عنكوش ل «الشعب»: تعزيز المواقع وتفعيل مفاهيم السيادة والشراكة ومواصلة مسيرة التأثير اضطلعت الجزائر الجديدة بدور ريادي إقليمي ودولي، منذ تولي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، سدّة الحكم، سمح بتعزيز موقعها وتأثيرها في المنظمات العربية والإفريقية والدولية، انطلاقا من رصيدها التاريخي الحافل بالانتصارات الدبلوماسية، ودورها الفعّال على صعيد مناصرة الشعوب المستعمرة وتسوية الأزمات وتحقيق السّلم والأمن العالميَين استرجاع العصر الذهبي للدبلوماسية الجزائرية بحسب خبراء سياسيين، لم يكن بالأمر الهيِّن وسط ظرف دولي مستجد معقد جدا، تمخّض عنه حالة استقطاب حاد بين المحاور والأقطاب الدولية، وتفاعلات قارية وإقليمية شائكة ومتضاربة المصالح يطبعها الصراع المحموم على النفوذ وتحقيق المكاسب والمغانم على حساب الشعوب المستضعفة. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بسكرة، البروفيسور نور الصباح عكنوش، لل «الشعب»، أنّ العلاقات الدولية المستقبلية ستكون حُبلى بالتحديات الإستراتيجية، التي يتعين قراءتها منهجيا وفق رؤية الدولة الجزائرية لتغيرات النظام الدولي، وتحولاته البنيوية الصّعبة بناءً على المصالح الوطنية بعيدة المدى. وأوضح البروفيسور نور الصباح عكنوش، في حديث مع «الشعب»، أن عودة الوزير أحمد عطاف إلى وزارة الشؤون الخارجية تأتي في إطار سياقات إقليمية ودولية ستحدد طبيعة المرحلة القادمة من عمل الدبلوماسية الجزائرية التي ترنو من خلال تكثيف الاتصالات مؤخراً مع عدة فواعل رسمية عربية وإفريقية ودولية، إلى دعم المكاسب المتحققة وتعزيز المواقع وتفعيل مفاهيم السيادة والشراكة، والاستمرار في مسيرة التأثير المتعدد الأبعاد على صعيد وجاهة الجزائر ومكانتها العريقة في العلاقات الدولية. دور محوري ومفتاحي يعتقد الخبير السياسي نور الصباح عكنوش، أنّ القمة العربية القادمة بالرياض -المملكة العربية السعودية-، ستمثل امتدادا طبيعيا مع العمق التاريخي والسياسي المميّز للعلاقات الجزائرية السعودية في بُعدها القومي، لكونها تخدم قضايا الأمة العربية وجودية الطابع في القرن ال 21. أمّا على المستوى الدولي، مثلما أضاف محدثنا، تُعتبر زيارة الرئيس تبون إلى موسكو شهر ماي المقبل، قمّة تاريخية وقيمة إستراتيجية مضافة في إطار هندسة عالم جديد متعدد الأقطاب، وفي المستوى الأوروبي ستكون الزيارة الرئاسية إلى باريس المرتقبة مؤثرة جدا في مخرجات العلاقة مع فرنسا ومن حيث التوازن الدبلوماسي مع الغرب عموماً. وأشار عكنوش إلى أنّ المستويات الثلاثة المُشار إليها أساسية لتحليل طبيعة النسق الدبلوماسي الجزائري في المرحلة القادمة الهامة، بما سينعكس على محورية دور الجزائر المفتاحي في العديد من بؤر التوتر العالمية. قوة منتجة للحلول والقيم في ما تعلق بالأزمات وبؤر التوتر العالمية، يرى البروفيسور نور الصباح، أنّ الجزائر يُنتظر منها المساهمة في حلحلة ملف الأزمة الروسية الأوكرانية، باعتباره محطة موضوعية يُمكن من خلالها تفعيل مبدإ توازن العقيدة الدبلوماسية الجزائرية، والتأثير فيه كقوة دولية منتجة للحلول والقيم، وبما تحوزه من رصيد ثقة ومصداقية وأخلاق دولة سلام. وتابع قائلاً: «تبني الجزائر الجديدة بناءً على ذلك الرصيد خارطة طريق واضحة المعالم لاحتواء عدة فضاءات اقتصادية وسياسية وحضارية، وبناء شراكات إفريقية وشرق أوسطية وأمريكا لاتينية يحتاجها النظام الدولي في إدارة أزماته وتكوين مستقبله، وهو ما تدركه الدبلوماسية الوطنية وتقوم بتلبية حاجياته في إطار ثوابتي من جهة، وبراغماتي من جهة أخرى مميز لجودة أدائها». وقد توقع عكنوش صعودا لمنحنى نشاط الدبلوماسية الجزائرية في السنة الحالية، تماشيا مع إيقاع عالم سريع الحركة والتغيير، تُمثل فيه الجزائر بالعديد من القضايا الهامة عامل ضبط للإيقاع.