أعاد قرار البرلمان الأوروبي الأخير الذي ينتقد وضع حقوق الانسان وحرية الصحافة في المغرب، الجدل بشأن إصرار نظام المخزن على استهداف صحافيين ومعارضين وإدانتهم بتهم أخلاقية للزجّ بهم في السجون. فخلال الأعوام الأخيرة، شهد المغرب اعتقال المزيد من الاعلاميين والنشطاء مفبركا لهم تهما جنائية تتعلق معظمها "باعتداءات جنسية"، وبرزت قضية الصحافي توفيق بوعشرين كأولى تلك القضايا في العام 2018. فلماذا يختار المخزن تلفيق مثل هذه التهم؟ يشهد المغرب تزايدا رهيبا في اعتقال الصحافيين والنشطاء والزجّ بهم في السجون بعد إصدار أحكام قاسية في حقّهم، وقد برزت أولى تلك القضايا في العام 2018 عندما اعتُقل ناشر صحيفة "أخبار اليوم" توفيق بوعشرين وصدر عليه حكم بالسجن 15 عاما بعد إدانته بتهمة ارتكاب اعتداءات جنسية في حق ثماني ضحايا. بعد عامين، اعتقل الصحافيان سليمان الريسوني وعمر الراضي، وأدينا بالسجن خمسة وستة أعوام تواليا في قضيتي اعتداء جنسي أيضا، مع إضافة تهمة تجسس للثاني. كما اعتقل المحامي المعارض محمد زيان نهاية العام الماضي تنفيذا لحكم بسجنه ثلاثة أعوام في قضية رفعتها ضده وزارة الداخلية، ولوحق فيها بعدة تهم بينها "الخيانة الزوجية" و«التحرش الجنسي". ويحاكم منذ أكتوبر الماضي الناشط في جماعة العدل والإحسان المعارضة محمد باعسو بعدما اعتُقل بتهمتي "الاتجار بالبشر" و«الخيانة الزوجية". وتعتبر الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي التي تضم حقوقيين مغاربة أن جميع هؤلاء "معتقلون سياسيون" مطالبة بالإفراج عنهم وضمان خضوعهم لمحاكمات عادلة، وهو ما تؤيده منظمات حقوقية دولية. في المقابل، تشدد السلطات على أن الأمر يتعلق بقضايا جنائية لا علاقة لها بحرية التعبير. لكن البرلمان الأوروبي لم يقتنع بالموقف المغربي الرسمي، واستند خصوصا إلى قضية عمر الراضي ليتبنى في 19 جانفي قرارا ينتقد تدهور حرية الصحافة في المملكة. ويطالب القرار السلطات "باحترام حرية التعبير وحرية الإعلام" و«ضمان محاكمات عادلة للصحفيين المعتقلين". ورأت الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي في القرار الاوروبي "انهيارا للمخطط القمعي بتلفيق التهم الجنسية" للصحافيين والنشطاء السياسيين. من هنا يتجلّى واضحا، بأن سلطات المخزن، ومن خلال اصرارها على تلفيق التهم الجنسية للاعلاميين والنشطاء، إنّما تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، من جهة إظهار أنها لا تلاحق معارضيها على مواقفهم المناوئة لها وعلى انتقاداتهم لها، أي أنّها لا تستهدف حريّة الرأي، ومن جهة ثانية، لإصدار أحكام ثقيلة بحقّ المتّهمين، و الأخطر من ذلك، لتشويه سمعتهم وتهديم حياتهم.