يرى البروفيسور إدريس عطية أن هناك الكثير من المكتسبات المتوقعة من القمة العربية في الجزائر، وعلى رأسها إعادة بعث الملفات السياسية، انطلاقا من القضية الفلسطينية، كونها قضية سياسية بامتياز، تقع على عاتق كل الدول العربية وجميعها مسؤولة من حيث إدراج هذه القضية وإعلان أهميتها، بل وحل هذه القضية على مستوى دبلوماسي، من خلال التوجهات الدبلوماسية العربية للدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية وداخل هيئة الأممالمتحدة. يعتقد البروفيسور إدريس عطية أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن من الملفات المطروحة تحديد موقع الوطن العربي من العالم أو إعادة بعث الروح في النظام الإقليمي العربي، خاصة أمام التجاذبات الدولية، لأن هناك إعادة هندسة للنظام العالمي وتوجهات جديدة في العلاقات الدولية، إلى جانب التحولات الجيو سياسية الراهنة على مستويات عدة. وبالتالي آن الأوان لكي يكون النظام الإقليمي العربي كنظام متحرر ومستقل بذاته - حسب المتحدث -، مشيرا بهذا الصدد إلى أن الجزائر جعلت من الاحتفائية والذكرى ال 68 لاندلاع ثورة التحرير المباركة رمزية لهذه القمة، وبالتالي هي رمزية للتحرر وتأكيد على الذات العربية المشتركة وعلى الجهود العربية، إلى جانب العديد من القضايا على المستوى السياسي. لكن المأمول والمتوقع على مستويات أخرى كما ذكر، خاصة في الملف الاقتصادي وهو مهم، وضع خارطة عمل للتعاون العربي عربي في المجال الاقتصادي والتوجه نحو إنشاء منطقة اقتصادية حرة، ثم الذهاب إلى اتحاد جمركي وإعطاء مبدإ الأفضلية في التعامل مع الدول العربية، وتعتبر هذه نقاطا جد إيجابية على المستوى العربي، بالإضافة إلى الاهتمام بالملف الاجتماعي وعلى رأسه الأمن الغذائي. والجزائر تتبنى - وفق ما أشار إليه - دبلوماسية استباقية من أجل تجنب آثار الأزمات العالمية، منوها إلى أن الأزمة الأوكرانية الروسية كانت بمثابة درس يستدعي الاستفادة منه لتأمين المنطقة العربية من الجوع، خاصة أن تقرير البنك الدولي الصادر هذا الأسبوع يقول إن أزيد من 140 مليون عربي معرضين للجوع، خلال السنوات المقبلة وهذا ما يدفع بالجزائر التركيز على ذلك. إلى جانب الاهتمام بالأمن الصحي والذي يرتبط بأزمة كورونا أو كوفيد 19 وغيرها من أشكال الأمن في إطار سياسي وديمقراطي، وكلها ملفات تحتاج الرعاية على مستوى هذه القمة، في انتظار ما سوف يتم توضيحه من نقاط بارزة في جدول الأعمال الذي سوف يكون من مخرجات اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب كما سيمثل الأرضية الحقيقية لعمل القادة العرب يوم الفاتح والثاني من نوفمبر، إلى جانب التوجه نحو إعلان الجزائر ليشكل مبادئ والتزامات بين الدول العربية للتعاون في هذه المجالات. وبذلك يمكن القول حسب البروفيسور إدريس عطية، ان القمة العربية في الجزائر تكتسي بالغ الأهمية، لأنها أعطت مسارا جديدا للتعاون عربي عربي، وفق أطروحة لمّ الشمل بمقتضيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي سياق إدراك التحولات الجيو سياسية العالمية وكذا إعادة الهندسة التي يعرفها النظام العالمي. وأضاف أن ضرورة التركيز أيضا على ملفات أخرى كالاعتماد على دبلوماسية المجتمع المدني ودبلوماسية النخب والشباب والمرأة كونها دبلوماسية جديدة، يمكن إدراجها داخل المجلس العربي الاقتصادي والاجتماعي والتعويل عليها في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية وارتباطها بالرأي العام العربي التواق لتحقيق وحدة عربية وتعاون مشترك، من أجل دائما أمة عربية مشتركة ومترابطة مع بعضها البعض. توحيد الموقف العربي في مواجهة التحديات اعتبر محمد بن ساسي الدكتور في العلوم السياسية بالمركز الجامعي إليزي، أن القمة العربية تعود بعد 3 سنوات بسبب جائحة كورونا، في زمن حافل بالانتصارات وذلك لمصادفتها والاحتفال بذكرى اندلاع الثورة التحريرية بالجزائر. قال المتحدث إن الجزائر عملت منذ أشهر على استكمال كافة الترتيبات لإنجاح القمة العربية، من خلال الاجتماعات والتشاورات التي قام بها وزير الخارجية رمطان لعمامرة، بداية بوضع اللمسات الأخيرة للمصالحة الوطنية بين الأطراف الفلسطينية وكافة فصائل المقاومة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، والتي كللت بالاتفاق بين الأطراف على وضع حد للانقسامات وضرورة العمل المشترك عبر ضبط برنامج لعقد اجتماعات تكلل بتوحيد القيادة الفلسطينية وقيام دولة فلسطين. كما أشار إلى أن وزير الخارجية عمل على عقد جملة من اللقاءات مع سفراء الدول وبعض ممثلي المنظمات ووزراء الخارجية، من أجل بحث سبل التعاون وطرح أهم الملفات التي ستناقشها القمة العربية. وأكد وزير الخارجية على ضرورة مناقشة الملف الأهم والمتعلق بالجانب الاقتصادي والأمن الغذائي للدول العربية، خاصة في ظل الأزمات الدولية التي شهدها العالم، حيث تحرص الجزائر على مناقشة هذه المشكلة بما يساهم في الخروج باتفاقيات عربية مشتركة، تدعم التبادل التجاري بين الدول العربية وتعزز تطور الاقتصاديات العربية في مجال الأمن الغذائي والطاقوي وذلك عبر 24 توصية سيتم رفعها إلى مجلس القمة. وفي سياق آخر، ذكر دكتور العلوم السياسية أن الجزائر تحرص على فتح ملف إصلاح الجامعة العربية، مع العمل على إعادة بناء هياكل وأجهزة الجامعة، بما يساهم في وضع هذه الأجهزة في صميم عملها بعيدا عن التدخلات التي تصب خارج إطار عمل الجامعة العربية، وذلك لتعزيز دور الجامعة على المستوى الإقليمي والدولي والحفاظ على مكانتها كفاعل أساسي في السياسة الدولية . وأكد الدكتور بن ساسي أن كل القراءات، تصب في إطار نجاح القمة العربية بالجزائر مع ضرورة وضع حد للمشكلات في الوطن العربي، بما يساهم في تطوير العمل المشترك وتوحيد الموقف العربي في مواجهة التحديات المشتركة، خاصة بعد نجاح الجزائر في عقد الاتفاق بين الإخوة الفلسطينيين.