بدأت المخاوف تنتاب الفلاحين الناشطين بولاية بومراس بسبب شحّ الأمطار لهذا الموسم، خاصة بالنسبة للمساحات المسقية التي تعتمد على هذه المادة الحيوية، حيث تواجه السدود الرئيسية الثلاثة بالولاية تراجعا في منسوب الاحتياط، ونفس الوضعية أيضا بالنسبة للحواجز المائية التابعة للخواص الموجه لسقي الأشجار المثمرة، الكروم وبعض منتجات الشعب الأخرى الأساسية كالخضروات التي تغطي الأسواق المحلية ونحن على أبواب شهر رمضان. اتخذت مديرية المصالح الفلاحية لولاية بومرداس جملة من التدابير الاحتياطية لمواجهة ظاهرة نقص الأمطار المتساقطة خلال هذا الموسم التي قد تؤثر على مختلف المنتجات والمحاصيل الكبرى كالحبوب وإنتاج الأعلاف النباتية الموجهة لتغذية الماشية. لكن يبقى الهاجس الأكبر حاليا هو طريقة توفير كميات كافية من المياه وبطريقة عقلانية لسقي أزيد من 26 ألف هكتار حجم المساحة المسقية بالولاية من أصل 63 ألف هكتار مخصصة للزراعة أي بنسبة 40 بالمائة، وهذه المساحة المسقية تشمل 50 بالمائة تعتمد على الطريقة الحديثة الاقتصادية و50 بالمائة على الطريق التقليدية أو ما يعرف بالساقية. ومن أهم التدابير المستعجلة لمواجهة الوضعية في حالة استمرار توقف الأمطار وحماية المحاصيل الفلاحية، خاصة بالنسبة للموسمية، بادرت مديرية المصالح الفلاحية إلى تنظيم عدد من الخرجات الميدانية لتوعية الفلاحين الناشطين في هذه الشعبة من أجل تحسيسهم بأهمية عقلنة طريقة السقي الفلاحي باعتماد وتوسيع النظام الحديث المعتمد على التقطير الذي أثبت نجاعته في الميدان الفلاحي دون التأثير على مخزون المياه وتجنب التبذير، بدلا من طريق الرش من أجل مزيد من الفعالية. كما باشرت ذات المصالح في تسليم رخص لحفر آبار ارتوازية لسقي محاصيلهم الزراعية بعد عدة سنوات من تعليق العلمية خاصة على مستوى الأحواض والوديان من أجل عدم التأثير على البيئة، حيث تمّ تسليم منذ مطلع سنة 2021 أزيد من 16 رخصة للفلاحين كعملية أولى في إطار التدابير الاحتياطية لمواجهة الظاهرة الطبيعية والتغيرات المناخية التي تعرفها الجزائر منذ عدة سنوات، مما أثّر سلبا على قطاع الفلاحية بالخصوص نتيجة التذبذب في كمية المحاصيل المنتجة المتراوحة من موسم إلى آخر ومن شعبة إلى أخرى. ورغم الاحتياطات المتخذة لمواجهة احتمالات استمرار نفس التوقعات المناخية، إلا أن قطاع الفلاحة بولاية بومرداس لا يزال يواجه الكثير من الصعوبات بسبب وضعية عدد من الشعب الرئيسية التي استحوذت على النسبة الأكبر من المساحة الصالحة للزراعة ومنها شعبة إنتاج عنب المائدة بنسبة 40 بالمائة وبمجموع انتاج وصل السنة الماضية إلى حدود 3 ملايين قنطار بتغطية 45 بالمائة من الإنتاج الوطني. هذا النشاط يواجه كذلك أزمة في مياه السقي بالخصوص بالنسبة للمساحات الواسعة غير المسطحة المنتشرة بالمناطق المرتفعة بالبلديات الشرقية من الولاية، حيث أضطر الكثير من الفلاحين الى انجاز حواجز مائية أغلبها غير مرخّصة، مع انتشار ظاهرة السقي العشوائي بالصهاريج انطلاقا من وادي سيباو، وهو ما يبرز حجم الفوضى وعدم التحكّم الجيد في نظام السقي بعد تتراجع دور الديوان الوطني للسقي الفلاحي لمنطقة الوسط، وعدم تجديد الشبكة المرتبطة بعدد من السدود الصغيرة كسد واد عمارة برأس جنات، سد وادي الأربعاء بسيدي داود وسد الناصرية.