمع البترولي الذي ادربه في الوقت الحالي. ❊ انت من الرياضيين القلائل الذين زادت شعبيتهم واصبحوا اكثر حضورا في المشهد الرياضي وغيرها من المجالات، خاصة وان الامر كان مقتصرا اكثر على لاعبي كرة القدم، الى ما ترجعين ذلك؟ ❊❊ أهم شيء نلته في حياتي اضافة الى الالقاب هو تقدير الناس لشخصي فاينما ذهبت اجد اغلب الجزائريين يعرفونني، اضافة الى خوضي تجارب ناجحة في مجال الاشهار الذي استفدت منه كثيرا. وانا لا اقبل باي عرض اشهاري الا اذا كنت متأكدة انه يناسني ويسمح لي بالظهور بصورة افضل لان النجاح في العلاقات العامة ليس بالامر السهل ويتطلب مجموعة من الصفات تكون اغلبها فطرية كالعفوية التي اتميز بها. كما اني اكره ان ابدو بشخصية مصطنعة بل اقابل الناس دائما بطبيعتي التي خلقت بها. ❊ سواكري من بطلة في رياضة الجيدو إلى سفيرة للنوايا الحسنة لدى اليونيسيف؟ ❊❊ هو شرف عظيم بالنسبة لي كأول امرأة جزائرية يتم اختيارها كسفيرة لليونيسيف، وقد سعدت بذلك كثيرا لان الدخول في النشاط الجمعوي غالبا ما كان يستهويني وقد عينت رئيسة شرفية لجمعية الوفاء للاحتياجات الخاصة بالكاليتوس، ومن خلال ما نقوم به اكتشف في كل مرة نبل وقيمة العمل الخيري. وتم تعييني في هذا المنصب لسنة واحدة قابلة للتجديد سنقوم خلالها باعداد برنامج في جميع الولايات خلال السداسي الاول من السنة الجارية بجميع ولايات الوطن من اجل العناية التامة بالمرأة والطفل الذي يجب ان نتكفل به منذ الان من اجل مستقبله. ❊ لو نعود الى الجانب الرياضي، يمكن القول ان مسيرتك الحافلة شكلت عبئا ثقيلا على الجيل الحالي من المصارعين، فرغم الظروف الصعبة وانعدام الامكانيات الا انك حققت نتائج باهرة اما هذا الجيل فرغم الامكانيات المسخرة امامه الا ان النتائج مخيبة ما قولك؟ ❊❊ تبتسم.. هي مفارقة غريبة نوعا ما بالنظر الى الامكانيات التي يتوفر عليها المصارعون اليوم لكن النتائج المحققة في الالعاب الافريقية الاخيرة وخاصة الالعاب العربية مخيبة جدا للرياضة الجزائرية التي كانت تحتل دائما المراكز الاولى. ❊ ماذا تقترحين كمصارعة لها خبرة كبيرة في رياضة الجيدو للخروج من دائرة النتائج المخيبة؟ ❊❊ تصوري لاعادة الاعتبار لرياضة الجيدو يقوم على ضرورة بناء مراكز واقطاب جهوية في الجهات الاربع للوطن تكون مهمتها جمع النخبة وتكوينها وتسخير الظروف الملائمة لها، وجلب افضل المدربين للفئات الصغرى خاصة كي يكون تطورها بالشكل السليم وليس دفع المبالغ الكبيرة لجلب مدربين اكفاء للأكابر لان الأساس يبدأ من القاعدة، وحينها لن يكون هناك أي مشكل في إيجاد الأجدر بحمل الألوان الوطنية. ❊ هناك من ينتقد الطريقة المعتمدة في الاستدعاء للمنتخب الوطني هل توافقينهم؟ ❊❊ اجل اوافقهم لان الاستدعاء الى المنتخب غالبا ما يقع على الذين احتلوا المراكز الاولى في البطولة الوطنية التي تقام مرة كل سنة دون البحث والتنقيب عن المواهب فهناك من لم يتوجوا ولكنهم يملكون الموهبة ومع صقل طفيف يمكن أن يقدموا الكثير، ضف الى ذلك ان الاهتمام بالجيدو يقتصر على العاصمة فقط عكس باقي الولايات التي يعاني رياضيوها من نقص الإمكانيات. وهناك ايضا مشكل كبير يعاني منه المصارعون وهو نقص المنافسة حيث تنظم 3 بطولات في السنة. ❊ هل سبق وان عرضت مقترحاتك او طلب منك ذلك؟ ❊❊ لدي 30 سنة خبرة في رياضة الجيدو واستطيع أن أدلي برأيي بكل كفاءة لكن لحد لم يستشرني احد وأنا جاهزة لخدمة بلدي ومن خلال جريدتكم أوجه رسالة إلى الجميع مفادها أن الفرصة مناسبة كي نتعاون جميعا من اجل إيجاد الحلول لمشاكل رياضتنا ويساهم كل واحد بخبرته، وان نترك الخلافات الشخصية جانبا ونسبق المصلحة العامة على الخاصة وهذا ليس خاص بفدرالية الجيدو بل لجميع الرياضات. ❊ تعتبر سليمة سواكري قدوة لكل المصارعين وليس المصارعات فقط والكثير يتساءل كيف وصلت الى هذه المرتبة بماذا تجبين؟ ❊❊ انا لدي ميزة بين المصارعين وهي أني لم يكن لدي مدرب ولم انتظر المساعدة من احد كما ان الجانب النظري لا يقل أهمية عن التطبيقي فاخذ الدروس وجمع المعلومات امر مهم للغاية خاصة مع الوسائط الحديثة كالانترنت. اما من الناحية التطبيقية فكنت أتمرن 3 مرات في اليوم الأولى على ال6 صباحا ثم على ال10 والأخيرة على ال16 زوالا او الساعة ال18 وهذا من اجل الوصول الى المستوى العالي، كما انني تمرنت كثيرا مع الذكور حتى اشتد اكثر. مع ضرورة المثابرة وعدم الاستسلام للفشل لان كل من يريد النجاح سيحققه وانصح بالجمع بين الدراسة والرياضة لأنهما متلازمتان إضافة ضرورة امتلاك الموهبة لأنها سر النجاح. ❊ في الاخير ما هي مشاريع سليمة سواكري القريبة والبعيدة؟ ❊❊ بالنسبة للقريبة سأخصكم بحصرية خبر دخولي عالم التنشيط التلفزيوني.. أما مشروع المستقبل فهو إنشاء مدرسة خاصة لرياضة الجيدو تنجب أفضل المصارعين للجزائر.