تم سحب قرابة مليوني صحيفة سوابق قضائية رقم3 عن بعد، خلال السنة المنصرمة (2022)، بحسب ما أفاد به مدير الاستشراف والتنظيم بالمديرية العامة لعصرنة العدالة بوزارة العدل، مصطفى موجاج. وفي تصريح ل«وأج"، أوضح موجاج أنه بفضل انتهاج مسار الرقمنة، تم خلال السنة الماضية سحب 1.805.431 صحيفة سوابق قضائية رقم3 عن بعد، على المستوى الوطني و45.815 صحيفة أخرى سلمت للجالية الوطنية والأجانب الذين سبق لهم الإقامة وذلك على مستوى الممثليات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، بالإضافة إلى استخراج عدد من الوثائق، على غرار شهادة الجنسية، كما يمكن لأي مواطن جزائري استخراج نسخة طبق الأصل من مرسوم التجنس عبر الأنترنت مؤشر عليها إلكترونيا. وأبرز موجاج، أن هذه الإحصائيات تعكس نتائج التحول الرقمي الذي انتهجته وزارة العدل للرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن وإضفاء الشفافية أكثر عن تسيير الشأن القضائي، من خلال توظيف التقنيات الحديثة وإلغاء الدعامة الورقية تدريجيا. وفيما يخص خدمة الشباك الوطني الإلكتروني، أفاد السيد موجاج أن هذه الخدمة تتيح للمتقاضين ومحاميهم وموكليهم إمكانية الاطلاع عن بعد على مآل قضاياهم وسحب النسخ العادية للأحكام والقرارات القضائية من أية جهة قضائية عبر الإقليم الوطني، حيث تم إحصاء 381.012 عملية اطلاع على مآل القضايا، وتسليم 81.549 حكم وقرار صادر عن الجهات القضائية، خلال السنة الماضية. من جهة أخرى، يضيف نفس المسؤول، تم تطوير نظام آلي لتحصيل الغرامات والمصاريف القضائية والذي سهل من عملية تحصيل الغرامات والمصاريف القضائية المحكوم بها، وذلك انطلاقا من أية جهة قضائية عبر التراب الوطني. في سياق ذي صلة، تم إنشاء أرضية رقمية للمحامين تتيح لهم تبادل العرائض والمذكرات عبر الإنترنت، في القضايا المدنية على مستوى المجالس القضائية، انطلاقا من أي مكان وتجاوز النمطية في تسيير الجلسات التي تتطلب الحضور المادي بالمجلس القضائي، مع الإبقاء على الحضور في جلستي المرافعة والنطق بالقرار. تنظيم 40.666 محاكمة مرئية عن بعد كما كشف نفس المسؤول عن تنظيم 40.666 محاكمة مرئية عن بعد، منها 32.845 محاكمة على المستوى الوطني انطلاقا من المجالس القضائية و7.815 محاكمة انطلاقا من المحاكم، إلى جانب ست محاكمات دولية، فضلا عن تنظيم 648 محاضرة وورشة عمل عن بعد، مشيرا الى أن خدمة المحاكمات المرئية عن بعد أثبتت فعاليتها خلال فترة جائحة كوفيد-19 أين سهلت من عمل الجهات القضائية تفاديا لانتشار الوباء. وأضاف المتحدث، أن وزارة العدل استحدثت خدمة النيابة الالكترونية- الذي يتيح للمواطنين تقديم الشكاوى والعرائض عن طريق البوابة الالكترونية بموقع وزارة العدل- كما يتم إعلام المعني بمآلها والإجراءات المتخذة، حيث سجلت السنة الماضية 2.720 شكوى وعريضة عبر هذه البوابة. ويسعى قطاع العدالة -بحسب ذات المتحدث- إلى تحقيق "الاستقلالية التكنولوجية" عن طريق تطوير مختلف أنظمة الإعلام الآلي الجديدة، اعتمادا على كفاءات محلية من داخل القطاع وترشيدا للنفقات العمومية. وبهدف ضمان الوصول الآني للمعلومة إلى المعني وتحسين الإجراءات القضائية وتدعيم فعالية آليات التبليغ، اعتمدت الوزارة على تقنية التبليغ عن طريق الرسائل النصية القصيرة لإعلام الموطنين والمحامين، حيث تم إحصاء 2.858.143 رسالة نصية قصيرة في إطار الخدمات المختلفة للقطاع، وحوالي 746.121 رسالة نصية قصيرة على مستوى الجهات القضائية، خلال سنة 2022. من جهة أخرى، وفي إطار تسيير المؤسسات العقابية - يقول السيد موجاج- تم استحداث عدة آليات، أهمها نظام التسيير والمتابعة الآلية لشريحة المحبوسين الذي يتيح تتبع ملفات نزلاء المؤسسات العقابية وتوزيعهم والحصول على بطاقة خاصة بكل مسجون وقد تم تدعيمه بالنظام البيوميتري للتحقق من هوية المحبوسين عند الدخول والخروج المؤقت والنهائي. من نمط تقليدي إلى منظومة رقمية متكاملة تمكن قطاع العدالة بالجزائر، خلال السنوات الأخيرة، من تسجيل تقدم واضح في مسار الانتقال من النمط التقليدي إلى منظومة رقمية متكاملة سمحت بتسهيل المعاملات القضائية والإدارية أمام المواطنين والمتقاضين ومساعدي العدالة. ففي مسعاها لتطوير نظام التقاضي والارتقاء بمستوى الخدمة العمومية، تم، قبل سنوات، استحداث مديرية للعصرنة على مستوى وزارة العدل، عملت على التجسيد التدريجي لعملية التحول الرقمي، من خلال تحقيق جملة من الأهداف، أهمها "اعتماد منظومة معلوماتية مركزية للمعالجة الآلية للمعطيات الخاصة بالنشاط القضائي" و«تطوير أساليب تسيير الإدارة القضائية" وكذا "تعزيز الحقوق والحريات الفردية". وانتقلت عملية الرقمنة إلى سرعتها القصوى مع انتشار جائحة كوفيد-19، حيث أضحت مسألة الاعتماد على تكنولوجيات المعلوماتية لتسيير الحياة العامة بكافة أوجهها واقعا وليست مجرد خيار. فعلى غرار كافة القطاعات، عملت وزارة العدل، ضمن مشروع تجسيد الحكومة الالكترونية، على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، من خلال توفير الخدمات الرقمية في معاملاتها الإدارية والقضائية والقضاء، بالتالي، على الأرشيف الورقي عبر استبداله بالأرشيف الإلكتروني. وكان اعتماد تقنية التصديق والتوقيع الالكترونيين في المجال القضائي، من خلال استحداث مركز شخصنة الشريحة للإمضاء الالكتروني وإنشاء سلطة التصديق الالكتروني من أولى الخطوات التي تم انتهاجها في هذا الصدد، ما سمح بإصدار الوثائق الإدارية والمحررات القضائية بتوقيع إلكتروني موثوق. كما أضحى بمقدور المواطنين وأفراد الجالية الجزائرية بالخارج استخراج أغلبية الوثائق القضائية والإدارية عبر الأنترنت، ما أعفاهم من عناء التنقل إلى المجالس القضائية والمحاكم الإدارية المعنية. ومن بين هذه الوثائق، القسيمة رقم (3) لصحيفة السوابق القضائية وشهادة الجنسية، فضلا عن النسخة العادية من الأحكام والقرارات القضائية الموقعة إلكترونيا التي أضحى بإمكان المحامين استخراجها عن بعد، وهو نفس الأمر بالنسبة للنسخة العادية لقرارات المحكمة العليا ومجلس الدولة. كما تم، في الإطار ذاته، توفير خدمة تقديم طلبات التصحيح الالكتروني للأخطاء الواردة بسجلات الحالة المدنية. ومن بين الخدمات الأخرى التي أصبحت متاحة أمام المواطنين بفضل هذا التحول الرقمي، اعتماد آلية تحصيل الغرامات والمصاريف القضائية، تستند إلى نظام آلي متكامل وقاعدة معطيات وطنية، علاوة على أرضية للتكوين عن بعد، وأرضية "النيابة الالكترونية" الموضوعة تحت تصرف الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لتقييد الشكاوى أو العرائض وتقديمها أمام النيابة عن بعد. وفي ذات المنحى، لجأ قطاع العدالة إلى تكريس آلية إرسال تقارير الخبرة الممضاة إلكترونيا وتبادل الوثائق، إلكترونيا، بين الجهات القضائية والمصالح العلمية للضبطية القضائية، مع اعتماد آلية أخرى تسمح للجهات القضائية بإرسال الاستدعاءات إلكترونيا، عوض الطرق التقليدية، وإعلام المتقاضي بمآل قضيته وبمختلف المعلومات ذات الصلة بها. كما تتواصل حاليا رقمنة الملف القضائي في جميع مراحله، بما في ذلك التبادل الإلكتروني للعرائض خارج الجلسات، فيما اعتمدت تقنية التحاضر المرئي في تنظيم المحاكمات عن بعد، على الصعيدين الوطني والدولي، في خطوة ساهمت في التسريع من وتيرة الفصل في القضايا وتجنب تحويل المحبوسين. أما في الشق الخاص بتدعيم الحقوق والحريات الفردية، فقد تم استحداث مصلحة مركزية للبصمات الوراثية تشرف على عملية إنشاء قاعدة معطيات وطنية تشمل بصمات جميع المتابعين القضائيين ونزلاء المؤسسات العقابية، الغاية منها التسريع من عملية التعرف على الهوية وإضفاء المرونة على الإجراءات القضائية وكذا تفادي حالات انتحال الشخصية. على صعيد آخر، تم استحداث نظام آلي للإنذار بحالات اختطاف الأطفال، ما من شأنه كسب وقت لا يستهان به في معالجة هذا النوع من القضايا.