لطالما تزامن ارتفاع الأسعار بالمناسبات والأعياد، فالتجار يجدونها فرصة جيدة لإنعاش تجارتهم والربح السريع والمضمون، بحيث يجد المواطن نفسه أمام الأمر الذي يفرض عليه اقتناء المادة أو الأغراض حتى وإن لم يكن المبلغ المشهر عليها سعرها الحقيقي. ويبالغ التجار في إضافة وزيادة أسعار السلع المعروضة لتصل أحيانا إلى ضعف سعرها الحقيقي أو أكثر من ذلك، فمثلا في الأسبوع الأخير من شهر شعبان كان سعر البطاطا 25 دج للكيلوغرام الواحد ليقفز في أول أيام رمضان إلى 35 دج، اللفت ب180 دج، الجزر 70 دج، الخس 80 دج والكزبرة ب100دج للربطة، أما الفواكه فعرضت بسعر مناسب الموز 100 دج، الخوخ بين 160 و220 دج حسب النوعية والعنب 200 دج، ويرجع ذلك إلى الإقبال المتواضع على الفواكه، لأن ميزانية المواطن تضعها في خانة الاستثنائية كل حسب إمكانياته، بينما بقيت أسعار المواد الغذائية في حدود أسعارها العادية على زيادة 05 دنانير إلى 10 على الأكثر في سعر بعض المواد كالطماطم والمعلبات والعجائن والبقوليات. ولعل الفرق بين أسعار المواد الغذائية وأسعار الخضر هو أن المراقبة تفرض على الأولى من طرف فرق مراقبة النوعية ومكافحة الغش التابعة لمديرية التجارة والتي تسعى من خلال فرقها المنتشرة في كل مكان إلى العناية بالمستهلك ومحاربة المضاربة في الأسعار وارتفاعها الذي لا مبرر له غير الجشع، وقد لقيت دوريات المراقبة والتفتيش استحسان المواطن الذي يمثلها في غالب الأحيان اليد الوحيدة التي ترعاه وتشفق عليه. غير أن مديرية التجارة وفرقها تقف وقفة الحائر من أمره أمام عجزها عن مكافحة الغش والمضاربة في أسعار الخضر والأسواق الموازية التي غزت الشوارع والأرصفة معلنة التمرد على القانون الذي يمنعها والحرب على صحة المواطن المهددة بسبب ما يعرض من مواد غير صالحة للاستهلاك وأخرى سريعة التلف. ولعل إقبال المواطن على هذه الأسواق غير النظامية بسبب الأسعار المنخفضة هو الخلل الوحيد المسبب بدوره للارتفاع الفاحش في أسعار الخضر بحيث يرتفع الطلب في الأسواق الموازية، فتنخفض الأسعار ويقل في الأسواق المنظمة فترتفع، وعلى غرار جشع التجار، فإن التهافت المقلق للمواطنين على ما يعرض من مختلف السلع بدون مراعاة صلاحيتها ولا المقارنة بين أسعارها الحقيقية والخيالية لأمر يستدعي إعادة التفكير في ثقافة السوق التي اعتاد عليها المواطن الذي يأتي على كل ما يعرض أمامه ومن ثمة يشكو جنون الأسعار.