تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي خارج المحروقات أصدر البنك الدولي تقريرا حديثاً كشف فيه، من خلال متابعته للوضعية الاقتصادية في الجزائر، عن أبرز المؤشرات التنموية الاقتصادية. وتحدث التقرير، الذي جاء بعنوان «مواصلة المسيرة نحو التحول المنشود»، عن مواصلة الاقتصاد الجزائري انتعاشه في النصف الأول من عام 2022، بفضل عودة إنتاج المحروقات إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، واستمرار الانتعاش في قطاع الخدمات، إلى جانب استعادة النشاط الفلاحي لديناميكيته. وتوقع التقرير أن يستمر هذا الانتعاش حتى عام 2023 بدعم من النمو المسجل في القطاع خارج المحروقات، وفي الإنفاق العام. كشف تقرير البنك الدولي الأخير بشأن الوضعية الاقتصادية في الجزائر، عن تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي خارج المحروقات في الربع الأول من عام 2022، مدفوعاً بالانتعاش المستمر في قطاع الخدمات وانتعاش النشاط الزراعي. في حين أظهرت بيانات النشاط الاقتصادي الاستدلالية، مثل بيانات الإضاءة الليلية وعروض العمل، استمرار الانتعاش في الربع الثاني. هذا وتدعم الانتعاش الاقتصادي المسجل في النصف الأول من عام 2022، من خلال عودة إنتاج المحروقات إلى مستوى ما قبل الجائحة. وأفاد التقرير باستمرار ارتفاع نسبة التضخم، مسجلة نسبة 9,4% على أساس سنوي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، لاسيما بسبب الارتفاع العالمي في أسعار المواد الغذائية (ارتفعت بنسبة 13,6% في الجزائر حسب التقرير)، ما استدعى من السلطات تنفيذ عدة تدابير لحماية القوة الشرائية، ابتداءً من زيادة الأجور في القطاع العام، وتمكين البطالين من منحة مالية، لأول مرة، وكذا تعزيز آليات دعم المنتجات الغذائية الأساسية. وأدى استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق الدولية، إلى إطالة أمد التحسن في وضعية الميزان التجاري، بحيث ارتفع متوسط سعر تصدير المحروقات بنسبة 70% على أساس سنوي في جوان 2022. ووصلت عائدات صادرات السلع إلى ما قيمته 28.4 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2022، مدفوعة أيضًا بزيادة ملحوظة في الصادرات خارج المحروقات. وبالإضافة إلى ذلك، يظهر تقرير البنك الدولي، تراجعاً في حجم الواردات بفضل انتعاش الطلب على السلع المحلية وإجراءات خفض الواردات، وعليه ولّدت هذه الديناميكيات فوائض في الحساب الجاري في النصف الأول من عام 2022، كما بدأ الدينار في الارتفاع مقابل الدولار الأمريكي في صيف عام 2022، وأدى الارتفاع السريع مقابل اليورو إلى تحسين شروط التبادل التجاري. استمرار الانتعاش الاقتصادي في 2023 يتوقع تقرير البنك الدولي أن يستمر هذا الانتعاش الاقتصادي في عام 2023، بدعم من النشاط الاقتصادي خارج المحروقات والإنفاق العام المتزايد، ونمو الناتج المحلي الإجمالي لقطاع المحروقات، وكذا الانتعاش التدريجي المستمر في قطاع الخدمات والزراعة. وتوقع تقرير البنك، أن يحقق الاقتصاد الجزائري نمواً بنسبة 2,3% في عام 2023. ومع ذلك، لا تزال آفاق الاقتصاد الكلي عرضة للتأثر بتقلبات الأسعار العالمية للمحروقات. ويوضح التقرير أنه على الأمد المتوسط إلى الطويل، يرتقب أن يصبح القطاع الخاص خارج قطاع المحروقات، المحرك لنمو الاقتصاد الجزائري وتنويعه. كما ينتظر أن يعرف الاستثمار انتعاشاً هو الآخر في 2023، يقوده القطاع العام وقطاع المحروقات. ومن المتوقع أن تظل عائدات الصادرات مرتفعة، مما سيؤدي إلى تحقيق فائض في الحساب الجاري على الرغم من الارتفاع المعتدل في الواردات. توقعات المخاطر يوضح التقرير الذي أعده البنك الدولي، أن المخاطر الرئيسية التي قد تهدد آفاق الاقتصاد الكلي الجزائري، يمكن أن تكون نابعة من التقلبات التي قد تحدث في سوق المحروقات والمنتجات المستخلصة منها، مما يؤكد أهمية تسريع جهود الإصلاح الهيكلي الجارية، التي اعتمدتها الدولة، في حين أن التحسن الدائم في مداخيل الدولة يساهم في صمود الاقتصاد. وبالرغم من ذلك، فإن الانتعاش المسجل في حساب المالية العامة يظل عرضة لحساسية أسعار المحروقات، خصوصا في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد العالمي. كما يظل التضخم مصدر قلق، على الرغم من الاعتدال في أسعار الواردات، مما يعزز الحاجة إلى سياسة حكيمة للإنفاق العام وتمويل العجز بحذر. بالإضافة إلى ذلك، يفيد تقرير البنك الدولي بأنه من الضروري الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات لتمكين القطاع الخاص من أن يصبح محركا للنمو والتحسين المستدام لإطار الاقتصاد الكلي ومنه تحقيق نمو واستقرار الاقتصاد الجزائري. ويدعو التقرير إلى توخي الحذر من أن مستوى الإنفاق المعتمد قد يؤدي إلى تحديات على المدى المتوسط في حالة انخفاض أسعار النفط العالمية، وبالتالي انخفاض الإيرادات الحكومية، لذا ستكون الإصلاحات الهيكلية الواردة في «مخطط عمل الحكومة» لتشجيع استثمارات القطاع الخاص ركيزة أساسية لإحداث فرص الشغل. يذكر، أن هذا الإصدار يأتي في إطار سلسلة من التقارير تصدر مرتين سنوياً، حيث تقوم بتحليل اتجاهات التنمية الاقتصادية في الجزائر، فضلاً عن تحليل آفاقها المستقبلية. ويستند التحليل الوارد في هذا الإصدار، إلى بيانات اقتصادية عن الربع الأول من عام 2022 وإلى بيانات بديلة، مثل الإضاءة الليلية وفرص الشغل المسجلة في الربع الثاني من العام.