جذوره ملتصقة بثقافة مختلفة عن ثقافتنا وتغذّى من الغرب النّادي أسّس مجلة إلكترونية تعكس مساهمة الرواد كشف الشّاعر رضا ديداني، أن اهتمامه بقصيدة الهايكو وهي تجربة جديدة تعود إلى حوالي عشرين سنة، حين قرأ الكثير من المقالات والحوارات والدارسات، كلّها تتحدث عن تجربة الهايكو العربي عامة، لأن تجربة الهايكو الجزائري، حسب ذات المتحدث اقتصرت على أسماء محددة تغذت تجربتها بالمواقع الالكترونية العربية، ويؤكّد بأن المشرق سبقنا في نقل هذه التجربة، إلا أن كثيرا من الأسماء الشعرية الجزائرية كانت لها مكانة في هذه التجربة. - الشعب: كيف ترون تجربة الهايكو في الجزائر اليوم؟ الشّاعر رضا ديداني: الهايكو تجربة معاصرة في المنجز الشعري الجزائري حسب اطلاعي ومتابعاتي المستمرة، منذ مدة وأنت تعرف عشنا تجارب الثمانينيات والتسعينيات، وكنا نقرأ على الكثير من المداخلات ونستمع من خلال حضورنا الدائم للملتقيات، ولم نشهد مناقشة بنص الهايكو كتجربة بالجزائر، لكننا كنا نتمتّع بالنصوص الشعرية التي وضعها النقاد في خانة الومضة واللوحات، وبرز فيها الشاعر عاشور فني وعزالدين ميهوبي، والعديد من الأسماء الشعرية بالجزائر، وهنا أنا أتحدّث عن النص الشعري المكتوب باللغة العربية، أما عن الهايكو كما هو بهذا المصطلح وبالتحديد الياباني. ومن هذا المنطلق يمكن القول أنه تجربة جديدة تعود إلى السنوات الأخيرة، بحكم أني من حوالي 20 سنة الفارطة قرأت الكثير من المقالات والحوارات والدارسات كلها في تجربة الهايكو العربي عامة، فإن تجربة الهايكو الجزائري اقتصرت على أسماء محددة تغذّت تجربتها بالمواقع الإلكترونية العربية، وهنا أتكلم عن المشرق الذي سبقنا في نقل هذه التجربة، ووجدت الكثير من الأسماء الشعرية الجزائرية كانت لها مكانة في هذه التجربة. وأنا أذكر بعض الأسماء أمثال معاشو قرور، مسعود حديبي، سامية بن عسو، عاشور فني، الهادي زويتن، رواغة وبوبكر، سامية غمري، سليمة مليزي، زينب قماز، هارون قراوة، عبد اللطيف عطالله، وهناك أسماء عديدة لا يسع المجال لذكرهم وأتمنى أن يعذروني، المهم هناك أسماء مميزة أصبحت تشكل مشهدا مميزا في الهايكو العربي. للأسف لم نصل بعد إلى بداية الاعتراف به كجنس أدبي قائم بذاته ومستقل عن الأجناس الأدبية الأخرى، والسّنوات الأخيرة أخذ في الانتشار مع تزايد المواقع الالكترونية. - تولّيت منصب مدير هايكو المغرب الكبير، هل لكم أن تحدّثنا عن هذه التّجربة الشّعرية؟ بعد مدة من انخراطي في عوالم تجربة الهايكو العربي عضوية في النوادي التي اختصت بهذا النص، فكّرت في خوض تجربة تأسيس ناد وفضاء، أحاول من خلاله نقل تجربتنا المتواضعة واحداث منافسة بين الشعراء بالخصوص، والذي دفعني أكثر هو الأستاذ الشاعر الأردني محمود الرجبي الذي سبق الكثير في وضع تجارب الهايكو العربي على محك المنافسة، ومن خلال دعمه للأصوات الجيدة والفقرات التي زادت من انتشار هذا النص. التجربة جعلتني قريبا منه ونقيم جناحا آخر، وخاصة أنه كان يقدر تجربة كتاب منطقة المغرب العربي وإجادتها لكتابة هذا الفن، لذا وجدنا أنفسنا في فضاء آخر، والذي ساعدني في فتح هذا الأفق بدعم زوجتي الشاعرة سامية بن عسو التي رافقتني منذ البداية في فتح هذا الفضاء، وفي إدارة النادي إلى اليوم، كما أنّ التجربة بدأت بثنائية ثم توسّعت إلى أسماء أخرى، أذكر على وجه الخصوص وهم الذين يمثلون الآن إدارة النادي مسير أبو غزة، الشاعر بوبكر رواغة، الشاعر سامي عبد الرزاق، الشاعر أكرم العراقي، الشاعر عبد الوهاب هيرش، كما أنشأ النادي بعدها ورشات افتراضية في المنافسة والنقد، وأسهم فيها الكثير مثل الشاعرة زينب قماز، عبد اللطيف عطاء الله، الأستاذة منى بلخيري، كما كانت بصمات مميزة لمئات من الشعراء من تونس والمغرب وليبيا والجزائر، وإلى الآن يساهمون في إثراء فضاء النادي.
- لقد وثقت التّجربة بإصدار مجلات الترجمة الإلكترونية، تمنيتها أن تحظى بالاهتمام من طرف الهيئات الثقافية الوطنية، هل تمّ تثمينها وتقدير الجهود المبذولة أم توقّف الأمر على الإعجاب والانبهار؟ النّادي أسّس مجلة إلكترونية تعكس مساهمة الرواد في النادي، حيث أصدرنا مؤخرا العدد الثامن، وأصدرنا كتبا إلكترونية لأعضاء النادي فافت الثلاثين كتابا، وللعلم صدر للكثير من أعضاء النادي كتب ورقية، وهي خلاصة لتجربة أثمرت بسبب حركية الأعضاء والتجربة التي أسّست منها صدور كتاب هايكو للشاعرة سامية بن عسو والشاعرة ميسر أبو غزة من الأردن، كما فتحنا تجربة الترجمة التي يشرف عليها الشاعر الجزائري بوبكر رواغة، ولقد وثقت التجربة بإصدار مجلات الترجمة الالكترونية، كل هذا إضافة إلى كتاب متابعة أشرفت عليها الأستاذة الناقدة منى بلخيري..تجربة النادي تمنيتها أن تحظى بالاهتمام من طرف الهيئات الثقافية الوطنية، لكن للأسف لم تثمن ولم تقدر جهودنا، وتوقف الأمر على الاعجاب والانبهار فقط. في الدول العربية الأخرى تمّ وضعه على محك الواقع، مثلا الأردن، العراق ومصر بل صار في الجامعات يُتداول وبشكل كبير وكم من شهادات تخرج أنجزت عن الهايكو كرسائل جامعية مثل الدكتوراه والماستر، وبقي عندنا محتشما سواء بالدراسة أو الاشتغال. وهنا أشكر الأستاذ الدكتور نوار عبيدي الذي يدرس بجامعة الطارف، ويشرف على تكريس هذا النوع من الابداع بالجامعة، حيث أخبرني بأن هناك دراسة ماستر2 سوف تنجز عن مجموعة «دوار الفلامنجو» للشاعرة سامية بن عسو في الهايكو، وهي بادرة قد تكون الأولى بهذه الجامعة.
- هل ترى أنّ قصيدة الهايكو سبقت الشعر أم أنهما تياران لتجارب سابقة، كتب للأولى أن تبقى حبيسة الموطن، وارتبطت الثانية بالنهضة سواء القديمة والحديثة من الصعاليك إلى المماليك وصولا إلى الحداثة؟ الحقيقة الهايكو بالأساس نص نابع من الثقافة اليابانية، وصلنا عن طريق الترجمة من الإنجليزية بالأساس، في القرن 18 م، لذا الثقافة اليابانية عريقة ربما ظهر قبل هذا التاريخ لأنه ارتبط بالطقس الديني والطبيعي الذي تميزه اليابان، أعتقد الشعر أسبق إذا تحدثنا عن الشعر العربي، فإنه التصق بحياة الانسان العربي الذي يتميز بتاريخ عميق ومتفرد، أما عن الهايكو الأكيد له جذور ملتصقة بثقافة مختلفة عن ثقافتنا، وتغذّى بالثقافات الغربية في الفترة الحديثة والمعاصرة متأثرا بالتيارات النقدية المعاصرة، الحداثة وما بعد الحداثة، الشعر ككون عموما جوهره الانسان والطبيعة، لذا يتقاطع الهايكو مع الشعريات العالمية، فهو الآن في كل المنجزات الأدبية ويكتب بكل اللغات، ولكنه ملتصق بشروط الهايكو الياباني، ولما كانت اللغة العربية لغة كونية حاملة لكل رهانات البقاء كان الهايكو ملاذا للشعراء العرب الذين أبدعوا فيه وبرزوا. - لو عدنا إلى الوراء قليلا وأوقفنا بوصلة الزمن عند نادي الابداع الأدبي بعنابة، كيف تعلق عن تلك الفترة من مشهد الجزائر الثقافي؟ ما أحدثه النادي الأدبي في تلك المرحلة أعطى روح الاستمرارية، وأكّد أن الإبداع يصنعه المبدع بعيدا عن المؤسسات، نحن كنا في عمق الحركة لأننا من أسس ذلك النادي، وكانت تجمعنا المحبة والروح النضالية وأمل التجاوز، تجاوز الراهن الذي فرضه آنذاك اتحاد الكتاب الجزائريين الذي كان يتحكم بواقع النشاط الثقافي، وربط الكاتب بالانتماء، الأكيد النادي ترك الأثر الثقافي، ويكفي الآن هناك العشرات من الكتاب الجزائريين لهم مكانة في الابداع الجزائري كانوا أعضاء أو صناع المشهد آنذاك، أقول هذا بالرغم من ضعف الإمكانيات المادية التي حرمنا منها لأسباب قانونية ولكن الإرادة كانت أقوى، النادي ترك بصمات وأسماء التحية للشاعر عبد الناصر خلاف الذي أشرف على النادي الذي يستحق التكريم للدور الذي قام به وكل من ساهم في تأسيسه، توفيق بوقرة، سيف الملوك سكتة، فهيمة بلقاسمي، المرحوم الشاعر حسين زبرطعي، ام سارة، مسعي سلوى لاميس، عقيلة مصدق، منير مزليني، غانم لخميسي، محمد رابحي، أرزقي ديداني والمرحوم عبد الله شاكري، وأسماء أخرى التحقت وأصبحت تشكّل مشهدا مميزا في هذه الحركة منهم سامية بن عسو محمد الصالح زوزو وسليمة عريف والطاهر خشانة، وغيرهم من الأسماء التي بالفعل أنشأت مشهدا ثقافيا في المدينة، هذه الأسماء الآن صارت تجربة مميزة وفارقة في الابداع الجزائري. - كثيرة النّصوص بمختلف أشكالها وأجناسها وقليلة الدّراسات النقدية، ألا تلاحظ أنّ المرافقة النقدية لكل عمل أدبي باتت ضرورية مع الانفتاح الإعلامي الرّقمي؟ هذا أكيد مع الانفتاح الإعلامي الكبير والعالم الرقمي، وكذلك استسهال الطبع دون لجان قراءة أو تصنيف لنوع الابداع، جعل الكثير يرى أن الابداع كتابة فقط وليس تجربة إبداعية وموهبة تصقل على المنصة وترافق بالمنافسة، الآن للأسف الأمر أفلت، لقد اشتركت الهيئات في تكريس «واقع ثقافي فج»، لذا ترى معي كيف أصبحت اللقاءات الثقافية باهتة وأحيانا تنشيطية أكثر منها فكرية مبنية على محاور تأخذ بيد المبدع حتى يعرف مستوى ابداعه أو كتاباته. - ما هي حكايتك مع النّشر الورقي، أقصد «الإصدارات» أم أنّك من أنصار النّشر الإلكتروني فقط؟ صدر لي سنة 2002 كتاب شعري بعنوان «هيبة الهامش»، وسنة 2007 كتاب آخر بعنوان «غرفة الآن»، والسنة الفارطة صدر لي كتاب شعري ثالث بمصر تحت عنوان «رفاهية «، كما صدرت لي العديد من الكتب الإلكترونية في الهايكو بالأردن وسوريا، وإصدارت أخرى عن نادي الهايكو المغرب الكبير.