تتزامن الذكرى الستون للاستقلال مع اعتماد هذه السنة عام اقتصاد يؤسس للإقلاع المرتقب، بما يعزّز أكثر السيادة الوطنية من خلال إنجاز الأهداف الوطنية الكبرى المسطرة في مخطط النهوض الشامل بإقحام كافة القطاعات المنتجة للقيمة المضافة وهي عديدة ومتنوعة تتطلب فقط إدراجها ضمن مقاربة متكاملة. وفقا لهذه الرؤية، جاء المنتدى الاقتصادي الذي نظمته مؤسسة «الشعب»، أمس، فجمع نخبة من الأساتذة البارزين حول مسألة التحول الاقتصادي، من منظور قانون الاستثمار الجديد المرتقب صدوره، ليرسم معالم الاستثمار الوطني والأجنبي ضمن المعايير الجديدة المنسجمة مع التغيّرات الايجابية، التي يسجّلها المناخ الاقتصادي وطنيا، بكسر منظومة البيروقراطية وتحرير المشاريع من قبضة جماعات المصالح ومعرقلي التغيير. الرسالة التي حملها المنتدى، تحمل دلالات قوية، مفادها أن «التحوّل الاقتصادي» يكون من بوابة الجامعة الجزائرية، مثلما أجمع عليه الخبراء، بالنظر إلى ثقل العلوم والمعرفة في استئناف مسار النمو على أرضية صلبة تستجيب للتحديات، في مقدمتها إعادة انتشار المؤسسات عبر الأسواق الإقليمية وحماية احتياطي العملة الصعبة عن طريق تحسين معدلات التصدير وبناء شراكات جزائرية أجنبية حول مشاريع مطابقة لورقة طريق الإنعاش (الإقلاع الاقتصادي) تكون فيه الموارد البشرية الورقة الحاسمة. لذلك، ليس أفضل من الجامعة وقبلها المنظومة التربوية، لإعداد تلك الكفاءات وتأهيلها لتساهم في مسار التحول بفعالية من شأنها أن تقود إلى بناء اقتصاد له مناعة قوية تجاه تداعيات التبعية للمحروقات، التي تبقى معضلة تحتاج إلى انتهاج المبادرة والابتكار للانتقال إلى اقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي الذي يصنع الفارق في أسواق اليوم. وبالفعل، فإن المنظومة الاقتصادية التي عانت طويلا من ممارسات البيروقراطية، التي عطلت بدورها عجلة الإصلاحات، سواء بتشويه مقاصدها أو تحريف مراميها، تجد في البيئة الجامعية المسنودة بإرادة سياسية، أكدها الرئيس تبون مرارا، مفاتيح الحلول الممكنة لتكتمل حلقات مسار التحول الاقتصادي، وقد أبانت جائحة كورونا عن طاقات كامنة في الجامعات قدمت نماذج حلول كانت تصنف في خانة المستحيلات. لا تعتبر الإصلاحات بالمفهوم الدقيق والمحتوى المتطابق مع فلسفة الدولة الاجتماعية بدعة، بل هي جسر للعبور الآمن من اقتصاد هش رهينة المحروقات إلى آخر منتج للثروة.