يرى البروفيسور في القانون العام وعضو المكتب الدائم للحقوقيين العرب بوجمعة صويلح، أن مسودة مراجعة الدستور تضمنت إضافات متعددة تخص الحقوق الأساسية والحريات العامة، بالإضافة إلى ضمانات جوهرية تهدف إلى تحقيق الأمن والأمان القانوني وبالتشريع الواضح المتجانس مستقبلا. وأعرب صويلح في حوار خص به «الشعب»، عن أمله في أن تحلل الصياغة الجديدة الواقع الدستوري في الجزائر، وبشكل أفضل وأعمق بعيدا عن التسرع، أو المخاطرة بالتماسك الدستوري والتوازن المؤسساتي. الشعب : ماذا تعني لكم ديباجة مشروع الدستور؟ الأستاذ بوجمعة صويلح : الديباجة جزء لا يتجزأ من الدستور، بها جذور التاريخ لشعب حر عبر مسارات الكفاح والجهاد والتحرر، وانتصارات مصيرية في سبيل الحرية، واسترجاع السيادة وبناء الدولة، آخرها التعبير العميق من خلال هبة شعبية قوية 22 فيفري 2019، وحراكه الشعبي المبارك وترسيخ قيم الروح الحضارية ونبذ الفتن والعنف والتطرف. - ما رأيكم في الجانب المتعلق بالحقوق الأساسية والحريات العامة في وثيقة تعديل الدستور؟ الكلام عن الحقوق الاساسية الفردية والجماعية يدفعنا للحديث عن الاستمرارية في البناء الدستوري من 1963 الي يومنا هذا، لكن ما يلاحظ أنها في جميع الدساتير السابقة تذكر وتسرد بتفاوت نسبي خاصة منذ دستور 1989، الذي أفضى إلى الانفتاح والتعدد الجمعوي والحرية والتنوع، إلا أن الدستور الحالي والذي سيعرض للاستفتاء الشعبي يوم الفاتح نوفمبر القادم تضمن إضافات متعددة تخص الحقوق الأساسية والحريات، وضمانات جوهرية تهدف إلى تحقيق الأمن والأمان القانوني وبالتشريع الواضح المتجانس مستقبلا في هذا الباب ولا يمكن أن تقيد إلا بقانون وبالقضاء وبالمقابل واجبات كل مواطن تجاه المجموعة الوطنية. - في باب تنظيم السلطة التنفيذية، استحدث نظام الأغلبية الرئاسية، وكذلك نظام الأغلبية البرلمانية هل تفصل في ذلك؟ اليوم هناك توجه كبير لتوسيع مشاركة المجتمع المدني والحياة الجمعوية، في الشأن العام وكذلك الدفع بالتعددية الحزبية إلى مجالات أوسع، وبإصلاحات ثقيلة في قانون الأحزاب والقانون العضوي للانتخابات، الأمر الذي يخلق مناخات للجهد والعمل والتنافس على التداول الديمقراطي والتناوب وهذا ما يجعل الانتخابات القادمة المحلية والتشريعية وغيرها، إذا فازت بتكوين وتشكيل أغلبية رئاسية يعين وزير أول بتشكيل حكومي ومخطط عمل لبرنامج الرئيس. وإذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية يعين رئيس الحكومة وتشكل حكومته ويعد برنامج الأغلبية البرلمانية. - ماذا عن البرلمان والسلطة التشريعية؟ الممارس في الجزائر سلطة تشريعية تتكون من غرفتين، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، ولكل غرفة السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه وللبرلمان سلطة الرقابة على أعمال الحكومة، كما يضمن للمعارضة البرلمانية المشاركة الفعلية في أشغال البرلمان وفي أجهزته ولجانه الدائمة، ولها حق الإخطار للمحكمة الدستورية كما يحتفظ النائب الذي استقال من حزبه أو أبعد منه بعهدته بصفة نائب غير منتم. - ماذا يعني هذا الطرح؟ أي محاربة التجوال السياسي، النائب الذي يغير الانتماء طوعا من الحزب الذي انتخب على أساسه، وكذلك الابتعاد عن تحكم الحزب في النائب المستقيل منه. - كيف ترى محور العدالة والقضاء حسب الدستور المنتظر؟ القضاء سلطة مستقلة يحمي المجتمع والحريات وحقوق المواطنين، وهو متاح للجميع واستقلال القاضي وضميره، تحميه الدولة وتجعله في منأى عن الاحتجاج، كما يحمي القانون المتقاضي من أي تعسف يصدر عن القاضي، كما يخطر القاضي المجلس الأعلى للقضاء في حالة تعرضه لأي مساس باستقلاليته، وكذلك الدفاع شريك القضاء يستفيد من الضمانات القانونية التي تكفل له الحماية من كل أشكال الضغوط. - ما هو رأيكم في استبدال المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية؟ في الواقع هو مجرد استبدال للتسمية المعروفة سابقا ‘'المجلس الدستوري»، وأصبحت تسمى بالمحكمة الدستورية، والتي تعتبر واحدة من مؤسسات الرقابة مكلفة بالتحقيق في مطابقة العمل التشريعي والتنظيمي للدستور، وسير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية، تنظر في الإخطار الموجه إليها وفي دستورية المعاهدات والقوانين والأوامر والتنظيمات. كما تنظر في الطعون التي تتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاء وتعلن النتائج النهائية الملزمة لجميع السلطات الإدارية والقضائية. - وما هو منظوركم لمحور السلطات العمومية وعلاقتها بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات؟ التطور السياسي والشعبي الحاصل في البلاد أفرز سلطة وطنية مستقلة للانتخابات، وأضحت سلطة مدسترة ولها استقلال تتولى مهمة التحضير، والتنظيم والتسيير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المحلية والاستفتاءات والإشراف عليها، وهي حاليا منكبة على عملية استفتاء 01 نوفمبر، وبدعم كامل وضروري من السلطات العمومية. ومن سلطات الرقابة، أذكر السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وهناك هيئات أخرى منها، المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الأعلى للأمن، والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب، إضافة إلى المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات والأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا.