أكد الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، أن تعهدات رئيس الجمهورية في الحقيقة كانت واضحة في جزئها الاقتصادي، وهي ليست بجديدة وكان قد أفرج عنها خلال حملته الانتخابية. فحماية القدرة الشرائية وتثمين الأجور وإعفاء الأقل من 30 ألف دج من الضريبة وإيقاف المال الفاسد، الى جانب إطلاق الاقتصاد وإنعاش الاستثمار المنشئ للثروة والابتعاد عن الاستيراد وتضخيم الفواتير، كلها تترجم الطموح الكبير لبناء اقتصاد متكامل بإشراك كل الفاعلين من رجال الأعمال والشركاء الاجتماعيين، ولأول مرة السلطات المحلية للحد من التعسفات الإدارية. يرى الخبير سواهلية، أن مخطط الانعاش الاقتصادي شخّص الاقتصاد الجزائري ووقف على مكامن القوة ونقاط الضعف، والإرادة السياسية موجودة وأمامها تهون كل الصعوبات. لكن لابد من كفاءات ووسائل مادية ومعنوية لتحقيق الأهداف المسطرة. فبعض القطاعات، للأسف، وجدت نفسها غارقة في شكليات بسبب عدم وجود رجال أكفاء وهذا لعدة أسباب، تعود إلى أن هذه الكفاءات لم تدرك الوسائل والأدوات الضرورية لتحقيق هذه الأهداف أو أنها لم تجدها أصلا، لأنه من غير المعقول أن يتابع رئيس الجمهورية كل شيء ولهذه المهمة وجدت الإطارات والكفاءات، كل في موقعه. وبحسب المتحدث، فإن قطاع الصناعة غرق في ملف استيراد السيارات، والفلاحة مازال قطاعا يتخبط في فوضى الإنتاج وعدم التحكم في الأسعار، فكيف الطموح لرفع سقف الصادرات خارج المحروقات دون منتجين يتولون مهمة الإنتاج فقط، مع العمل على توفير كل الوسائل اللوجيستية من مؤسسات النقل، والصادرات ومؤسسات دراسة السوق وجمركة وغيرها... فالمنتج يجب أن يترك للإنتاج فقط فهو غير متحكم ولا متمكن من وسائل التصدير، وعليه لابد من إدراك الأهداف الواجب تحقيقها وتحديد الوسائل الناجحة. في المقابل، يرى الخبير أن الرئيس من خلال خطابه يعول على الشباب والاعتماد على المؤسسات المتوسطة والصغيرة وكذا الناشئة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، التي بدورها- للأسف- غارقة في شكليات ولم تخرج من إطار ما كان يعرف ب «أنساج»، بالرغم من محاولتها إقامة شبكة متكاملة من المؤسسات أو نسيج اقتصادي، وتوفر إمكانات في مجال الابتكار والاختراع لمرافقة المؤسسات الأنتاجية في الصناعة والفلاحة. وبحسب المتحدث، فإن الإشكال الكبير يكمن في عدم تبني مقاربة اقتصادية تقوم بالأساس على الفكر والدور الاقتصادي المنشئ بدوره لآثار اجتماعية كنتيجة حتمية. فالشقان الاقتصادي والاجتماعي متكاملان ويتماشيان مع أي ممارسة اقتصادية، كاستحداث مناصب شغل جديدة وإنشاء الثروة وتحقيق الدورة المالية، ما جعل الكثير من القطاعات دون مستوى مخطط الإنعاش الاقتصادي. ويرى سواهلية أنه يجب الاستثمار في الإرادة السياسية، التي تطمح لاقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على المحروقات، خاصة وأن هذه الإرادة تمثل أحد العوامل المعنوية للاستثمار، ناهيك عن توفير الوسائل المادية، بداية بتوفير مناخ الاستثمار، قائلا: «نحن بحاجة إلى جاذبية الاستثمار وليس لتعديل قانون الاستثمار الذي هو موجود أصلا وتم تصحيح الأخطاء الموجودة فيه في قانون المالية لسنة 2020، وبالتالي علينا الالتفات إلى التعريف بالصناعات والقدرات الجزائرية بمختلف الطرق لجلب الاستثمار الأجنبي». بخصوص الاستيراد، يرى أنه يجب أن يكون مدروسا والذهاب نحو ترشيده بدلا من تقليص الاستيراد، ناهيك عن تشجيع الإنتاج الوطني وحمايته وفتح المجال للمنافسة دون حرمان المواطن من مواد لا تنتج بالجزائر، والاستفادة من فرص الاستثمار الاجنبي.