أردوغان يُعلن حالة الطوارئ في المناطق المنكوبة ل3 أشهر يتواصل السباق مع الوقت في ظروف مناخية قاسية بجنوب تركيا وشمال سوريا لانتشال الناجين من عدّة هزات عنيفة ضربت المنطقة منذ فجر الاثنين، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين، في ظل صعوبات تواجهها عمليات الإنقاذ. بينما لا تكفّ الحصيلة عن الارتفاع، إذ لا يزال عدد كبير جداً من الأشخاص تحت الأنقاض، يصعّب سوء الأحوال الجوية بسبب تساقط الأمطار والثلوج وانخفاض درجات الحرارة، عمل فرق الإنقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام المنصوبة وحول مواقد النيران التي أقيمت في المناطق المنكوبة، فقد ترافقت الزلازل المتتالية مع عاصفة ثلجية بدأت في تركيا، مساء الأحد، ويتوقع أن تشتد وهو ما يزيد من حجم المأساة الإنسانية للناجين. في تركيا، انهارت آلاف البنايات والعمارات السكنية التي يصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 10 طوابق، وهو رقم يشير إلى أن سكان المباني التي تهدمت يصل عددهم إلى عشرات الآلاف، الأمر الذي يزيد المخاوف من وجود "حصيلة مرعبة" للضحايا. الوضع في سوريا صعب جدّا أما في سوريا، فتكابد فرق الإنقاذ في البرد وتحت الأمطار الغزيرة أو الثلوج مستخدمة أحيانا الأيادي، لإنقاذ عالقين بين الأنقاض. ومازالت مئات الأسر محاصرة تحت مبانيها المنهارة، وذلك في وقت أكد فيه مسؤول كبير في الشؤون الإنسانية بالأممالمتحدة "أن الآثار التي خلّفها الزلزال في سوريا رهيبة، حيث ألحق أضراراً بالطرق، ونقصاً بالوقود، والطقس الشتوي القاسي، كلها عوامل تعرقل مواجهة الكارثة" . وحتى قبل وقوع الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، في الساعات الأولى من صباح الإثنين، قدرت الأممالمتحدة أن أكثر من 4 ملايين شخص في شمال غربي سوريا يعتمدون على المساعدات عبر الحدود، حيث نزح كثير من هؤلاء بسبب الصراع المستمر منذ 12 عاماً، ويعيشون في مخيمات. كما تقول الأممالمتحدة إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم إنساني هو الآن أكبر من أي وقت مضى، إذ يحتاج 70% من السكان إلى المساعدة. مع العلم أن العديد من الذين دُمرت منازلهم يقضون الليل في العراء، أو في السيارات، في أجواء شديدة البرودة، دون الحصول على المواد الأساسية مثل السترات والأغطية. رقم مليوني للمتضررين أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية تواصل ارتفاع عدد قتلى وجرحى زلزال كهرمان مرعش والهزات الارتدادية التي أعقبته، وأكدت الإدارة انهيار آلاف المباني التي أطبق الكثير منها فوق رؤوس قاطنيها، على اعتبار أن الزلزال وقع في وقت كان فيه الناس نياما. وقالت منظمة الصحة العالمية أمس الثلاثاء إن عدد المتضرّرين بالزلزال المدمّر الذي أودى بحياة الآلاف في تركياوسوريا قد يصل إلى 23 مليونا. وأوضحت المسؤولة في المنظمة إديلهايد مارشانغ أمام اللجنة التنفيذية للوكالة التابعة للأمم المتحدة، أن خريطة الأحداث أظهرت أن عدد الذين يحتمل أن يكونوا تأثروا بالزلزال يبلغ 23 مليونا، بينهم نحو 5 ملايين من الفئات السكانية الضعيفة. من جهته، قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن أعداد القتلى في تركياوسوريا "لا تخبرنا بحقيقة الوضع الصعب الذي تواجهه العائلات". وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن فرص العثور على ناجين تتقلص، مشيرا إلى استمرار الهزات الارتدادية. وتابع قائلا "قلقون بشكل خاص بشأن مناطق في تركياوسوريا لا معلومات عنها بعد الزلزال". هذا وكان الرئيس التركي، قد دعا إلى الوحدة الوطنية، وكتب على تويتر "نأمل في أن نخرج من هذه الكارثة معا بأسرع ما يمكن وبأقل أضرار ممكنة"، مشيراً إلى أن تركيا تلّقت عروض مساعدة من أكثر من 70 دولة و14 منظمة. وأقرّ حدادا وطنيا لسبعة أيام، وحالة طوارئ في المناطق المنكوبة لمدة 3 أشهر. جسور جوّية ومساعدات في الأثناء، تتسارع عملية وصول فرق الانقاذ والمساعدات من مختلف الدول، حيث أعلنت دول عربية وغربية عن إنشاء جسور جوية وتقديم مساعدات إغاثية وطبية عاجلة لمواجهة آثار كارثة الزلزال. وقد وصل فريق إنقاذ جزائري، أمس الثلاثاء، إلى تركيا بينما توجه آخر إلى سوريا للمشاركة في جهود البحث والإنقاذ. ويتكون الفريق الجزائري الذي وصل إلى تركيا من "89 عنصرا من عدة تخصصات يشمل أطباء ومختصين في حوادث المواد الخطيرة ومختصين في تحلية مياه الشرب". كما "توجه فريق ثان يتكون من 86 عنصرا من قوات الدفاع المدني ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، إلى سوريا للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ". وأشرف وزير الداخلية إبراهيم مراد على انطلاق 3 طائرات عسكرية جزائرية محملة بالمساعدات الإنسانية نحو كل من تركياوسوريا. ومن قطر، انطلقت أولى رحلات الجسر الجوي الذي خصصته الدوحة لدعم تركيا يرافقها "فريق من مجموعة البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى مستشفى ميداني ومساعدات إغاثية وخيم ومستلزمات شتوية". كما قررت الكويت إنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات وطواقم طبية إلى تركيا، ووجه رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان بدوره بإنشاء مستشفى ميداني وإرسال فريقي بحث وإنقاذ إضافة إلى إمدادات إغاثية عاجلة إلى المتأثرين من الزلزال. في السياق، قال التلفزيون الصيني المركزي أمس الثلاثاء إن بكين ستقدم دفعة أولى قدرها 40 مليون يوان (5.9 مليون دولار) مساعدات طارئة لجهود الإغاثة في تركيا. وأضاف أن الصليب الأحمر الصيني سيقدم مساعدة طارئة قيمتها 200 ألف دولار لكل من تركياوسوريا. من جهته، قال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ نظيره التركي مولود جاويش أوغلو الإثنين بأن عليه أن "يرفع سماعة الهاتف ويخبرنا"بما يمكن أن تفعله الولاياتالمتحدة لتقديم المساعدة بعد الزلزال القوّي الذي ضرب البلاد. وأضاف برايس أن بلينكن طلب من كبار موظفيه تحديد التمويل الذي قد يكون متاحا لمساعدة تركيا والمنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض في سوريا. من لم يمت بالزلزال سيموت بردًا أرسلت الحكومة التركية الآلاف من عمال البحث والإنقاذ إلى مدن الجنوب التركي، حيث ضرب الزلزال المدمر، الذي أودى بحياة آلاف الأتراك، إلا أن فرق الإنقاذ وجدت نفسها في مواجهة مشكلة أخرى مخيفة، فانخفاض حرارة الجسم، الناجم عن برودة الطقس، عرقل جهودهم لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، فالمدن التي ضربها الزلزال مثل ملطية وكهرمان مرعش وغازي عنتاب وديار بكر تشهد برودة شديدة، وتساقطاً للأمطار والثلوج، مع اقتراب درجات الحرارة من الصفر. مهندس الأرصاد الجوية والمتخصص في إدارة الكوارث، مقدات كادي أوغلو، كشف لوسائل إعلام تركية، أن على عمال الإنقاذ أن يتحركوا بسرعة، لأنه من الضروري إنقاذ العالقين تحت الأنقاض في ظرف 72 ساعة، المدة المعروفة للبقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض في ظروف الطقس القاسية. وقال: "قد لا يكون أمامهم إلا 24 ساعة فقط". وقال بولنت أوزمين، الأكاديمي المتخصص في إدارة الكوارث، "إن درجات الحرارة ستزداد انخفاضاً في الليل، وإن البحث بين الأنقاض سيزداد صعوبة، إن الناس قد يذهبون ضحايا لانخفاض حرارة الجسم، حتى وإن ظلت درجات الحرارة فوق الصفر". وانخفضت درجات الحرارة بالقرب من درجة التجمد خلال الليل، ما أدى إلى تردي الأوضاع بالنسبة للمحاصرين تحت الأنقاض أو الذين تُركوا بلا مأوى. تضرّر مواقع تراث إنساني لم يوقع تعاقب الزلازل المدمرة في تركيا وشمال سوريا، آلاف القتلى إضافة إلى الآلاف من الجرحى والمفقودين تحت ركام الأبنية المنهارة، بل أصاب أيضاً المعالم التاريخية والأثرية من على جانبي الحدود السورية - التركية. وفي هذا السياق، أصدرت «منظمة اليونيسكو للتربية والثقافة والعلوم» التي يقع مقرها في العاصمة الفرنسية، بياناً صباح أمس، أفادت فيه بأنها «أجرت وشركاؤها جرداً أولياً للأضرار التي لحقت بالتراث، ويساور المنظمة القلق بوجه خاص إزاء الوضع في مدينة حلب القديمة بسوريا، المدرجة في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، إذ تكبّدت القلعة أضراراً جسيمة، وانهار البرج الغربي لجدار المدينة القديمة، في حين تشقق وتصدع عدد من المباني في الأسواق. وعبرت «اليونيسكو» عن أسفها «لانهيار عدد من المباني في موقع التراث العالمي مثل قلعة ديار بكر والمشهد الثقافي لحدائق هيفسل في تركيا، الذي يُعد مركزاً مهماً للعصور الرومانية والساسانية والبيزنطية والإسلامية والعثمانية»، إضافة إلى ما سبق، تتخوف المنظمة الدولية من أن «تطال الأضرار أيضاً عدداً من المواقع الأخرى المدرجة في قائمة التراث العالمي والواقعة بالقرب من مركز الزلزال، ومن بينها (غوبكلي تبه) و(جبل نمرود) و(تل أرسلان تبه)".