كشف أخصائيون عن تسجيل ارتفاع محسوس في استخدام المضادات الحيوية في الجزائر كوسيلة للوقاية والعلاج، خاصة في فترة انتشار وباء كورونا، مؤكدين أن الإفراط في استهلاك هذا النوع من الأدوية بصفة عشوائية ودون وصفة طبية، نتج عنه مشاكل صحية خطيرة ووفيات مست بشكل أكبر كبار السن والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة. في إطار إحياء اليوم الوطني لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، الذي يصادف الأسبوع العالمي للاستخدام الجيد لمضادات الميكروبات، دعا مختصون في يوم دراسي، نظمته وزارة الصحة، إلى الحذر من الاستعمال المتزايد للمضادات الحيوية لعلاج بعض الأمراض، لاسيما التنفسية وتجنب مضادات الميكروبات ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات بدون استشارة الأطباء العامين أو الأخصائيين مع احترام الجرعة الموصوفة ومدة العلاج. من جهته أكد مدير الوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة البروفيسور جمال فورار، أنه يتم تسجيل زيادة كبيرة في استخدام المضادات الحيوية دون رخصة الطبيب مع استعمالها بطريقة عشوائية وهو ما يعطي مقاومة للفيروسات والفطريات ويؤدي ذلك إلى أضرار صحية وخيمة. وقال إن الضرورة تقتضي الاعتماد على المضادات الحيوية المتاحة حاليا في علاج بعض الأمراض، باعتبار أن منذ 30 سنة لم يتوصل العلماء لاكتشاف دواء بديل عنها، مشيرا إلى أنها سلاح ذو حدين، إذ تساهم هذه الأدوية في علاج المرضى في حالات معينة ولكن استعمالها عشوائيا وعدم احترام الجرعات المحددة من قبل الطبيب ينتج عنه مضاعفات خطيرة بسبب مقاومة المضادات الحيوية وقد تصبح هذه الأدوية غير فعالة في علاج الأمراض الخفيفة. وأضاف، أن وزارة الصحة تسعى، في إطار اليوم الوطني لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، إلى تحسيس مهنيي الصحة على مستوى الوحدات الاستشفائية والمواطنين أيضا للتوعية بمخاطر الاستعمال العشوائي العادية وإطالة مدة الاستشفاء وزيادة تكاليف العلاج، مشددا على أهمية الرجوع إلى الطبيب الذي وحده يقرر الأدوية المناسبة لحالة المرضى ويحدد الجرعات اللازمة. أما رئيس مصلحة الأمراض الداخلية بمستشفى بير طرارية، رئيس الجمعية الجزائرية للطب الداخلي البروفيسور عمار طبايبية، أبرز خطورة استعمال المضادات الحيوية على المصاب دون استشارة طبية والتي قد تودي به إلى الهلاك ومشاكل صحية خطيرة وقد تصل إلى الوفاة، خاصة لدى الفئات الهشة الأكثر عرضة للمضاعفات، من بينهم المصابون بداء السكري والمسنون. وأوصى الصيادلة بعدم بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية، والمواطنين بعدم استعمال المضاد الحيوي عشوائيا واحترام الفترة المحددة والجرعة التي حددها الطبيب، مشيرا إلى توقعات منظمة الصحة العالمية بظهور وباء آخر قادم يتمثل في مقاومة المضادات الحيوية، منها البكتيريا والفيروسات والطفيليات الخطرة، مضيفا أن علاج الأنفلونزا الموسمية لا يقتضي وصف المضادات الحيوية إلا في حالات بعد الإصابة بأيام أين تحدث التهاب، خاصة عند المسنين وذوي الأمراض المزمنة. من جانبه، قال ممثل المنظمة العالمية للصحة في الجزائر حمادو نوهو، إن الضرورة تقتضي تكثيف الحملات التحسيسية للوقاية من الإفراط في استعمال المضادات الحيوية ومخاطرها على صحة المواطنين وتفادي العلاج الذاتي دون استشارة الأطباء، مع عدم الإفراط في استعمالها لتجنب الوصول لمرحلة مقاومة المضادات الميكروبية، خاصة وأن كثرة الاستعمال يؤدي إلى زيادة الأمراض والوفيات بالأمراض المعدية. وأشاد بالجهود التي تبذلها الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، مشيرا إلى أنها تسير في الطريق الصحيح فيما يخص الوقاية من تهديدات الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية، مبرزا الحاجة لتقوية الجهود من أجل مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات بوضع خطة عمل فعالة تسمح بتجسيد الأهداف المسطرة.