لا يتوقف العلم في التوصل إلى مصادر بديلة للطاقة التقليدية ومنها الغاز المستخلص من الصخور الطينية. سوناطراك تبدو مصممة على خوض هذا الخيار لكن تقف عند تخوف يتعلق بالقدرة التقنية والتكلفة. وتم رصد مكامن هذا الغاز بمنطقة الجنوب الغربي من البلاد وسطرت القيام بحفر بئر في شكل تجربة نموذجية خلال هذه السنة. حسب وزير الطاقة والمناجم فان قدرات الجزائر من هذا الغاز اعلى سبع مرات عن احتياطات الغاز الطبيعي العادي التقليدي المقدرة بحجم يقدر ب4500 مليار متر مكعب. لكن النقاش سرعان ما بدا بين مؤيد لذلك ومعارض او متخوف ولكل أسبابه، وبرز ذلك خلال الندوة التي نظمتها الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز يومي 27 و28 فيفري الماضي بوهران. هذه الصخور فهي عبارة عن صخور ترسبية غنية بالمواد العضوية وتوجد في العديد من أجزاء العالم. ولم يتم استغلالها كمصدر للغاز حتى حوالي العقد الماضي من الزمان عندما عمدت شركات أميركية إلى تطوير التكنولوجيات الجديدة التي تعمل على تكسير هذه الصخور والقيام بحفرها بشكل أفقي. ولما لم يتم حتى الآن تنفيذ سوى القليل من عمليات الحفر في خارج الولاياتالمتحدة وكندا في حقول الصخور فقد عكف المحللون على إجراء سلسلة متسعة من التقديرات الخاصة بما يمكن أن تحتويه هذه الحقول من الغاز في جميع أنحاء العالم. في تعقيب على ما صرح به وزير الطاقة والمناجم يوم 28 فيفري 2012 بوهران من أن احتياطي غاز الصخور في الجزائر يقارب احتياطي الولاياتالمتحدةالأمريكية، أوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول أن حجم الاحتياطي من هذا النوع من الغازات غير التقليدية في الجزائر يقدر حسب أرقام الوكالة الدولية للطاقة ب6500 مليار متر مكعب أي بنسبة 25 بالمائة فقط من احتياطي الولاياتالمتحدة والمقدر بحجم يقارب 29500 مليار متر مكعب. غاز الصخور هو غاز غير تقليدي يوجد في مكامن من الطبقات الصخرية الطينية ويحتوي بين 5 إلى 10 بالمائة من المواد العضوية. ويشير مبتول في تعريفه المبسط إلى أن التنقيب على مواقعه يكون في الأعماق عموما إلى مستوى بين ألف و3 آلاف متر تحت طبقات المياه الباطنية. وتتمثل عملية استخلاصه من خلال تفتيت الصخور بضخ كميات هائلة من المياه ممزوجة بالرمال بحجم مليون متر مكعب من المياه العذبة لاستخلاص وإنتاج مليار متر مكعب من الغاز بالضغط العالي. ويمكن استرجاع جزء من تلك المياه المستعملة في تفتيت الطبقات الصخرية بنسبة تصل إلى 50 بالمائة خلال استغلال بئر وذلك بعد المعالجة بوسائل ملائمة. والهدف من إدماج الرمل الذي يدفع في عمليات التنقيب بمواد كيماوية إلى الحفاظ على الفجوات والفتحات قائمة لتمكين الغاز من الخروج إلى السطح. ولكن يتوقف الخبير في مقاربته التحليلية عند جانب المخاطر التي تترتب عن مثل هذا التنقيب ومن أبرزها خطورة تسرب كميات من الغاز إلى المياه الجوفية مما يعرضها للتلوث. ويدعم نظرته للموضوع هذا بتقرير لجنة الطاقة والتجارة لمجلس النواب الأمريكي الذي يذكر أن استغلال هذا النوع من الغازات الباطنية يؤدي إلى استعمال أكثر من 2500 مادة منها 750 مادة كيماوية تتضمن 29 مادة تتسبب في مرض السرطان أو تهدد المحيط البيئي بالدرجة الأولى مما يتطلب الحذر والتدقيق لتفادي ذلك. وبالنسبة للجزائر يضيف مبتول أن مثل هذا الخيار مكلف من حيث عمق المكامن التي تتوفر على مصدر إنتاج غاز شيست وكذا من حيث شبكة النقل التي يتطلبها علما أن تسيير الاستغلال معقد والآبار تفقد نسبة 80 بالمائة من الإنتاجية خلال 5 سنوات، ويتساءل هل توجد مخططات مسح جيولوجية وإحصائيات تساعد على تشخيص أدق للموضوع؟. وبرأيه فان المسألة تكمن بداية في مدى إعداد الموارد البشرية ومدى وجود دراسة حول مخاطر تأثر الموارد المائية الباطنية والجوفية مقابل الرهان على مثل هذا الغاز، ليخلص إلى أن الأمر لا يرتبط فقط بالقدرات والموارد المالية الموجودة وإنما أيضا بإدراج تكوين ملائم ومطابق يستجيب بمتطلبات التعامل مع الطاقة غير التقليدية سواء الغاز المستخلص من الصخور أو من الشمس مضيفا أن تكلفة الخبرات الأجنبية انتقلت من 2 مليار دولار سنة 2002 إلى 11 مليار دولار سنة 2011 ووفق هذا المسار فمن الواضح أننا ننتقل من تبعية إلى أخرى وهذا ما ينبغي الاحتياط له.