التزم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، برفع الأجور متى سمحت المؤشرات الاقتصادية بذلك، إلا ان تجسيد هذا الالتزام، بالإضافة إلى كونه وفاء بعهد قطعه للمواطن، فهو مناورة إستراتيجية للتصدي إلى خطر التضخم الذي يجتاح العالم. وهذا بالرجوع إلى العلاقة الطردية التي تجمع مستوى الأجور بالقدرة الشرائية والعلاقة العكسية التي تجمع المؤشرين، بمعدل التضخم، فكلما ارتفعت الأجور، ارتفعت القدرة الشرائية وتراجع التضخم. هي إستراتيجية اقتصادية تطلب تجسيدها تخصيص أضخم ميزانية في تاريخ البلاد منذ الاستقلال حيث بلغت 100 مليار دولار، 70 بالمئة منها خصصت للتسيير، ستنال الأجور حصة الأسد منها. وصف الخبير الاقتصادي أحمد حيدوسي، ميزانية 2023، بالاستثنائية من حيث القيمة المالية التي وصلت إلى 100 مليار دولار، وهي الأضخم منذ الاستقلال، حيث اعتبرت ميزانية أهداف وبرامج، عكس سابقاتها للسنوات الماضية التي كانت ميزانيات وسائل. وقد تضمنت ذات الميزانية ثلثي الميزانية أي ما يعادل 70 مليار دولار موجه للتسيير التي أخذت حصة الأسد، من اجل غلاف الأجور. وأضاف حيدوسي في تصريحات ل "الشعب"، أن القرارات التي تولاها رئيس الجمهورية فيما يخص رفع الأجور وتحسين القدرة الشرائية للمواطن، نابعة من عزم الدولة الصارم على دفع الاقتصاد الوطني وفق نموذج اقتصادي تمكن من خلاله العديد من دول العالم تحقيق معدلات نمو سريعة. يتمثل في الرفع من القدرة الاستهلاكية للمواطن سيحرك الاقتصادي الوطني، مدعوما في ذلك بسياسة حازمة لضبط الواردات التي تنتهجها الدولة اليوم. كما اعتبر أن استهلاك الإنتاج المحلي، قاطرة قوية لقيادة النمو الاقتصادي، حيث يتوقع الخبير الاقتصادي أن تنعكس سياسة ضبط الواردات ايجابيا على الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الحكومة قد أحدثت القطيعة مع التسيير الهمجي لمواردها وأحرزت تقدما ملحوظا فيما يخص عوامل بناء هذا الأخير، من استحداث للأجهزة والهياكل المرافقة للاستثمار والنصوص التطبيقية المحفزة على ذلك. كما أن رفع الأجور يعني كتلة مالية إضافية في السوق المحلي، يتابع المتحدث، ستسمح للمؤسسات الاقتصادية الوطنية المنتجة من رفع قدراتها الإنتاجية، لتلبية الطلب المتزايد بسبب رفع الأجور، الذي سيؤدي بطرقة غير مباشرة إلى جذب المستثمر الأجنبي، الذي استفاد من العديد من المعطيات كالاستيراد، الذي كان يتم من دول جنوب شرق أسيا بأسعار منخفضة . وفي هذا الإطار تعكف الدولة على تحويل 30 ألف مستورد، تم حذفهم من مجموع 43 ألف مستورد، من مستوردين إلى مصنعين محليين، سيمونون السوق الوطنية بمنتجات محلية، هذا من خلال استغلال أمثل للفرصة الاستثمارية التي أتاحها قانون الاستثمار والمرافقة الإدارية التي تعمل الدولة على ضمانها من اجل حل المشاكل والعراقيل الإدارية التي يعرفها القطاع . وحسب المختص، فانه سيكون من الأنجع بالنسبة للدولة الجزائرية، الاستفادة من خبرة هؤلاء المصنعين كمستوردين سابقين، يملكون إضافة إلى الدراية بمتطلبات السوق الوطنية، رؤوس الأموال يمكن استغلالها في الصناعات المحلية من مختلف القطاعات الإستراتيجية، كالصناعات الغذائية والصناعات التحويلية، التي خصصت لها الدولة تمويلات يمكن أن تصل إلى 90% . في نفس الوقت سيساهم هذا الإجراء في خلق ما لا يقل عن مليون منصب عمل، وتوفير منحة البطالة التي يستفيد منها حاليا 1.8 مليون بطال، ما سينعكس إيجابا على الخزينة العمومية، من خلال دخل جبائي إضافي. وتحقيق معدل نمو بين 4.1 و4.4 بالمائة. وفي نفس السياق، يرى حيدوسي، أن الأرقام الضخمة والزيادات المهمة في الأجور التي سيتم ضخها، والتي كان لها حصة الأسد من ميزانية التسيير التي بلغت 70 مليار دولار، وبالتالي فان تداول كميات هائلة من الأموال في السوق المحلية، سيفعل الطلب الدائم في الداخل، ستسعى المؤسسات الاقتصادية إلى تلبيته، مما سيؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. بالمقابل ستيرتب عن هذه الزيادات في بادئ الأمر ارتفاعا طفيفا في نسبة التضخم الذي تتوقع الحكومة أن يكون في حدود 5.1 %، لا انه سرعان ما سيتناقص بدخول الاستثمارات الجديدة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيز النشاط.