دعم المعاهد ومراكز البحث بكل الإمكانيات والوسائل دراسة لإعادة النظر في تنظيم القانون الأساسي والنظام الداخلي لاتحاد الفلاحين تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أول أمس، عن انطلاقة جديدة للفلاحة، يتحتم فيها استعمال "العلم وليس التقاليد" مع التفتح على الشراكة مع دول أجنبية تملك تجارب قوية في الميدان، وتخليص التنظيمات المهنية من العمل السياسي، وهو ما باركه مهنيون ومختصون، لتطوير قطاع استراتيجي هام، تعول عليه الدولة لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، وليس إبقاء البلد في تبعية للأسواق الخارجية، بالرغم من مقدرات الجزائر الغنية، التي تسمح بتطوير المنتوج المحلي وتشجيع استهلاكه، بدل منافسته بحاويات تستورد من وراء البحار خدمة للمصالح الخاصة الضيقة. وصف رئيس الجمهورية، في لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، المؤسسات القائمة على الفلاحة ب«المفلسة"، وقال "الفلاحة جيدة بدليل أن الفلاح الذي كان ينظر إليه على أنه حالة اجتماعية في وقت الإرهاب، أصبح منتجا في السنوات الأخيرة، كما أن بعض الولايات أصبحت متخصصة في إنتاج مواد كانت تستورد من اسبانيا، مثل العنب الذي أصبحت بومرداس رائدة في إنتاجه، ولكن المؤسسات القائمة على الفلاحة مفلسة لأن الفلاحة علما وليس تقاليد". وأعلن الرئيس تبون، عن انطلاقة جديدة للفلاحة، يتم استخدام فيها العلم، والتفتح على الشراكة الأجنبية، بحيث تم طلب "إنشاء مزارع مختلطة مع دول تملك تجارب فلاحية قوية، لإنشاء مزارع كبرى لتربية الأبقار حوالي 10 آلاف بقرة، ومزارع لإنتاج الحبوب"، كما كشف الرئيس عن طلب مخطط "حتى تترك الفلاحة للفلاحين، ولا يتقرر كل شيء في الوزارة، بل من طرف المنتجين وتحت إشراف الوزارة، وليس شخصا واحدا في الوزارة من يقرر مصير بلد بأكملها" مثلما قال. الباحث حلقة وصل بين المعلومة والفلاح وقالت حليمة خالد مديرة محطة البحث لمعهد الزراعات الصحراوية بورقلة، في تصريح ل«الشعب"، إن "الجزائر كبيرة جدا " مثلما قال رئيس الجمهورية، وتحتاج إلى طاقات أكبر، لذلك ينبغي دعم المعاهد ومراكز البحث بكل الإمكانيات والوسائل، لتسهيل عملها في الميدان، فسيارة أو اثنتين لمعهد يغطي 6 ولايات مهمة صعبة للتواصل مع كل الفلاحين. وذكرت خالد، أن المعاهد ومراكز البحث تحاول أن تكون متحينة مع التطورات التي تعرفها الفلاحة ولكن تحتاج إلى دعم كبير وتوفير شروط العمل اللازمة، لوصل الحلقة المفرغة بينها وبين الفلاح، وبين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية، مشيرة إلى أن السياسيات الجديدة المطبقة على مستوى القطاع، عن طريق حاضنات الأعمال، وتشجيع إنشاء المؤسسات الناشئة، وتجسيد بحوث التخرج، كلها تعتبر حلولا من أجل إشراك خريجي الجامعات والباحثين في الميدان، لأنهم في وقت ما كانوا بعيدين من الفلاح، واليوم يوجد البحث التقاربي، الذي يجمع الطالب الباحث، المعهد، والفلاح لتحقيق نتائج اقتصادية ايجابية في الميدان. فدور الباحثين في العلوم الفلاحية، حسب حليمة خالد هو إيجاد حلقة الوصل بين المعلومة البحثية، والفلاح، وترجمتها بطريقة بسيطة حتى نقوم برفع الإنتاج والإنتاجية، ونصل إلى مردود عال بتكلفة اقتصادية أقل، وتسيير جيد للموارد المائية والتربة، ودون إسراف في استخدام المياه، وهذا يأتي باستخدام العلوم والتقنيات الحديثة وبالتتبع الصحيح للمسار التقني، والتوزيع الجيد لحاجيات النبات من سماد ومادة عضوية. أما بالنسبة للمعدل الوطني لإنتاج الحبوب الذي يتراوح بين 15 إلى 20 قنطارا في الهكتار، فأرجعت ذلك إلى تأخر بعض الفلاحين في زراعته، أو إهمالهم التسميد الآزوتي، ولكن يمكن مثلما قالت "تطوير الفلاحة بالعلوم وليس تقليديا، بإتباع المسار التقني الصحيح لرفع المردود في نفس المساحة المزروعة إلى 45 قنطارا، والوصول إلى تغطية الاحتياجات الوطنية المقدرة ب 9 ملايين قنطار من الحبوب، وهذا يمكن تحقيقه". وتقتضي التقنيات الحديثة كذلك استعمال "درون" في مراقبة الزراعات، والاستعمال العلاجي، والإحصاء الحقيقي، سواء للأراضي الفلاحية أو للموارد أو للإنتاج، حتى لا يصبح الإحصاء عبثا، لأنه يمكن من خلال الإحصاء اقتراح أنواع المزروعات حسب نوعية التربة والمياه المتوفرة في كل منطقة، بمعنى يجب أن تكون طريقة تكاملية في اختيار المحاصيل حسب خصوصية كل منطقة، للوصول إلى مناطق إنتاج متخصصة، تستخدم الدورة الزراعية التي تساعد في إنقاص تكلفة التسميد وعلاج بعض الأمراض، فمثلا يقوم الفلاح بزراعة الحبوب، ثم بعدها بقوليات، وبعدها زيتيات، وهذا يسمح بالقضاء على الأمراض ورفع المردودية ودخل الفلاح والوصول إلى تحقيق الاكتفاء. أما المرشد الفلاحي التوهامي هيدور، فرأى أن تحقيق المردودية العالية في إنتاج الحبوب بالجنوب، يمكن أن يصل معدلات بين 80 إلى 100 قنطار في الهكتار خاصة بالنسبة للذرة الصفراء، بالنظر للمقومات التي تتمتع بها أدرار والولايات الجنوبية التي تسمح بذلك، ويمكن تحسين المردودية وتحقيق نتائج أفضل باستخدام المسار التقني الذي نوصي بها دائما، وإدخال الصفة البحثية إلى تطوير والتحكم في الوراثة بالنسبة للأصناف المحلية على الأقل لرفع إنتاجها وتكون على الأقل قريبة إلى المردودية التي تنتج في هذه الأراضي مقارنة بالمردودية للمعدلة الوراثية، وهذا سيرفع منحنى الإنتاج، ويخفض تكلفة استيراد هذه المادة بنسبة كبيرة. تخليص التنظيمات المهنية من العمل السياسي وأقر الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين عبد اللطيف ديلمي في تصريحه ل«الشعب"، أنه حان الوقت لتسيير القطاع الفلاحي بعقلانية، وتحقيق تحدي رفع إنتاج مواد إستراتيجية على رأسها الحبوب، القمح الصلب والقمح اللين، والشعير، وغيرها. وكشف ديلمي، عن إعداد دراسة لإعادة النظر في تنظيم القانون الأساسي والنظام الداخلي لاتحاد الفلاحين بحيث يصبح يضم الفلاحين والمربيين والمواليين والمستثمرين الناشطين في القطاع، والتخلص من العمل السياسي. وقال "اتحاد الفلاحين تنظيم نقابي حر، لا علاقة له بأي حزب، وكل عضو فردي، له الحرية في الانتماء إلى أي تنظيم سياسي، ولكن هدفنا اليوم تحقيق الأمن الغذائي المستدام، والعيش الكريم للمواطن الجزائريين وتوفير كل متطلباتهم من حليب، وخبز، ولحوم بأنواعها، وهذا واجب علينا". وأشار إلى أن تحقيق هذا الهدف، يقتضي توفير الإمكانيات للفلاحين، وأولها الأرض والماء، والتقنيات الحديثة لاستغلالها في توسيع المساحات المزروعة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من التبعية و«البابور" الذي سبب لنا مشاكل كبيرة. وأكد ديلمي أنه حان الوقت للنهوض بالقطاع من جديد، ومواصلة النشاط بالرغم من الجفاف وشح الأمطار، لمضاعفة الإنتاج بإتباع المسار التقني، ابتداء من الحرث العميق، مكافحة الأعشاب الضارة، استعمال الأسمدة والبذور الجيدة، لتحقيق نتائج جد مرضية، متوقعا تحقيق الاكتفاء الذاتي في ظرف عامين والاستغناء بذلك عن "الاستيراد" فالقضية مثلما قال "قضية إرادة رجال مخلصين، وجب عليهم التخلص من التبعية". إنشاء مجلس وطني أعلى للفلاحة والأمن الغذائي بدوره اعتبر رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة والأمن للغذائي كريم حسن، إعادة هيكلة اتحاد الفلاحين من القاعدة "أمرا ضروريا" لإحداث النهضة الفلاحية المنشودة، و ذلك بإشراك المختصين والخبراء في الفلاحة المهمشين لتحقيق الوثبة المنتظرة في القطاع. وأكد كريم حسن ل«الشعب" أن العلم هو أساس تطوير الفلاحة و لهذا سيكون للمجتمع المدني والمنظمات والجمعيات المهنية دور أساسي في إعادة بناء القاعدة من جديد، وهذا ما يتطلب النظر في اتحاد الفلاحين والغرف الفلاحية والصندوق الوطني للتعاون الفلاحي لأنهم المتسببون حسبه في فشل السياسة الزراعية التي تبنتها الدولة منذ بداية البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية وهذه التنظيمات مازالت كما هي لم تتغير وبقيت تراوح مكانها منذ أكثر من عشرين سنة. واقترح كريم، إنشاء المجلس الوطني الأعلى للفلاحة، لأن من شأن هذا الجهاز، أن يبني منظومة إحصائية لتوفير معلومات دقيقة وشاملة لكل المتغيرات في القطاع الفلاحي وتوضيح الرؤية الحالية والمستقبلية واحتياجات القطاع، ودعت إلى وسريع توزيع المحيطات الفلاحية للمهندسين الزراعيين والتقنيين، انجاز مخابر متطورة لقمع الغش والنوعية في ميدان البذور، وبناء نموذج إنتاجي بمختلف المتغيرات المؤثرة في الإنتاج الزراعي حسب المناطق الجغرافية، من أجل التحكم أكثر في طرق الإنتاج وتطويره.