34 عاما مرّت على اعتلاء الزعيم الراحل الرئيس الشهيد ياسر عرفات منصة اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في دورته ال19 بالجزائر الحبيبة، وإعلانه وثيقة استقلال دولة فلسطين. ورغم اعتراف المئات من دول العالم بحق شعبنا الفلسطيني في هذا الاستقلال، فإن تطبيقه على الأرض ما زال حلما. في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، أعلن الرئيس الشهيد ياسر عرفات قيام دولة فلسطين فوق الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهو الإعلان الثاني من نوعه، فقد أعلنت حكومة عموم فلسطين الوثيقة الأولى للاستقلال في أكتوبر/تشرين الأول 1948، وتشكّلت على إثرها حكومة في غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. أبناء شعبنا في كل أماكن تواجده يحيون سنويا ذكرى إعلان وثيقة 1988 التي كتب نصها الشاعر الراحل محمود درويش، والتي استندت -كما جاء في إعلانها- إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه، وقرارات القمم العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه، ورغم الظلم التاريخي من القوى الاستعمارية الكبرى بمحاولة طمس الحقيقة (إن فلسطين أرض بلا شعب) فإن المجتمع الدولي في ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وفي معاهدة لوزان لعام 1923، اعترف بأن الشعب الفلسطيني شأنه شأن الشعوب العربية التي انسلخت عن الدولة العثمانية- هو شعب حر مستقل ومازال يقارع المحتلين الغزاة الذين جاؤوا من وراء البحار، وثيقة الاستقلال أكدت على حق شعبنا على النضال ضد المحتلين وعلى حقوقه الثابتة وممارسه حقه الطبيعي فوق أرضه، ذكرى إعلان الاستقلال تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأممالمتحدة تتحمل مسؤوليتها تجاه شعبنا وعلى قاعدة إنهاء الاحتلال ومساعدته في تحقيق دولته على ترابه المقدس، ومن هذا المنطلق توجهت القيادة الفلسطينية إلى جامعة الدول العربية في طرح مشروع لتنال فلسطين مقعدها الطبيعي وكعضو فاعل في الأممالمتحدة، أسوة، بكل الدول التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار ثم استقلت وأصبحت عضواً في الأممالمتحدة، واليوم تحاول حكومة الاحتلال وبمساعدة من الدول الكبرى إحباط هذا المشروع، لتظل فلسطين وشعبها تخضع للاحتلال الإرهابي الصهيوني، لكن قيادتنا الفلسطينية تصر على نيل فلسطين مقعدها الطبيعي في الأممالمتحدة، وهنا يجب على الدول العربية الشقيقة تحمل مسؤولياتها ازاء هذا الهدف المشروع وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتحقيق مطالبه وإقامة دولته على ترابه، إذا ليس من المعقول أن يبقى الاحتلال الصهيوني آخر احتلال على هذه البسيطة والعالم يصمت صمت القبور وشعبنا مازال يعاني، ذكرى يوم الاستقلال يجسد تضحيات مئات الآلاف من الشهداء الذين قضوا في معارك الثورة الفلسطينية التي خاضتها ( م.ت.ف) وعذابات الأسرى وآهات الجرحى من أجل الوطن. أن شعبنا الفلسطيني سيظل يناضل حتى نيله الاستقلال الكامل على أرضه حتى إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وإعادة الحق للاجئين بالعودة إلى قراهم وبلداتهم التي أجبروا على الرحيل منها تحت وطأة المذابح الصهيونية الإرهابية. أيها السادة الأفاضل: شكل يوم الاستقلال محطة فارقة في حياة شعبنا، وكان رسالة قوية إلى العالم ليقف بجانب شعبنا، بعد أن أصبحنا نمتلك شروط إقامة دولة فلسطين المستقلة بوجود شعب يناضل على أرضه، وفي هذه الذكرى المجيدة فإن المطلوب من كل القوى السياسية الفلسطينية الفاعلة سرعة إنهاء الانقسام والاتفاق على إستراتيجية وطنية لمجابهة التحديات الجسام ومجابهة المشاريع السياسية التي يعدها المشروع الصهيوأمريكي، لأن القادم سيكون صعباً وقاسياً، فاليمين الإرهابي المتطرف سيعتلى الحكم في دولة الاحتلال وهذا يحتم علينا أن نسير تجاه ذلك بتجسيد الوحدة الوطنية، وفي هذا الذكرى المجيدة، ونحن نقف على عتبة عهد جديد، ننحني إجلالاً وخشوعاً أمام أرواح شهدائنا وشهداء الأمة العربية الذين أضاءوا بدمائهم الطاهرة شعلة هذا الفجر العتيد، واستشهدوا من أجل أن يحيا الوطن، ونرفع قلوبنا على أيدينا لنملأها بالنور القادم من وهج نضالات أبناء شعبنا الميامين، ومن ملحمة الصامدين في المخيمات وفي الشتات وفي المهاجر، ومن حملة لواء الحرية: أطفالنا وشيوخنا وشبابنا، أسرنا ومعتقلينا وجرحانا المرابطين في عاصمتنا الأبدية القدس وفي كل مخيم وفي كل قرية ومدينة، ونعاهد أرواح شهدائنا الأبرار، وجماهير شعبنا العربي الفلسطيني وأمتنا العربية وكل الأحرار والشرفاء في العالم على مواصلة النضال من أجل جلاء الاحتلال، لتظل فلسطين رمزاً للحرية والكرامة ووطناً سيبقي دائما وطن الأحرار ومنارة للعالم كله.