تُخيّّم تداعيات فيروس كورونا، على اليوم العالمي للشغل، في الجزائر، كما في دول العالم، حيث بات الحفاظ على المناصب ومكتسبات الطبقة الشغيلة، رهانا كبيرا، بعد الركود الاقتصادي الناجم عن عمليات الإغلاق الجزئي لعديد الأنشطة الاقتصادية والتجارية. تدخل الجزائر، السنة الثانية من الصمود في مواجهة الانعكاسات الكارثية، لوباء كوفيد-19، على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ورغم مقاربة الحذر والمرونة التي اعتمدتها الحكومة، في تطبيق الحجر الصّحي، إلا أن المؤشرات السلبية طفت إلى السطح. وتأتي مناسبة عيد العمال، هذه السنة، في ظل تذمر المواطنين، من ارتفاع أسعار معظم المواد واسعة الاستهلاك والمنتجات الفلاحية، ما أدى إلى تراجع واضح في القدرة الشرائية. الحكومة ومنذ صيف السنة الماضية، وضعت مخططا بالتشاور مع أرباب العمل والنقابات، لتدليل تداعيات تدابير الحجر الصّحي على الحياة الاقتصادية ومناصب الشغل، وأقرّت منحا تعويضية تراوحت بين 10 آلاف دج و30 ألف دينار، لعمال المهن الصغيرة والمتوسطة التي تضرّرت من تعليق أنشطتها. ورغم إعادة استئناف معظم الأنشطة، إلى معدّلات الدخل الفردي، لم تستطع مقارعة الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية وخاصة الأوّلية المستوردة في الأسواق الدولية، بسبب طول مدّة استمرار الوباء أكثر من المتوقّع، بل وتتحدث تقارير عن سنوات أخرى قادمة، لا تترك خيارا للشعوب والدول غير التعايش معه. في الأسابيع القليلة الأخيرة، بدا واضحا، حجم الضرر الذي تركته الأزمة الصّحية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث ساد التوتر في عديد القطاعات، ونظمت إضرابات تطالب بتحسين الأجور لمواجهة غلاء المعيشة. هذه الأوضاع وضعت الحكومة وأرباب العمل والنقابات أمام مسؤولية جسيمة للتعامل مع الظرف الحساس، فرهان الحفاظ على مكتسبات العمل، يبدو تحقيقه في غاية الصعوبة، حيث كشفت وزارة الداخلية في مارس الماضي عن فقدان 500 ألف وظيفة مباشرة، دون احتساب الوظائف التي فقدت في القطاع الموازي. وإذا كانت الحكومة مطالبة بالإسراع في إيجاد الحلول وتطبيق مخطط الانعاش الاقتصادي، فيقع على عاتق النقابات وأرباب العمل تدليل النزاعات المرتبطة بالعمل والحفاظ على استقرار المؤسسات، باعتباره الخيار الأنسب لتفادي تفاقم الأوضاع. في السياق، دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المركزية النقابية، في الذكرى المزدوجة، لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، إلى الانخراط في مسعى تقوية الجبهة الاجتماعية وتحصينها من محاولات الاستغلال «المريب» للأوضاع الاقتصادية، «بزرع الشكوك وإثارة البلبلة». تعهد الرئيس تبون «بتسريع وتيرة معالجة الآثار الاجتماعية، والتكفل تدريجيا بالمتضرّرين من العمال والعاملات، بالسهر الدائم على متابعة تنفيذ السلطات العمومية للبرامج المسطرة والقرارات المتخذة في هذا الشأن».