تحكي تاريخاً وقصصاً وتوثق أحداثاً لِنسوة مدينة غردايةجنوبالجزائر إحساس إبداعي وفني يُمكنهن من تحويل الصوف إلى لوحة فنية تصويرية بألوان زاهية، تحوي رسومات ورموز تعبيرية مستوحاة من عمق مجتمعهن وإرثه الثقافي والتاريخي، تُسمى «الزربية». وتُعتبر «زربية» غرداية التي أصبح لها عيد وطني يُحتفل به كل سنة، شاهدة على الفن اليدوي الأصيل المتوارث عبر الأجيال، والتي باتت تنافس أجود أنواع السجادات في العالم بعد أن حجزت مكانتها في المهرجانات المحلية والدولية، وأضحت محط إعجاب السائح الأجنبي الذي لا يبحث عن اقتنائها وإنما عن تاريخها أيضاً. وتُصنع هذه التحفة التقليدية الجميلة، عن طريق حياكتها بالأيدي وبأحجام مختلفة، توضع فيها الرموز والرسوم بكل دقة وذوق فني عال، فتعكس ذلك الخيال الذاتي للمرأة الغرداوية أو الميزابية التي تحكي في الزربية ما كانت تعيشه حولها في المنزل. كما تمثل الزربية جزءاً من الحياة الاجتماعية للمرأة وتشكّل واحدة من مكونات تجهيز الفتاة لزفافها، وهو ما يؤكده الحرفي في صناعة الزرابي، صالح بن داود تيريشين قائلاً، إن «الزربية في غرداية مستوحاة مما تأخذه العروس معها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، وهذه الزرابي تحكي تاريخاً وقصصاً وتوثق أحداثاً». زحف النسيج الصناعي إلا أنه في الوقت الحاضر غدت الزربية التقليدية «مهددة» بسبب زحف الوسائل التقنية المتطوّرة وتفاقم منافسة تصنيع هذا المنتج. وفي هذا السياق أوضح صالح بن داود أنه «قديماً كانت الزربية تُسنج بالصوف الخالص وتستخرج الألوان من المواد الطبيعية، أما الآن ومع كل أسف فإن إنتاجها يتمّ بخيوط صناعية وليست طبيعية، وإذا تحدثنا عن الزرابي الصناعية فهي ليس لها قيمة لذلك نعمل على العودة للإنتاج الزربية الطبيعية». كما أضاف: «نريد أن نعيد للمنسج مجده وللزربية قيمتها الحضارية لأنها إرث لا بد من المحافظة عليه»، كاشفاً أنه عندما تُنتج الزربية بخيوط طبيعية مساحتها بين مترين إلى 3 أمتار مربعة يستطيع أن يصل ثمنها بين 75 إلى 80 ألف دينار. رمزية الألوان يشار إلى أن من أشهر زرابي ولاية غرداية، زربية «القندورة الميزابية»، وزربية «بني يزقن». وهاتان الزربيتان من أقدم وأعتق زرابي قصور وادي ميزاب وتعود إلى مئات السنين. أما أكثر الألوان التي ترمز لولاية غرداية هي الأحمر القاني والأسود والأصفر والأخضر. وتستخدم هذه الألوان في الزرابي. إذ يرمز اللون الأخضر إلى الطبيعة والأصفر إلى الشمس الساطعة والكثبان الرملية والأبيض إلى سلامة قلوب أهل المنطقة.