تبوأت مكة الثوّار وأرض الشهداء الطاهرة مكانة عليا في تاريخ القضية الفلسطينية، فسجلت خلال عقود مضت مواقف مشرّفة يشهد بها العدو قبل الصديق على ثباتها رغم ما مرّ على البلد من أزمات أمنية واقتصادية كادت أن تعصف باليد التي ظلت ممدودة للأشقاء في فلسطين. منذ تولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون الحكم في البلاد تعزّزت مساعي الجزائر في نصرة القضية الفلسطينية ولم تكتف بالخطابات وبيانات التنديد، وبصمت الجزائر على خطوات جريئة من أجل دعم فلسطين. ولم تفوّت الجزائر فرصة لتوجيه أنظار العالم نحو القضية الفلسطينية فمن القمة العربية 31 شهر نوفمبر الماضي، والتي سبقتها جهود مضنية في سبيل توحيد الصف الفلسطيني ولمّ شمل الفصائل الفلسطينية، إلى الدورة 17 لاتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي، إذ أعاد الرئيس تبّون من خلال رسالته للمشاركين روح التضامن مع القضية الفلسطينية مذكرّا ممثلي شعوب الدول المشاركة بمسؤولياتهم التاريخية والسياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه الأشقاء في فلسطين.القضية التي يتبنّاها الجميع في الجزائر شعبا وحكومة تعتبر من أسمى صور النضال الذي نشأ عليه الشعب الجزائري، فالمواقف المشرّفة لم تقتصر على الجانب السياسي فقط، فالجانب الرياضي أو ما يعرف بأحد أوجه الدبلوماسية الناعمة يحمل الكثير والكثير من المواقف الخالدة والثبات على دعم الشعب الفلسطيني. من جهة أخرى يرى الكثير من المتابعين للشأن الفلسطيني أن دعوات الرئيس تبّون إلى تشكيل لجنة اتصال وتنسيق عربية لحشد الدّعم من أجل تقديم طلب للأمم المتحدة لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة، تأتي في وقت حسّاس ومفصلي في القضية الفلسطينية مع تزايد عدوان وانتهاكات الكيان الصهيوني للأرض المقدسّة. كما أبرز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون الهدف الأسمى للجزائر، والمتمثل في إعادة القضية الفلسطينية الى مكانتها في المجتمع الدولي في أكثر من مناسبة، وقال في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين إن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني هو أن تتم ترجمة التضامن الدولي إلى خطوات عملية، وإجراءات تنفيذية، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة وحازمة من الأسرة الدولية، وخاصة من مجلس الأمن والجمعية العامة. وأضاف أن هذا لا يستهدف فقط وضع حد لتعنت الاحتلال ورفضه الالتزام بالشرعية والقرارات الدولية، وإنّما بالمناهضة الفعلية والقوية لمنظومة الاستيطان التي يقوض الاحتلال من خلالها كل فرص تحقيق حل الدولتين، وينتج بانتهاجها واقعا مريرا من التمييز وازدواجية المعايير. ويؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور عبد القادر سوفي أن الدبلوماسية الجزائرية التي رسمها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون أعادت لها مكانتها بين دول العالم، وهو ما انعكس بالإيجاب على قضايا الأمة العربية والإسلامية بعد ان أحيت أمهات القضايا التي تجتمع حولها، وأعطتها روحا وجعلتها من أولويات المجتمع الدولي على غرار القضية الفلسطينية. وأضاف محدثنا أن القضية الفلسطينية قضية وجودية لا يمكن تصور مجتمع دولي او عربي او إسلامي أن ينعم بالسلم والأمان إن لم تكن هناك تسوية للقضية الفلسطينية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في استرجاع أراضيه واسترجاع الأماكن المقدسّة بالنسبة للعالم الإسلامي وهو أمر مهم بالنسبة لكل الدول الإسلامية. وأكد الأستاذ سوفي أنّ النضال الجزائري نابع من فكر نضالي تحرّري تؤمن به الشعوب وتؤمن به النخب والدولة وقضية لصيقة الوجدان والكيان، كما أن الطرح الجزائري واقعي من شأنه أن يعيد بعث الوعي لدى دول العالم الإسلامي من أجل أن تعمل سويا وترمي بثقلها للدفع والضغط على القوى الكبرى وعلى هيئة الأممالمتحدة من أجل تصحيح المسار ويعيد مكانة فلسطين مكانتها كدولة كاملة السيادة في المجتمع الدولي.