يمنح مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، صلاحيات أوسع وأدوات أكبر لإدارة العمليات الانتخابية، ويجعلها في منأى عن أي تدخل للإدارة العمومية، ويضع على عاتقها ضمان الحياد والاستقلالية وعدم الانحياز في تسيير ومراقبة الاقتراع. أدمجت لجنة الخبراء، القانون العضوي المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بمشروع قانون الانتخابات الجديد، الذي سلم للأحزاب السياسية، بحر الأسبوع المنقضي، من أجل دراسته وإثرائه. الأمر رفع مواد النص إلى 313 مادة مقابل 225 مادة حاليا. اللجنة التي يقودها خبير القانون الدولي أحمد لعرابة، منذ تنصيبها في 19 سبتمبر من العام الماضي، أفردت الباب الأول لمشروع القانون، للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وحددت هياكلها وصلاحياتها في 42 مادة (من المادة 6 إلى المادة 48). واللافت، أن مشروع القانون يضع على عاتق السلطة المستحدثة في 15 سبتمبر 2019، مسؤولية ضمان شفافية العملية الانتخابية والتصدي لكل شبهات التزوير. ويرد في المبادئ الأساسية بأن “القانون العضوي يهدف إلى تجسيد المبادئ الدستورية المتعلقة باستقلالية وحياد وعدم انحياز السلطة المكلفة بتسيير ومراقبة الانتخابات”. ومن أجل تأدية هذه المهمة، أضيفت صلاحيات جديدة للسلطة المستقلة ووسعت “للإشراف على مجمل العمليات الانتخابية والاستفتائية”، بما فيها استقبال ملفات الترشح للانتخابات البلدية والولائية والمجلس الشعبي الوطني، بعدما كانت تقتصر على ملف الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية. ووفق المادة 9، تمارس السلطة المستقلة صلاحياتها منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج (النتائج الأولية)، ويقع على عاتقها توفير الوثائق والمعدات الضرورية لإجراءات العمليات الانتخابية والاستفتائية. ويقطع البند الأخير، الخيط الذي كان يربط الهيئة بالسلطات العمومية، والتي كانت “ملزمة بتقديم كل أنواع الدعم والمساندة للسلطة المستقلة وتزودها بكل الوثائق والمعلومات التي تراها ضرورية لأداء مهامها (المادة 4 من قانون السلطة المستقلة الحالي)”. وتتجسد الاستقلالية الفعلية للسلطة المستقلة، من خلال تمكينها من صلاحية “إعداد ميزانية الانتخابات وتوزيع اعتماداتها ومتابعة تنفيذها، بالتنسيق مع المصالح المعنية”، وكانت ميزانية الانتخابات من اختصاص وزارة الداخلية التي ترسلها للسلطة عن طريق الإدارة المحلية. ووفق مشروع القانون الجديد، تمسك السلطة المستقلة محاسبة الاعتمادات المخصصة بعنوان ميزانية الانتخابات بشكل منفصل عن ميزانية تسييرها، وتسند لرئيسها صفة الآمر بالصرف. جهاز قوي النص الذي يوجد بين أيدي كل التشكيلات السياسية، يوفر للسلطة المستقلة للانتخابات، أقوى سلاح لمحاربة المال الفاسد، حيث تنص المادة 113، على أن “تنشأ لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملات الانتخابية والاستفتائية”. وتتشكل اللجنة من “قاض تعينه المحكمة العليا وقاض يعينه مجلس الدولة وقاض مستشار يعينه مجلس المحاسبة وممثل عن وزارة المالية”. وتتولى مراقبة كل الجوانب المرتبطة بطرق تمويل الحملات الانتخابية والتدقيق في حسابات القوائم والمترشحين وفق ضوابط جديدة وصارمة. جهازان... تداولي وتنفيذي مشروع قانون الانتخابات، يضع تقسيما جديدا لهياكل السلطة المستقلة للانتخابات، ويحصرها في جاهزين: تداولي ممثلا في “المجلس”. وتنفيذي ممثلا في “الرئيس”. ويتخلى عن المكتب ويخضع إنشائه للسلطة التقديرية للرئيس (رئيس السلطة). النص الجديد يفصل في صلاحيات الجهازين، ويمنح للمجلس المصادقة على برنامج عمل السلطة المقدم من طرف رئيسها، واستقبال ملفات الترشح للرئاسيات والمجالس البلدية والولائية ونواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة. كما يصادق على التقارير الصادرة عن لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملات الانتخابية والتقرير المتعلق بالعمليات الانتخابية والاستفتائية الذي يقدمه رئيس السلطة، وعلى الميزانية ويبدي رأيه في كل ما يتعلق بمشاريع القوانين والتنظيمات ذات الصلة بالانتخابات. وحدد مشروع القانون قيد الدراسة والإثراء، عدد أعضاء مجلس السلطة المستقلة للانتخابات ب20 عضوا بدل 50 عضوا (حاليا)، يعينهم رئيس الجمهورية من بين الشخصيات المستقلة لعهدة واحدة مدتها 6 سنوات غير قابلة للتجديد، على أن ينتخب هؤلاء الأعضاء رئيس السلطة المستقلة وفي حالة تساوي الأصوات يفوز الأكبر سنا، ليقوم بعدها رئيس الجمهورية بتعيين رئيس السلطة المستقلة لمدة 6 سنوات غير قابلة للتجديد. ويؤكد النص الأولي، مسؤولية السلطة المستقلة على كل الجوانب المتعلقة بضمان سير العملية الانتخابية يوم الاقتراع، وتنص المادة 124 على أن “تجرى عمليات التصويت تحت مسؤولية أعضاء مراكز ومكاتب التصويت طبقا لأحكام القانون ويتصرفون تحت رقابة السلطة المستقلة”.