عون: تطوير الشّعبة أولوية وهدف استراتيجي أكّد وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، الخميس، أنّه يجري «الإعداد الجيد» لتنفيذ ورقة الطريق المتعلقة بتطوير الهيدروجين المستوحاة من الإستراتيجية الوطنية لهذه الشعبة، مع تحضير كل الشّروط اللازمة لإنشاء مناخ بيئي واقتصادي جذاب لتجسيد ذلك. خلال إشرافه على افتتاح ورشة عرض وترويج الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين، بحضور وزيرة البيئة والطاقات المتجددة ووزير الصناعة والانتاج الصيدلاني ومحافظ الطاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية وإطارات القطاع ودبلوماسيين، أوضح عرقاب أنّه تمّ «الإعداد الجيد لتنفيذ ورقة الطريق لتطوير الهيدروجين، وتحضير كل الشروط اللازمة لإنشاء مناخ بيئي واقتصادي جذّاب من أجل تطوير هذه الشعبة، التي تمثل إحدى أولويات الحكومة». وأبرز في هذا الإطار أنّ «إمكانات الجزائر من الهيدروجين الأخضر، تعتبر جد هائلة ولديها جميع المؤهّلات للعب دور فاعل ورئيسي في سوق الهيدروجين الأخضر العالمي». وذكر عرقاب بتوجيهات رئيس الجمهورية في المجلس الوزاري المنعقد في ديسمبر 2022، ومخرجات مجلس الحكومة التي كان من بين أهم نقاطها وضع خارطة طريق لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين من خلال تحضير نظام بيئي ملائم لتطوير هذه الشّعبة، معتبرا أنّ تنفيذ أول خطوة في هذا الخصوص تتمثّل «في الترويج لهذه الإستراتيجية تماشيا مع خطّة الطريق المعتمدة». وهذا ما يعكس، يبرز الوزير، «الإرادة القوية والرّؤية المستقبلية للسّلطات العليا في البلاد فيما يخص إنتاج وتطوير الهيدروجين النظيف، واستثمار فوائده على المدى المتوسط والطويل، في كل النواحي الاقتصادية والبيئية». واعتبر عرقاب أنّ هذه الإستراتيجية ستكون بمثابة مرجع للجهات الفاعلة سواء الوطنية أو الدولية، حيث تمنحهم صورة دقيقة واستشرافية فيما يتعلق بالإجراءات والتدابير التي ستتبنّاها السلطات العمومية لتطوير قطاع الهيدروجين في البلاد. كما أضاف أنّه بانتهاج خطة الطريق المستوحاة من الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين «سنتمكّن من تجسيد هذه الرؤية إلى واقع ملموس وجعلها حقيقة مؤكّدة، نضمن بها مستقبلا أفضل لبلدنا وللأجيال القادمة». وفي هذا السياق، دعا الوزير إلى مجابهة جملة من التحديات وإيجاد الحلول المناسبة، خاصة تلك المتعلقة بالتمكن الصناعي والإتقان التكنولوجي، وبأقل تكلفة في كامل سلاسل القيمة، والعمل على تأمين سوق للمشاريع المستقبلية خاصة منها الموجّهة للتصدير. واعتبر أنّ من بين الحلول الممكنة إقامة شراكات إستراتيجية طويلة الأمد مع الشّركاء المهتمين بالتمركز في السوق العالمية لهذه الشعبة، ورفع تحدّي التمويل وتوفير الشروط الملائمة لإنجاح أي مشروع. من جهته، أكّد وزير الصّناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، أنّ الحكومة وضعت تطوير الهيدروجين «أولوية وهدف استراتيجي ضمن السياسة الاقتصادية الجديدة»، مشيرا إلى مختلف المؤهّلات التي تزخر بها الجزائر، بما فيه الطّاقة الشمسية، فضلا عن المزايا التي يمنحها قانون الاستثمار لتسهيل الفعل الاستثماري، وتسهيلات لتأسيس شراكات ومشاريع التعاون مع الشركاء الأجانب. بدورها، اعتبرت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فازية دحلب «أنّ خارطة الطريق المعتمدة تحدّد الخطوط العريضة لتطوير شعبة الهيدروجين، وتمكين الجزائر من أن تكون فاعلا أساسيا في مجال الطاقة». كما لفتت إلى «أنّ الهيدروجين الأخضر يأتي كفرصة للمساهمة في التنمية والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر»، مشيرة إلى أنّ الجزائر تطمح لتسريع انتقالها الطاقوي، وأنّ التّحدّي الطاقوي العالمي مرتبط بالتغيرات المناخية ممّا يستدعي، حسب قولها، تكثيف العمل بين قطاعها وقطاع الطاقة لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية. ومن جانبه، أوضح محافظ الطّاقات المتجدّدة والفعالية الطاقوية، نور الدين ياسع، أنّ «الإستراتيجية الوطنية لتطوير شعبة الهيدروجين تندرج في إطار رؤية شاملة تؤسّس لنظام طاقوي مرن ومستدام يحقّق للجزائر أمنها الطّاقوي على المدى البعيد، كما تسمح لها بتعزيز مكانتها ودورها المحوري في مجال الطاقة». وأضاف أنّ تنمية شعبة الهيدروجين، خاصة الهيدروجين الأخضر، «ستسمح بتسريع وتيرة إنجاز مشاريع الطاقات المتجدّدة، وتنويع مصادر الطاقة ضمن إستراتيجية واضحة المعالم لانتقال طاقوي سلس وتدريجي». تزويد السّوق الأوروبية ب 10 بالمائة من حاجياتها تستهدف خارطة طريق تطوير الهيدروجين تحويل الجزائر إلى رائد إقليمي ودولي في إنتاج وتسويق هذه الطاقة الجديدة، حيث تسعى لتزويد السوق الأوروبية ب 10 بالمائة من حاجياتها في أفق 2040، حسبما أفادت، الخميس، وزارة الطاقة والمناجم. ووفقا للبيانات المقدّمة خلال ورشة عمل نظمتها الوزارة خصّصت لعرض خارطة طريق تطوير الهيدروجين، فإنّ «الجزائر تطمح إلى الاستفادة من امكانياتها التقنية ومزاياها التنافسية لإنتاج وتصدير ما بين 30 و40 مليار كيلوواط ساعي، في شكل هيدروجين غازي وسائل وكذا مشتقاته، وتزويد السوق الأوروبية بحوالي 10 بالمائة بحلول عام 2040 من حاجياتها وبسعر بيع تنافسي للغاية». وأضاف نفس المصدر، أنّه بإمكان الجزائر، بفضل ذلك، تحقيق مداخيل سنوية تقدّر بحوالي 10 مليارات دولار. وتمّ التّأكيد أنّ الجزائر تطمح من خلال اعتماد خارطة الطريق هذه إلى جعل الهيدروجين شعبة إستراتيجية لبرنامجها للانتقال الطاقوي والتزاماتها المناخية. وتتمتّع الجزائر بالعديد من المزايا التنافسية، التي تسمح لها بتطوير الهيدروجين القادر على إطلاق ديناميكية اقتصادية، من حيث خلق فرص عمل مستدامة جديدة وتحقيق دخل إضافي بالعملة الأجنبية خارج المحروقات. ووفقا لخارطة الطريق، فإنّ تطوير قطاع الهيدروجين في الجزائر يمر بثلاث مراحل رئيسية انطلاقا من مرحلة البدء والتكوين (2023-2030)، ثم مرحلة التوسع وإنشاء السوق (2030-2040) ثم مرحلة التصنيع والتصدير (2040-2050). وفيما يتعلق بأنواع الهيدروجين التي تركز عليها الجزائر، تأخذ خارطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين المتجدد والنظيف بعين الاعتبار نوعين وهما الهيدروجين الأزرق (الناتج من عملية تحويل الميثان) والهيدروجين الأخضر (الناتج من التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطّاقات المتجدّدة). وسيتم إبرام شراكات دولية إستراتيجية تغطّي كامل سلسلة القيمة للهيدروجين، يؤكّد نفس المصدر الذي أشار في الوقت نفسه إلى ضرورة أن «تغتنم الجزائر فرص التمويل والمنح الدولية من أجل تجسيد هذه المشاريع في الواقع». ومع ذلك، فإنّ تطوير الهيدروجين سيعتمد على عدة عوامل - حسب الوزارة - على رأسها انخفاض تكلفة إنتاج الطّاقات المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، وتعزيز الشبكة الكهربائية لزيادة معدل ادماج الطاقات المتجدّدة، وأيضا انخفاض تكلفة إنتاج أجهزة التحليل الكهربائي (من 1000 دولار/كيلوواط إلى 400 دولار/ كيلوواط)، إضافة إلى تطوير تقنيات التخزين والنقل والبنى التحتية، وتطوير أسواق الهيدروجين التنافسية.