شهدت الساحة الثقافية والفنية بعاصمة الشرق الجزائري، انتعاشا ملحوظا وحركية متسارعة وعودة لأهم المواعيد الثقافية المرتبطة ارتباطا وثيقا بتراث المدينة وبتاريخها الفني والموسيقي، حيث عادت المهرجانات الثقافية لتكون ضمن أجندة التظاهرات في مختلف المجالات، كالسينما، المسرح ومختلف المعارض.. الحركية الثقافية التي عادت بعد الجائحة بنفس جديد، استرجعت للمدينة بريقها الفني، ببرامج وتظاهرات ثقافية، في مقدمتها مهرجانات غابت طويلا عن المشهد الثقافي بقسنطينة، وعلى رأسها «المهرجان الوطني للمالوف»، الذي نظم بعد انقطاع دام سنوات، اجتمعت في أثنائه أصوات أندلسية مؤدية لطابع المالوف، صنعت تاريخ الأغنية الأندلسية، ورفعت التحدي لإعادة بعث مثل هذه المهرجانات للواجهة، ليليه مهرجان «ديما جاز» الجماهيري الذي ينتظره رواده، ليضيف إلى الفعل الثقافي الموسيقي بالمدينة، مزيجا بين الثقافات. من جهة أخرى، عملت الجهات الوصية على قطاع الثقافة والفن بالولاية، على حماية الممتلكات الثقافية والتراثية بمعية السلطات المحلية، وعلى رأسها المدينة القديمة بما تحتويه من صروح علمية ومنارات دينية، حيث تم العمل بجدية في ترميم أقدم مساجد قسنطينة العتيقة في مقدمتهم مسجد «باش تارزي»، «مسجد سيدي لخضر»، فضلا عن تنظيم متواصل لتظاهرات ثقافية ونشاطات فنية تثمن الموروث الثقافي المادي واللامادي، حيث تعيش مدينة الجسور المعلقة حركية ثقافية ثرية بتنظيم معارض، حفلات فنية، عروض مسرحية، أمسيات أدبية بالمكتبة العمومية، بيع بالتوقيع نظمت على مستوى فضاءات قصر محمد العيد آل الخليفة، ومختلف المؤسسات الست التابعة لقطاع الثقافة، خاصة بعد فتح عدد من المؤسسات الثقافية التي كانت مغلقة بسبب عمليات التهيئة، على غرار دار الإبداع «المدرسة سابقا»، قاعة الفنون الإسلامية بالمتحف العمومي الوطني سيرتا، غرفة «بنت الباي» بمتحف الفنون والتعابير الثقافية التقليدية. ولقد أعطت هذه المرافق دفعا قويا للفعل الثقافي بولاية قسنطينة، وسهلت تسطير برامج ثقافية متنوعة طيلة سنة بأكملها.. وفي حديثنا مع الإعلامية والباحثة في الشأن الثقافي «هدى طابي»، أكدت أنه وبعد حالة السبات التي عرفتها المدينة فترة الجائحة وما تبعها من حجر صحي وإغلاق عام، عادت الحركية الثقافية إلى ولاية قسنطينة، فالركح الجهوي محمد الطاهر الفرقاني، صنع الفارق واستطاع أن يمد جسور الوصل مع جمهوره، ويعيد عشاق أبي الفنون إلى المسارح بفضل البرمجة الثرية وتنوع العروض المسرحية، وتقديم إنتاجات جديدة ومميزة، لتأتي دار الثقافة مالك حداد في المرتبة الثانية، كونها من بين أكثر المؤسسات نشاطا. وقد حرصت - كما عهدناها - على مواكبة أجندة الفعاليات والتواريخ الاحتفالية على اختلافها من خلال إحياء المناسبات الوطنية والتاريخية وغير ذلك، ناهيك عن التزامها ببعث بعض المواعيد القارية، على غرار الملتقى الوطني الأدبي أحمد رضا حوحو، والمهرجان الوطني للشعر النسوي، وأيام الفيلم القصير. وأكد المخرج والممثل «كريم بودشيش»، من جهته، أن «المشهد الثقافي عرف انتعاشا على مستوى كافة المؤسسات والمراكز الثقافية التابعة للقطاع، وعلى رأسها المسرح، فقد عادت تدريجيا، بطريقة ممنهجة ومدروسة، في مقدمتها البرامج المتنوعة والإنتاجات الكبيرة التي ينظمها مسرح قسنطينة الجهوي، وهذا دليل واضح على بعث الروح من جديد في خشبة المسرح خصوصا، والمشهد الثقافي عموما، حيث تمت برمجة نشاطات متنوعة. كما أن المدينة شهدت برامج ثقافية فنية خصت الطفل بعديد النشاطات الفكرية والترفيهية أيام العطل الأسبوعية، وتم إعطاء أهمية بالغة للقراءة والمطالعة عند الطفل وتنشئته عليها، وذلك بتنظيم تظاهرة «القراءة متعة وترفيه».