أكدت الروائية القديرة زهور ونيسي في لقاء مع ''الشعب'' على هامش الندوة الدولية ''التعدد اللساني واللغة الجامعة'' أن رواسب الاستعمار الفرنسي لا تزال متحكمة في المجتمع الجزائري بالنسبة للغة الوطنية، كما أن التطورات الحاصلة في العالم وغزو العولمة تؤثر على مجتمع لم يسترجع بعد قدرته على التحكم في مقدراته اللغوية والحضارية. وأشارت ونيسي إلى أن المؤسسات لا تبنى بالارتجاليات، وإنما تُبنى باستراتيجيات مختلفة على مستوى اللغة أو على مستوى التاريخ وحتى السياسة والاقتصاد.. عندما نتكلم عن اللغة العربية في الجزائر، لا نتكلم عنها بمعزل عن ظروف الجزائر التاريخية، وبمعزل عن الاستعمار الفرنسي الذي لم يكن استعمارا عسكريا فقط أو سياسيا، ولكنه كان استعمارا ثقافيا أيضا وتاريخيا، حيث أن اللغة العربية مُنع من تدريسها عدة مرات، ولم يثوان المحتل الفرنسي في سن قوانين لطمسها، لذلك على مدى قرن وثلث قرن بطبيعة الحال نجد رواسب الاستعمار لا تزال متحكمة في المجتمع الجزائري بالنسبة للغة، وكذلك التطورات الحاصلة في العالم لا سيما انتشار ظاهرة للعولمة، وكون العالم أيضا أصبح قرية صغيرة، كل هذه وغيرها من العوامل تؤثر على مجتمع لم يسترجع بعد قدرته على التحكم في مقدراته اللغوية والحضارية. لذلك نجد أن اللغة العربية في الجزائر بالرغم من وجود ثلاثة أو أربعة ملايين طفل على مستوى المدارس الابتدائية، والذين يتقنون اللغة العربية نجد أن هناك من يتصور أن في التعدد اللساني خيار عن اللغة الأم أو اللغة الوطنية وهذا خطأ، كل العالم يعدد لسانه، ولكنه يُبقي دائما على المكانة اللائقة للغته الوطنية ولغته الرسمية. ̄ قلتم إن رواسب الاستعمار الفرنسي ما تزال إلى يومنا هذا متحكمة في المجتمع الجزائري، هذا يعني أننا بحاجة إلى إستراتيجية وطنية لحماية اللغة العربية والارتقاء بها؟ ̄ ̄ بطبيعة الحال المؤسسات لا تبنى بالارتجاليات، وإنما تُبنى باستراتيجيات مختلفة على مستوى اللغة أو على مستوى التاريخ وحتى السياسة والاقتصاد.. لذلك وكأن المجلس الأعلى للغة العربية ومنذ نشأته يعطي هذه الأضواء أو يحذر على أن الوقت أصبح ضروريا من أجل الاعتناء باللغة الوطنية وإرجاعها إلى مكانتها الأساسية، ونرى في الدول الأسيوية وإسرائيل كيف للغة العبرية المستمدة أيضا من اللغة العربية أن تنجح وتنتشر على المستوى العالمي، وتصبح متحكمة في التكنولوجيات، واللغة العربية التي هي أم اللغة العبرية تبقى في حالة انزواء وتبقى في حالة تهميش وانهزام. ̄ ألا ترون أن التعدد اللساني مثلما يشكل مصدر ثراء، هو في نفس الوقت يُشكل خطرا على اللغة الوطنية، على سبيل المثال في الجزائر أضحى استعمال اللغات الأجنبية يسيطر على استخدام اللغة الأم؟ ̄ ̄ لا.. ذلك لا يشكل خطرا، لكن كما قلت سابقا، فإن استخدام اللغات الأجنبية أكثر من اللغة الأم هو نتيجة ظاهرة العولمة المتوحشة، التي نأخذ منها وينهل منها شبابنا كل يوم دون التمييز بين سلبياتها وإيجابياتها.